بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه؛
باسم جلالة الملك أعلن عن افتتاح هذه الجلسة الرسمية؛
بفيض من الفخر والاعتزاز افتتح هذه الجلسة الرسمية السنوية التي تتشرف بانعقادها بإذن مولوي سامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية دام له العز والتمكين.
إذن مولوي عميق في رمزيته، قوي في دلالاته، تلقته بكل ابتهاج قلوبنا، ووضعناه وساما فوق صدورنا وعهدا على عاتقنا.
مكرمة ملكية من جلالته المنيفة، وهو يتولى هذه الأسرة برعايته السامية ضامنا لاستقلالها، محافظا على هيبتها وكرامة أفرادها، ومكرسا لأهمية رسالتها وأصالة قيمها.
إذن سامي يعبر بجلاء عن عناية ملكية راسخة ورضى موصول يرفع بهما قضاة المملكة هامتهم عاليا وشهادة تقدير لكل مجهوداتهم وعطائهم وتضحياتهم، لا نملك إزائهما إلا أن ندعوا العلي القدير أن يلهمنا الرشاد والسداد لنكون أحق بها وأهلها وأن يحفظ ملكنا الهمام ويكلؤه بعينه التي لا تنام إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ضيوفنا الكرام؛
إن مشاركتكم معنا اليوم بهذا التميز والحضور الوازن، أصدق تعبير وأكبر تقدير لرأسمال لامادي وطني هام هو قاضيات وقضاة المملكة، جنود العدالة المتسلحين بقوة القانون وبالنور الكامن في ضمائرهم، المرابطين بكل المراكز والمحاكم والمؤسسات واللجان، المنخرطين بكل مسؤولية في مشروع مجتمعي مقدام قوامه التطبيق العادل للقانون ونصرة الحق وضمان الحقوق والحريات.
باستجابتكم الكريمة لدعوتنا أيها السيدات والسادة الأفاضل تأكدون لنا معاني الثقة والأمل في مستقبل واعد مبني على قيم الوحدة والتضامن، فلكم جميعا أصحاب السعادة والفضيلة كل باسمه وصفته جزيل الشكر وعظيم الثناء.
الحضور الكريم؛
2018 كانت محطة جديدة من أجل مواصلة التأسيس و من العمل الوطني وأداء الواجب المهني المسؤول .
سنة ألزمتنا بكثير من الحكمة والجرأة من أجل تجاوز عدد من الإكراهات والإشكالات، لتكريس الاستقلال حقيقي للسلطة القضائية.
استقلال يوطد الثقة.
استقلال يضمن الفصل الواضح للسلط الذي يجب على الجميع القبول به ودعمه كخيار دستوري واقعي دون عرقلة أو تبخيس بعدما نال إشادة عالمية من مختلف دول العالم.
استقلال بمضامين التوازن والتعاون والمسؤولية .
استقلال يجعل القضاء أكثر قربا وأكثر إنصاتا، أكثر نجاعة وفعالية ، أكثر عدلا وإنصافا.
استقلال من أجل القيم الكبرى التي يقوم على أسسها هذا الوطن بتاريخه العظيم ومستقبله الذي يضع خطاه بتبصر وثبات جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
سنة 2018 على امتداد ساعاتها وأيامها بذل فيها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بكل مكوناته وأعضائه ولجانه وهياكله، مجهودات كبرى لا تخطئها عين كل متتبع موضوعي من أجل وضع الأسس الصحيحة وإرساء الممارسات الفضلى لمواجهة كل التحديات وتلبية كل الاحتياجات دون هوامش للخطأ أو التقصير.
وهنا لابد من باب العرفان توجيه كل عبارات الشكر والتقدير لكل السيدات والسادة الأفاضل أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية وكل العاملين به من قضاة وأطر وموظفين .
مع شكر وتقدير خاص للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الذي يعبر دائما عن إرادة حقيقية من أجل خلق أجواء ممارسة سلمية داخل أسرة العدالة قوامها الاحترام والتنسيق والتعاون.
الحضور الكريم ؛
لا شك أن لغة الأرقام والمعطيات الإحصائيات إن كانت مؤشرا لقيمة العمل المنجز وجودته وآثاره فإنها لن تعبر بكل يقين عن كل الجهود التي حرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية على بذلها خلال سنة2018.
سنة حرصنا فيها على الاشتغال من خلال أوراش متعددة متوازية سأعرض أمامكم بعض تفاصيلها وخلاصاتها، لكن تأكدوا أنها كقمة جبل الجليد الذي لا يرى إلا الجزء اليسير منه.
