موجب الإحالة: الإخلال بالشرف والوقار والأمانة 13/10/2020
قضية السيد (س)
******القاضي بالمحكمة للابتدائية ب
*******:قرار عدد
أصل القرار المحفوظ بأمانة المجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 26 صفر 1442 ه، الموافق لـ 13 أكتوبر 2020
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مصطفى فارس الرئيس المنتدبإن للمجلس الاعلى السلطة القضائية، وعضوية السادة محمد بنعليلو – أحمد الغزلي-محمد أمين بنعبد الله- هند أيوبي إدريسي-أحمد الخمليشي-الحسن أطلس-حسن جابر-ياسين مخلي-ماجدة الداودي-عادل نظام-محمد جلال الموسوي-عبد الكريم الاعزاني- حجيبة البخاري-عائشة الناصري.
وبمساعدة السيد مصطفى الابزار الأمين العام للمجلس الأعلى السلطة القضائية
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
بناء علو مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية 1437 (24 ماير 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017.
:ملخــص الوقائـــع
بناء على التقرير المنجز من طرف المفتشية العامة القضائية بتاريخ 27/12/2019، المستند على كتاب السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب*****، والذي جاء فيه أن السيدة (أ) صرحت أنها فوجئت يوم 17 أكتوبر 2019 بعدم إدراج ملفها في الجلسة، وبعد ربطها الاتصال بكاتبة الجلسة السيدة *****، أخبرتها هذه الأخيرة أن الملف بمكتب القاضي، وأن عليها إذا أرادت الحكم لفائدتها أن تقدم له رشوة بمبلغ عشرين ألف درهم للقاضي، وأنها بعد اتصالها بالرقم الأخضر، أحضرت المبلغ المتفق عليه، ورافقتها الكاتبة المذكورة إلى مكتب القاضي، وبعد أن اطلع الأخير على ملفها، أخبرها أنه سيتم إخراجه من التأمل بناء على طلبها، فسلمته مبلغ 20 ألف درهم بحضور الكاتبة المذكورة، ثم انصرفت رفقة هذه الأخيرة، وقام القاضي بإغلاق المكتب، ولم يقم بفتحه رغم محاولات ضباط الشرطة القضائية ونائب الوكيل العام للملك الذي كان يراقب العملية، إلا بعد أن تخلص من المبلغ برميه من النافذة، حيث تسلمه الموظف بشعبة حوادث السير السيد *****، الذي ضبط المبلغ بحوزته، والذي صرح أن القاضي اتصل به هاتفيا وطلب منه الحضور إلى باب مكتب المحجوزات، وأنه لما وصل هناك سمع القاضي يناديه من النافذة، ورمى إليه شيئا ملفوفا في قطعة بلاستيكية، ولما تفحصه تبين له أنه مبلغ مالي في ظرفين، مضيفا أن القاضي المذكور طلب منه أن يحتفظ بالمبلغ في جيبه أو في سيارته، وفي طريقه تم ضبطه من طرف الشرطة التي كانت تراقب عن بعد وبحوزته المبلغ المذكور.
وعند الاستماع للقاضي (س) من طرف المفتش العام للشؤون القضائية ، صرح أنه بعد انتهاء جلسة حوادث السير التي يرأسها بتاريخ 17 أكتوبر 2019 ، توجه نحو مكتبه ، فإذا به فوجيء بالمشتكية تستفسر عن مآل ملفها لعدم إدراجه بالجلسة، فأرشدها للتوجه إلـى كتابة الضبط لتسأل عن ملفها، إلا أنها رجعت إلى مكتبة لتخبره أن كاتبة الضبط لم تعثر على الملف، وقدمت نفسها على أنها دكتورة في الطب وأنها تركت عيادتها، فتسلم منها الاستدعاء وتبين له منه أن ملفها تحت عدد ***** مدرج بجلسة اليوم، فطلب منها مجددا التوجه من جديد إلى كتابة الضبط قصد الاستفسار عن مآل ملفها، وكان ذلك أول وآخر لقاء له معها ، وبعد مرور مدة وجيزة أخبرته إحدى الموظفات بأن ملف المشتكية أدرج بنفس الجلسة وتم حجزه للتأمل، وأنه بعدما أحضر كاتب الضبط الملفات، عثر على ملف المشتكية ضمن الملفات المحجوزة للتأمل لجلسة 24أكتوبر2019، موضحا أنه أرسل المشتكية إلى الموظفة السيدة ***** التي كانت تتولى تحيين الملفات رقميا بدل كاتب الجلسة.
