تغيير نمط العرض
مفضلاتي
01 فبراير, 2019
كلمة الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال الندوة الوطنية للتمرين الدارالبيضاء - 2019

سلام تام بوجود مولانا الإمام دام له النصر والتمكين،

اسمحوا لي أن أعبر لكم في مستهل هذه الكلمة عن عظيم اعتزازي بالمشاركة معكم اليوم في مراسيم هذا التقليد المهني المتميز ذي الأصول التاريخية الراسخة الممتدة عبر مئات السنين تقليد يعكس عراقة رسالة تقوم على قيم الشرف والنجدة والدفاع، مهنة النبلاء والعظماء الأفذاذ، المحاماة بكل جلالها ورمزية بذلتها الركن الأساس في بيت أسرة العدالة وأحد المكونات التي لا محيد عنها لتكريس دولة الحق والمؤسسات.

فهنيئا لنا جميعا بهذا الحدث المهني الكبير الذي يحمل الكثير من الأبعاد الأخلاقية والقانونية والتنظيمية، وكل عبارات الشكر والتقدير لجميع من ساهم في إعداده وتنظيمه، وأخص هنا بالشكر والثناء الفاضل المحترم السيد رئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب على كل ما تم بذله من جهد محمود ملحوظ أسبغ على هذا اللقاء كل عناصر التميز والتألق .

والشكر موصول لنقابة المحامين بالدارالبيضاء العتيدة التي تحتضن هذا اللقاء بكل أساطينها من النقباء والمحامين الذي خطوا إلى جانب باقي زملائهم بباقي نقابات المحامين بالمغرب، من خلال مرافعاتهم ونضالهم، ملاحم ما زالت ذاكرة العدالة تحتفظ بها بكل فخر واعتزاز من أجل نصرة الثوابت الوطنية والقيم الإنسانية الكبرى وكرسوا تقاليد يجب علينا جميعا اليوم الذوذ عنها والحفاظ عليها بنفس الإيمان العميق والعمل الجاد الطموح.

الحضور الكريم؛

لا يخفى على كريم عنايتكم أن عراقة المحاماة ورسوخ قيمها بقدر ما تشكل مقوم قوة وتميز فإنها أمانة ثقيلة وإرث كبير يجب الحفاظ عليه وتجديده.

اليوم أمام التحولات العميقة التي تعرفها المجتمعات والقيم وتعقد العلاقات وتشعبها، أصبحت المحاماة وممارسوها مطالبون بالإشتغال داخل منظومة هيكلية متطورة تنافسية قادرة على مواكبة التحديات، ومطالبون أيضا بتحصين الذات والمحافظة عليها من خلال التسلح بالأصول والتقاليد والقيم الأصيلة التي بناها أجيال من الرواد.

وهو ما يطرح أمامنا تساؤلات كبرى ترتبط في الصميم بالأمن القانوني والقضائي وبالحماية الواجبة للحقوق والحريات وبمقومات المحاكمة العادلة، وتفرض علينا إشكاليات واقعية حقيقية ذات ارتباط بمدى فعالية أشكال الممارسة السائدة اليوم لمهنة المحاماة ومدى قدرتها على تلبية الحاجيات وتحقيق الأهداف المرجوة.

إنه بقدر إحساسنا بحجم الإكراهات والضغوطات التي تعرفها ممارسة مهنة المحاماة اليوم فإننا مقتنعون أيضا بأن المحامي هو من يضع الخصومة في إطارها الصحيح ويساهم بشكل كبير في حلها من خلال مقالات احترافية مضبوطة ومذكرات ودفوع جدية مؤثرة.

ومكاتبكم بكل يقين هي الامتداد الطبيعي للمحاكم ومصدر ثقتها والخطوة الأولى من أجل عمل قضائي رصين متوازن.

فأنتم من يعيش يوميا معاناة الموكلين وآمالهم، وتمارسون دور المعالخ النفسي والتربوي والاجتماعي إلى جانب مهامكم القانونية والحقوقية.

وهذا ما يتطلب منا جميعا الانكباب بجدية على موضوع التكوين والتخليق والحكامة كأوراش أساسية ستقينا من كثير من المزالق والمطبات .