واستهل بورش الهيكلة والتخطيط الاستراتيجي: وفيه أذكر بالمحطات التالية:
ثانيا: ورش تكريس الضمانات في تدبير المسارات المهنية للقضاة.
لقد تطلبت منا السنة التي ودعناها عقد أكثر من (36) اجتماعا عاما وساعات طوال من العمل كمجموعات أو داخل اللجان الدائمة أو الموضوعاتية من أجل ضمان تدبير أمثل ومنصف للمسارات المهنية للقضاة.
وقد ظهرت هذه الديناميكية جلية من خلال :
السادة المسؤولين القضائيين؛
إن الرهان معقود عليكم اليوم والأكيد أن ثقتنا كبيرة في قدراتكم ومؤهلاتكم وعزيمتكم لتكونوا المسؤول القضائي الذي يستحقه مغرب التنمية والأرواش الكبرى..
لقد ولى عهد المسؤول الذي يلازم كرسيه ويغلق عليه أبواب مكتبه ، المسؤول القضائي يجب أن يبني جسورا للتواصل ويحصن عمله بالقيم والممارسات الفضلى ويكرس روح الفريق الواحد قضاة وكتابة ضبط ومهني العدالة.
السيدات والسادة الأفاضل؛
سنة 2018 عرفت أيضا تدبير المسارات التالية:
* تعيين 218 من القضاة الجدد المنتمين للفوج 41، بمختلف محاكم المملكة، بعدما أدوا اليمين في جلسة رسمية متميزة بمقر محكمة النقض تعبيرا عن تقليد أصيل نكرس به المكانة الواجبة لهذا الجيل الجديد من قضاة المملكة.
* مساهمتنا في تدريب الملحقين القضائيين المنتمين لفوجي 42 و43 الذي يبلغ مجموعهما (280) من أجل ضخ دماء جديدة وتعزيز الرصيد البشري للسلطة القضائية.
وهنا لا بد من التأكد على أننا لسنا في حاجة إلى " تقنيي قانون" بل إلى شخصية القاضي بحمولاتها وأخلاقياتها، بتكوينها وجرأتها واستقلاليتها وهو ما لم يتحقق للأسف بالشكل المطلوب والمرغوب.
المعهد العالي للقضاء مدعو اليوم إلى الانكباب بكل جدية من أجل إيجاد الحلول والآليات لهذا الإشكال المحوري الذي نوليه الكثير من الحرص والاهتمام، والذي لن يستقيم إلا بإشراف السلطة القضائية على رئاسة المعهد العالي للقضاء .
* حفاظنا على كفاءات قضائية نعتبر خبرتها وصنعتها ثروة يصعب تعويضها أو التفريط فيها، حيث استجاب المجلس لعدد هام من طلبات تمديد سن التقاعد وهو ما يطالبنا بضرورة وضع تصور للمستقبل يضمن توفير الخلف المؤهل لتحمل هذه الأمانة الثقيلة.
* عنايتنا الكبيرة بتظلمات بعض السادة القضاة بخصوص ترقياتهم وتعيناتهم التي بلغ عددها 15 واستجبنا بكل تلقائية لعدد منها ممن كان موضوعيا وموافقا للقوانين والأنظمة.
ثالثا: ورش التخليق.
لا شك أن السلطة القضائية التي نريدها اليوم، هي سلطة تكون صمام أمان يمنع الانحراف ويقوم الإعوجاج.
سلطة تتفاعل بضمير مسؤول مع التوجهات الملكية السامية لإصلاح العدالة ومكافحة الفساد وحماية المال العام وصون المكتسبات وضمان الحقوق والحريات .
وفي هذا السياق، فقد تم القيام بما يلي :
وهنا لابد من التأكيد على السادة المسؤولين القضائيين بالدوائر الاستئنافية بضرورة إيلاء هذا التفتيش اللامركزي كل العناية والجدية ، ومواكبة كل التفاصيل والجزئيات وتتبع ورصد مختلف المؤشرات وقرائتها بحكمة وحرفية وإعداد تقارير موضوعية تساعد المجلس في إنجاح هذا الورش الكبير.
- دراسة ومعالجة (6376) شكاية وإحالتها على الجهات المختصة، فضلا عن إحالتنا ل 198 شكاية على المفتشية تمت دراسة 176 منها.
وهنا لا بد من التأكيد على أنه بقدر حرصنا على تكريس قواعد الشفافية ومبادئ المسؤولية والمحاسبة فإننا بالمقابل لن نتساهل أمام الشكايات الكيدية التي تتم بسوء نية بغرض التأثير أو الضغط والتشويش.