وأنه يوم 23 أكتوبر 2019، بينما كان بمكتبه، تقدمت إلى مكتبه الموظفة ***** رفقة المشتكية وأخبرته أن هذه الأخيرة تستفسر عن ملفها، فتبين له بعد البحث أن ملفها مدرج في التأمل، وأنه من ضمن الملفات التي تم وضع طلب إخراجها من التأمل من طرف دفاعها وكذا دفاع المطالبين بالحق المدني، فبدأت تناقش معه التهم المنسوبة إليها، فأجابها أنه يتعين إثارة دفوعها بالجلسة، وطلب منه الانصراف، وتوجه إلى خزانة مكتبه، ليفاجئ ء بأنها ظلت تردد أن الطبيبة ***** قاتلة، وتطلب منه وجهة نظره حول ملفها، فطلب منها بحدة وانفعال الانصراف، وبعد مغادرتهما مكتبه، توجه نحو الطاولة التي توجد بها الملفات، فوجد أن ملف المشتكية لازال موضوعا على الطاولة، فأخذه لوضعه ضمن مجموعة الملفات التي سيتم إخراجها من التأمل ففوجئ ء بوجود ظرفين تحت الملف المذكور تظهر منه أوراق مالية بقيمة 20 ألف درهم، فأصيب بصدمة، وفتح باب مكتبه في الحين ونادى على الموظفة ***** ليستفسرها عن الأمر، إلا أنه لم يتلق أي جواب، فأغلق باب مكتبه، ونادى عليها بواسطة هاتفه عدة مرات دون جدوى، كما اتصل بكاتب الضبط السيد ***** مرتين للبحث عن الكاتبة، إلا أنه لم يعثر عليها بدوره، فطلب منه هاتفيا بحكم تواجده ببهو المحكمة أن يتوجه نحو أسفل نافذة مكتبه المتواجد بالطابق الثاني لتسلم كيس وضع فيه الظرفين الحاملين للمبالغ المالية الذي سيلقي به، قصة تسليمه لكاتبة الضبط السيدة *****، وكان ينوي الالتحاق بها قصد استفسارها عن مصدر الظرفين اللذين عثر عليهما.
وإنه معتاد على إغلاق باب مكتبه، ولهذا لم يقم بفتحة، مضيفا أنه سمع أحدا يطرقه، دون أن يقدم نفسه، وأن المشتكية لم تسلمه أي ظرف، وأن ما جاء في تصريحها غير صحيح.
وبناء على التقرير المنجز من طرف المقرر السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** بتاريخ 24 فبراير 2020.
وبناء على مقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إحالة السيد (س) على انظاره لجدية ما نسب إليه.
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي الخاصة بالسيد (س) والتي تم وضعها رهن إشارته.
وبناء على الاستدعاء الموجة السيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 1 أكتوبر 2020 والذي توصل به بحسب ما هو ثابت من خلال شهادة التوصل المدلى بها في الملف.
وبجلسة 01 أكتوبر 2020 حضر السيد (س) والتمس مهلة لإعداد الدفاع، فتقرر تأجيل الملف لجلسة 13 أكتوبر 2020، والتي حضرها القاضي موضوع المتابعة، وحضر لمؤازرته الأستاذ ***** المحامي بهيئة *****، وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي، وأنه مستعد لمناقشته، وقدم المقرر السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ***** تقريره بخصوص القاضي المتابع، وبعد ذلك تم الاستماع إليه وأدلى بأوجه دفاعه.
:وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالشرف والوقار والأمانة.
وحيث التمس السيد (س) بواسطة دفاعه الأستاذ *****، الحكم بإرجاء البت الى حين صدور قرار الغرفة الجنحية.
وحيث أنه لا تحول متابعة القاضي جنائيا دون متابعته تأديبيا.
وحيث أن إيقاف البت في المتابعة التأديبية يتوقف على الحالة التي يتحقق فيها اتخاد الفعل المعتبر بمثابة مخالفة تأديبية مع الفعل الجرمي سواء من حيث الوصف أو المضمون.