نحن أمام جيل جديد من المحاميات والمحامين متطلعون إلى آفاق رحبة واضحة، وأجواء سليمة منضبطة حتى تتفتق مواهبهم ويساهموا بدورهم في صناعة تاريخ المحاماة ومستقبلها.

جيل يجب أن يمكن من فرص للعمل والتكوين وتطوير القدرات حتى يكون في منأى عن الممارسات التي تمس بالثقة الواجبة في المهنة وفي ممارسيها باعتبارهم نخبة داخل المجتمع وباعتبارهم حماة للقانون ومدافعين عن الحق والعدالة .

 جيل يبرهن عن استحقاقه لحمل المشعل، ومقتنع بأن المحاماة رسالة قبل أن تكون مهنة أو مصدرا للعيش.

فهل مكاتبنا وطرق اشتغالنا وبرامجنا قادرة على القيام بالمطلوب من أجل تحقيق هاته الرؤية ؟

أعتقد أننا اليوم نحتاج إلى كثير من الصدق والحكمة والجرأة لتطوير الذات والانطلاق على أسس صحيحة وفق مقاربة إصلاحية شمولية.

الحضور الكريم؛

العدالة لن تستقيم إلا بجناحين قويين مستقلين متعاونين ناجعين هما القضاء والمحاماة وهو ما يلزمنا جميعا أن نكون نموذجا للإصلاح بخلق آليات حقيقية جادة للتواصل والحوار بيننا وتدبير الإشكالات والصعوبات اليومية بعيدا عن أي منطق غير المصلحة العامة وفي إطار من القيم والأعراف والتقاليد التي لا يجب التفريط فيها تحت أي ذريعة أو مسمى.

لقد شكلت سنة 2018 فرصة كبرى للسلطة القضائية لتعبر فيها عن اهتمامها الكبير بأسرة المحاماة كأولوية وكخيار استراتيجي وكشريك أساسي في محطة التأسيس والبناء التي يجب أن نخوضها معا جنبا إلى جنب بكل مواطنة وضمير مسؤول.

سنة نظمنا خلالها عددا من اللقاءات التواصلية الهامة مع السادة النقباء بمقر محكمة النقض ، كما شاركنا بكل تلقائية في عدد من المؤتمرات واللقاءات والندوات التي نظمت من طرف مجموعة من نقابات المحامين بالمغرب او من طرف اتحاداتها العربية والدولية بكل من مدن فاس ووجدة وأكادير والعيون والدارالبيضاء والرباط.

 محطات عبرنا فيها عن الروح الايجابية والثقة التي يجب أن تسود العلاقات بيننا وأكدنا فيها معا عن إرادتنا الصادقة لتجاوز كل العقبات من أجل بناء سلطة قضائية قوية ومستقلة.

 استقلال دافع عنه وناضل من أجله – للتاريخ- مجموعة من لزملاء والنقباء والذين سجلوا من خلال العديد من المواقف والمحطات الكبرى ، مناصرتهم للمبدأ ومساندتهم لزملائهم القضاة من أجل تحقيقه خدمة للمتقاضين وللعدالة ببلادنا .

واليوم الرهان معقود عليكم لتكون سنة 2019 محطة جديدة نواصل فيها هذا المشروع الإصلاحي بهمة عالية مستندة على قيمنا المشتركة وعلى رؤية ايجابية واضحة، وهو ما نحن عازمون على القيام به هذه السنة من خلال مبادرات ميدانية عملية منتجة، وتأكدوا أن أيدينا ستكون كما عهدتمونا دائما ممدودة أمام كل اقتراحاتكم ومشاريعكم الجادة وبرامجكم الطموحة.

السيدات والسادة الأفاضل؛

أجدد لكم اعتزازي وفخري بالمشاركة في هذا الحدث المتميز ذي الرمزية الكبرى والدلالات المتعددة إلى جانب نساء ورجال المحاماة الذين تعلمنا منهم الكثير في درب الوطنية ومسار العدالة ومحراب القيم .

وكل عبارات الشكر والثناء لكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء، مع الدعاء الخالص لأشغالكم بالتوفيق والسداد.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

العنوان

زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط

الهاتف
  • +212 537 73 95 40/41
  • +212 537 72 13 37
البريد الالكتروني الخاص بالأمانة العامة للمجلس

sg@cspj.ma

الهاتف الخاص بالشكايات
  • +212 537 91 93 05