- وقد عرفت سنة 2018 إحالة لأربعة وعشرون (24) قاضيا في إطار مسطرة التأديب بعد دراسة متأنية لتقارير المقررين، في حين تقرر الحفظ في حق 6 آخرين.
وقد سهرنا في كل هذا على أن تمر الملفات التأديبية للقضاة في إطار من الضمانات الدستورية والقانونية التي تفعل قواعد المسؤولية والتأطير والتخليق والتوجيه والتقويم وتوزعت العقوبات بين العزل والإنذار وعدم مؤاخذة قاضيين وتعميق البحث في حق واحد.
اليوم، لا أحد فوق المحاسبة ولا مجال للإخلال بالثقة العامة وعزمنا أكيد على مواجهة كل الحالات الشاذة التي قد تسيء إلى الصورة العامة للقضاء بقدر عزمنا على تشجيع كل الطاقات المبدعة والعلامات المضيئة التي تنير سماء العدالة ببلادنا .
رابعا: ورش التواصل.
وهو من المحاور الأساسية التي حرصنا على إيلائها عناية كبيرة بالنظر إلى أن السلطة القضائية لا يمكن أن تكون شأنا خاصا بالقضاة وإنما شأن عام يحق للجميع المساهمة فيه بكل مواطنة.
وفي هذا السياق ؛ فقد عقدنا سنة 2018 لقاءات تواصلية مشتركة مع كل المسؤولين القضائيين وجميع نقابات المحامين بالمغرب والجمعيات المهنية القضائية في جو من الحوار المسؤول لبناء الثقة والانطلاق نحو المستقبل وفق برنامج محدد وآليات عملية ناجعة.
خامسا: ورش الديبلوماسية القضائية.
إن فوزنا بهذه المناصب المتميزة خلال هذه السنة جاء لتأكيد المكانة التي يحظى بها المغرب عالميا كتجربة متفردة ذات آفاق كبرى.
تقدير بدى جليا أيضا من خلال توشيح مملكة بلجيكا لرئاسة المجلس بأعلى وسام شرفي وهو وسام ليوبولد 2 اعتبارا للمجهودات الكبرى المبذولة في مجال التعاون القضائي الدولي.
وهي كلها مؤشرات تعبر عن ثقة دولية نعتز بها وهي رسالة واضحة لكل من يريد بكل أسف عرقلة هذه التجربة داخليا وتبخيس مجهوداتها.
لكننا مصممون بكل عزم على مواصلة المسيرة بنفس الصدق والوطنية والإصرار ، مؤمنين بأن هذه العراقيل لن تزيدنا إلا يقينا بأننا نسير بخطوات ثابتة في الاتجاه الصحيح.
سادسا:ورش الشراكة.
وهنا لا بد أن نسجل ما يلي:
أولا: لا بد أن نعلنها بكل صراحة، لم نلمس وجود مقاربة تشاركية فعلية في العديد من المحطات والمناسبات، فرغم تجاوب المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع كل المبادرات التي توصلنا بها من أجل تجويد النصوص وتكريس الأمن القانوني حيث قمنا بتشكيل لجان لدراسة مشاريع القوانين المتعلقة بالمسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والتحكيم والوساطة الاتفاقية والطب الشرعي، إلا أن عددا من هذه المبادرات لم تأخذ اقتراحاتنا - المبنية على تجربة كبيرة وممارسة عملية - بالجدية والموضوعية المطلوبة.
فضلا عن أن العديد من مشاريع القوانين التي تهم الشأن القضائي لا نتوصل بها و لا تتم إحالتها علينا مما سيحول بكل يقين من التوفر على رؤية عملية متكاملة التي ستدعم بكل تأكيد دولة الحق والمؤسسات وتتيح للقضاة تطبيق نصوص أكثر دقة ومهنية وإنصافا.
ثانيا: ومساهمة منا في الحقل المعرفي القانوني والمهني ، فقد فتحنا خلال سنة 2018 مجالات واسعة لقضاتنا حيث أعطى 120 منهم دروسا ومحاضرات بمختلف الجامعات والمعاهد بالمملكة وهم في ذلك يساهمون في تكوين عملي متين لطلبتنا ويؤهلونهم لخوض غمار الحياة المهنية بكل يسر وسلاسة، كما أطر 238 قاض عددا من الدورات التكوينية والأيام الدراسية والندوات العلمية، فضلا عن المشاركة الوازنة ل 44 قاض في مؤتمرات ولقاءات دولية إضافة إلى مشاركة 9 قضاة في برامج إعلامية مختلفة.