وحيث ان طلب إيقاف البت المؤسس على الطعن في أمر السيد قاضي التحقيق، القاضي بمتابعة السيد (س) من أجل الارتشاء، يبقى غير مستند على أي أساس قانوني سليم، مادام أن أساس المتابعة التأديبية المتمثل في الإخلال بالشرف والوقار والأمانة، يختلف عن وصف ومضمون المتابعة المسطرة بمقتضى السيد قاضي التحقيق عدد ***** وتاريخ22/11/2019وهو ما يجعل الاختلاف بينا بين أساس المتابعة التأديبية المستندة على الأفعال التي قام بها السيد (س) ، والمتمثلة في إفشائه لوجهة نظره بشأن طلب إخراج الملف من التأمل المقدم من طرف المشتكية، وكذا رميه للظرفين المحتويين على مبالغ مالية لكاتب الضبط السيد ****** من نافذة المكتب من جهة، وبين أساس المتابعة الجنحية المبنية على جنحة الرشوة، وفي هذا الاتجاه جاء قرار محكمة النقض تحت عدد ***** المؤرخ في 04-3-2009 في الملف الإداري عدد ***** "لكن حيث أنه إذا كانت الأدلة في نطاق القانون الجنائي غيرها في حالة المخالفات التأديبية، فإن ذلك رهين بعدم اتخاذ الإدارة لقرارها التأديبي بناء على الأفعال التي أدت إلى المتابعة الجنائية".
وحيث أنه، وبثبوت التباين الواضح بين أساس المتابعتين التأديبية والجنحية، لا على مستوى الوصف ولا المضمون، فقد قرر المجلس رد الدفع بإيقاف البت، ومناقشة الأفعال التأديبية المنسوبة للقاضي (س)، للعلل الواردة أعلاه.
وحيث صرح القاضي (س) خلال جميع مراحل البحث والمحاكمة، أنه طلب من كاتب الضبط السيد ***** هاتفيا بحكم تواجده ببهو المحكمة، أن يتوجه نحو أسفل نافذة مكتبه، لتسلم كيس بلاستيكي، وضع فيه الظرفين المتضمنين للمبالغ المالية، وقام بإلقائه له، قصد تسلمه لكاتبة الضبط السيدة *****.
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات، والتي تخضع لسلطة المجلس.
وحيث ثبت للمجلس من خلال فحص جميع معطيات ووثائق الملف التأديبي ، أن السيد (س) قام بإلقاء كيس بلاستيكي يحتوي على مبلغ قدره عشرون ألف درهم، من نافذة مكتبه لكاتب الضبط السيد *****، وطلب منه الاحتفاظ به أو وضعه في السيارة أو تسليمه للموظفة *****.
وحيث أن قيام السيد (س) بالاتصال بكاتب الضبط السيد *****، ورميه للكيس البلاستيكي المشتمل على مبالغ مالية من نافذة مكتبه، ومطالبته له بالاحتفاظ به أو وضعه بالسيارة أو تسليمه لكاتبة الضبط السيدة *****، بالإضافة الى إفشائه لرأيه في طلب الإخراج من التأمل المقدم من طرف المشتكية، قبل الموعد المحدد للنطق بالحكم والبت في الطلب المذكور، يشكل أفعالا مخالفة للشرف والوقار والأمانة، في خرق لما يتوجب على القاضي الالتزام به، وذلك بالتعاطي بأسمى ما تمثله القيم القضائية في كل الظروف والمواقف، وباستحضار صورة العدالة في جميع سلوكياته وتصرفاته، وخاصة تلك التي ترتبط بدوره الدستوري في حماية حقوق وحريات المواطنين.
وحيث أن المجلس، وبغض النظر عن مآل المتابعة الجنحية، ودون حاجة لمناقشة موضوعها، فقد توفرت لديه المعطيات والأدلة الكافية للبت في المخالفات التأديبية المنسوبة للقاضي (س) بحسب ما تم بيانه أعلاه.
وحيث أن الأفعال المرتكبة من طرف السيد (س) تشكل إخلالا خطيرا بالواجبات التي يجب أن يتصف بها القاضي، وتمس بصورة العدالة، وبثقة المتقاضين في القضاء،
وانه اعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة، والعقوبة التأديبية.
:لأجلـــه
قرر المجلس اتخاذ عقوبة العزل في حق السيد (س)