ثالثا: تعييننا ل 35 قاضيا لعضوية بعض المجالس واللجان أو رئاستها أذكر منها المجلس الوطني للصحافة وهيئة أطباء الأسنان الوطنية واللجنة التي تشرف على امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة ولجنة امتحانات الملحقين القضائيين وغرفة التحكيم الرياضي، فضلا عن القضاة الملحقين بعدد من الوزارات والسفارات والمؤسسات الوطنية.
رابعا: الفقه القضائي تعزز بإنتاج 36 قاض لإصدارات قانونية متميزة، إضافة إلى المقالات والدراسات الغريزة لعدد كبير من القضاة المنشورة بالمجالات الورقية والالكترونية الرصينة، هذا دون إغفال المساهمة السنوية الكبيرة لمحكمة النقض في إنتاج المعرفة القضائية من خلال إصداراتها المتنوعة التي وصلت إلى معدل يفوق إصدار ا واحدا عن كل شهر، وفتحها لأبوابها أمام كل الباحثين والطلبة الذين وصل عددهم هذه السنة إلى حوالي (12735) زائر.
وهذا ما يفسر الإقبال الكبير الذي يعرفه رواق السلطة القضائية بالمعرض الدولي للكتاب الذي شهد سنة 2018 لقاءات علمية تواصلية مفتوحة بين عموم الجمهور ورؤساء غرف محكمة النقض ، وهي مناسبة ادعوا فيها الجميع إلى تشريفنا بزيارة رواقنا بالمعرض هذه السنة والإطلاع بالملموس على كل هذه الجهود، والحضور لفعاليات الندوة التي ستنظمها بالمناسبة تحت عنوان: " القضاء ضمانة للحقوق والحريات " .
الحضور الكريم؛
تفاصيل كثيرة لا يسمح الحيز الزمني بعرضها وتحليلها، لكن ما بسطناه باقتضاب يؤشر على إرادة حقيقية من أجل خلق دينامية جديدة وإعطاء انطلاقة صحيحة فعلية لورش التأسيس.
شرف التأسيس الذي يلزمنا بكثير من التضحية ويفرض علينا الصبر من أجل تغيير العقليات والممارسات لتستوعب المستجدات وتتأقلم مع التغيير وتنكب على العمل والمشاركة الايجابية دون تبخيس أو عرقلة أو تشكيك .
نحن اليوم في موعد مع التاريخ لن نخلفه، وأيدينا ستكون دائما ممدودة لكل المقترحات الجادة وأبوابنا مفتوحة لكل الآراء والانتقادات والملاحظات دون إساءة أو تطاول أو تدخل غير مقبول، وهي أمور تعد خطا أحمر لن نتساهل في مواجهتها حفاظا على أخلاقيات هذا المشروع المجتمعي الكبير.
الحضور الكريم؛
لقد كان اختيارنا هذه السنة لشعار " القضاء ضمانة للحقوق والحريات" مستندا على معطيات وأرقام واجتهادات قضائية متميزة تعبر بكل جلاء عن فلسفة ومضمون هذا الشعار .
فقضاة محاكم الموضوع بالمملكة البالغ عددهم (2791) قاضيا أصدروا سنة 2018 (3.172.202) حكما أي بزيادة قدرها 16% مقارنة بالسنة الماضية، ووصل متوسط المحكوم عند كل قاض إلى (1137) حكما في السنة أي بزيادة قدرها 18% .
كما سجلت سنة 2018 زيادة في نسبة القضايا المسجلة بهذه المحاكم تقدر ب 17.5% وانخفض الرائج بنسبة 1.5%مقاربة بسنة 2017 .
أما على مستوى محكمة النقض ، فقد استطاعنا خلال سنة 2018 تحقيق نتائج مهمة متميزة رغم كل الإكراهات حيث سجلنا تزايد كبير في نسبة القضايا المسجلة بالمحكمة وصل إلى 80 % ما بين سنتي 2011 و 2017 وهو رقم بقدر ما يؤشر على إقبال المتقاضين المتزايد وثقتهم الكبيرة في عدالة ونجاعة محكمة النقض ، إلا أنه يدعو إلى ضرورة الإسراع بالاستجابة لمطلبنا في وضع حواجز قانونية تمنع الطعون في عدد من القضايا البسيطة التي تستهلك كثيرا من الجهد.
كما سجلنا ثباتا في تزايد نسبة المحكوم الذي وصل سنة 2018 إلى (39911)قرارا ، ثبات في المردود رغم النزيف الذي تعرفه محكمة النقض بمغادرة عدد هام من قضاتها بسبب التقاعد، ودخول جيل جديد من القضاة لرحابها الذين يجب أن يمنح لهم الوقت الكافي للاندماج في ديناميكية عمل وصنعة قضاء النقض.
ورغم كل هذا، فقد استطعنا أيضا تفعيلا للحق الدستوري المتعلق بالتقاضي داخل أجل معقول أن نصل إلى نسبة 73 % من القضايا يتم البت فيها داخل أجل أقل من سنة .
وهي أرقام في مجموعها لا تحتاج إلى دليل لكن في تفاصيلها وجزئياتها تطالبنا بإعمال الكثير من الدراسات والتحليلات ومنها ضرورة الاهتمام بخلية الإنتاج القضائي الأولى ،وهي المحاكم الابتدائية التي تصل إلى حوالي 84.6 % من مجموع القضايا المسجلة بمختلف الدرجات.
اهتمام بالعنصر البشري من مسؤولين قضائيين وقضاة خاصة وأنهم من الجيل الجديد، الذي يحتاج الكثير من الدعم والتشجيع والعناية بأطر وموظفي كتابة الضبط العمود الفقري للعدالة وإيجاد إمكانات إدارية ومادية تلبي شروط النجاعة القضائية والحكامة الإدارية.
ولهذا فإننا لا نزال نصر على ضرورة التحلي بالموضوعية عند التفكير في تدبير العلاقات داخل المحاكم، وتنظيم آليات الاشتغال بين كافة مكونات الفعل القضائي من أطر وموظفين وخبراء وضابطة وكافة مهنيي العدالة.
علاقات يجب أن تتسم بالتعاون الحقيقي والتضحية وروح الفريق ،وحل المشاكل بعيدا عن الانتماءات أو الميولات التي لا مكان لها داخل جسم الأسرة الواحدة أسرة العدالة والقضاء وبعيدا عن المزايدات .
إن القاضي لا يعلن إلا نتيجة عمل الآخرين ولكن للأسف يحمله البعض هذه النتيجة لوحده، ونحن لن نقبل أن تعلق الأخطاء والتجاوزات على مشجب القضاء.
لن يكون هناك أي تطوير لمرفق العدالة دون إصلاح جذري عميق موضوعي لكل المهن القضائية وهنا لابد من الإشارة إلى أنني كلفت أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية بإعداد دراسات لتشريح وضعية هذه المهن وتقديم اقتراحات وتصورات بشأنها، وعزمنا أكيد على المساهمة في هذا الورش بكل الجدية المطلوبة.
الحضور الكريم ؛
لا شك أن المتتبع للعمل القضائي سيرصد بكل وضوح الحمولة الحقوقية التي نحاول بلورتها وتجسيدها من خلال قرارات مبدئية تكرس الحماية القضائية للحقوق والحريات وتجسد الانخراط الحقيقي للقضاة في مسيرة الإصلاح بمقاربة واقعية مقاصدية تستهدف تحقيق الأمن القانوني والقضائي.
هذه نماذج لبعض قرارات وتوجهات محكمة النقض التي سمح الحيز الزمني الضيق استعراضها ، وتلزمنا بالتنويه عاليا بقضاتنا الأجلاء وبحرصهم على أداء الأمانة بكل ضمير وإخلاص، فلهم منا عظيم التقدير وعظيم الامتنان.
كما أوجه كل عبارات التنويه والتقدير لكافة أطر وموظفي كتابة الضبط الذين يعدون أساس نجاح العمل القضائي والإداري في شخص رئيس كتابة الضبط.
كما أغتنم هذه المناسبة لنكرس قيم الوفاء والاعتراف بالفضل لأهله، قضاة أفذاذ ومدارس في الصناعة العلمية والفقهية قضاتنا الرواد الذين غادروا قاعات المحاكم ومنهم من غادرنا إلى دار البقاء، لكنهم ما غادروا قط وجداننا فلهم منا صادق الدعاء بأن يتقبل الله منهم صالح أعمالهم ويجازيهم الجزاء الأوفى.
وفي ختام هاته الكلمة اسمحوا لي أن أعبر لكل الأسرة القضائية ، قضاة وموظفين، كل باسمه وصفته، عن شكري وتقديري لكل ما بذلوه طيلة السنة من مجهودات كبيرة وما أبانوا عنه من إخلاص وعطاء بروح الفريق الواحد مستهدفين رضى الله وخدمة هذا الوطن، وأدعوهم إلى مواصلة المسيرة بنفس العزيمة والإصرار على الرقي.
يقول عز وجل في محكم كتابه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) . صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma