موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني وعدم قيام القاضي بتحرير الأحكام 25/06/2024
يوجب قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 في مادته 15 أن تكون الأحكام معللة طبقا للمقتضى الدستوري المنصوص عليه في الفصل 125 وأن يتم تحريرها كاملة قبل النطق بها، مع مراعاة ما تقتضيه المساطر بشأن تحرير أحكام بعض القضايا الزجرية التي تتم المداولة أو التأمل فيها مباشرة بعد انتهاء المناقشات، والتي يتعين تحريرها في وقت قصير بعد النطق بها.
- يشكل عدم قيام القاضي بتحرير الأحكام الصادرة عنه رغم مرور 14 شهرا على تاريخ النطق بها إهمالا غير مبرر وتقصيرا غير مستساغ وبالتالي إخلالا منه بواجباته المهنية.
قضية السيد: (س)
القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*** مع الإقامة ب***
مقرر عدد: ***
أصل المقرّر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 18 ذو الحجة 1445 هـ- الموافق ل 25 يونيو 2024
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبعضوية السادة مولاي حسن الداكي – محمد بنعليلو- آمنة بوعياش - أحمد الغزلي – خالد العرايشي -عبد الله المعوني –الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار-عبد اللطيف الشنتوف -يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر.
بحضور السيد منير المنتصر بالله، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
وبمساعدة السيد عبد الرحيم بحني، كاتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
بناء على مقتضيات القانون التنظيمي عدد 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ جمادى الثانية 1437 )24 مارس 2016) كما تم تغييره وتتميمه؛
بناء على مقتضيات القانون التنظيمي عدد 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 )24مارس2016( كما تم تغييره وتتميمه؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 مارس 2024.
ملخص الوقائـع
بناء على نتائج الأبحاث والتحريات المنجزة من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، موضوع التقرير عدد *** وتاريخ 07 يونيو 2023، والذي يستفاد منه أنها توصلت بتاريخ 09 يونيو 2023 بكتاب السيد الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمرفق بكتاب السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***، والذي يفيد فيه توصل برسالة استنكار باسم مجموعة من الحقوقيين بمدينة *** يتساءلون عن مصير الملف الجنحي عدد *** الذي يتابع فيه المتهم ***صاحب الموقع الإلكتروني ب***، والصادر ضده حكم بتاريخ 10 نونبر 2021، وأن النيابة العامة استأنفت الحكم بتاريخ 12 نونبر 2021، ومنذ ذلك التاريخ اختفى الملف، ولم يرفع إلى محكمة الاستئناف رغم مرور حوالي 15 شهرا، وأن النيابة العامة لم تسأل عن مصير استئنافها، فتم توجيه كتاب إلى السيدة وكيلة الملك لدى المحكمة الابتدائية ب*** حول مآل الملف المذكور وأسباب عدم إحالته على النيابة العامة، فأجابت بموجب الكتاب عدد *** وتاريخ 20 فبراير 2023، أن الأمر يتعلق بالملف الجنحي عادي رقم ***، الذي صدر بشأنه حكم بتاريخ 10 نونبر 2021، وتم استئنافه من طرف النيابة العامة، ولم يحل فعلا عليها إلا بتاريخ 01 فبراير 2023، وأنها وجهت كتابا إلى السيد رئيس كتابة الضبط تحت إشراف السيد رئيس المحكمة حول ظروف وأسباب عدم إحالة الملف الجنحي على النيابة العامة إلا بتاريخ 01 فبراير 2023، فتوصلت بجواب منه تحت عدد *** وتاريخ 22 فبراير 2023 يفيد أن الملف أحيل على الأستاذ (س) قاضي بالمحكمة الابتدائية ب***، قصد التحرير بتاريخ 17 نونبر 2021 حسب الثابت من سجل التداول عدد ***، وأرجع من طرف نفس الأستاذ بعد التحرير بتاريخ 26 يناير 2023، مشيرا إلى أن النيابة العامة توصلت بالملف بتاريخ 23 فبراير 2023، وتم تعيينه بجلسة 31 مارس 2023 ملف جنحي عدد ***.
وعند استماع المفتشية للسيد (س)، القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*** صرح بأنه أصدر الحكم الذي عرض عليه، وأنه سبق للسيد رئيس المحكمة أن أخبره حول موضوع وشاية بخصوص ضياع ملف جنحي، علما أنه أصدر الحكم وحرره وسلمه إلى كتابة الضبط وانتهت علاقته به، وبخصوص ما ورد في كتاب السيد رئيس كتابة الضبط عدد ***، فلا أساس له من الصحة، إذ أنه سلم الملف إلى كاتب الجلسة السيد *** مباشرة بعد النطق به، مشيرا من جهة أخرى إلى أنه قد تكون طرأت تعديلات بعد تحرير الحكم بحاسوبه الخاص ومن شأن ذلك تغيير تاريخ التحرير الحقيقي، ولذلك لا يجزم أن التاريخ المضمن بالحاسوب حاليا قد يكون هو التاريخ الذي حرر فيه الحكم، مؤكدا على أنه خلال التاريخ الذي أشار إليه كاتب الجلسة في سجل التداول لم يكن يتواجد بمقر المحكمة لكونه كان آنذاك في دورة تكوينية.
وقد خلصت المفتشية العامة للشؤون القضائية إلى:
أن المحكمة الابتدائية ب*** برئاسة القاضي (س) أصدرت بتاريخ 10 نونبر 2021 حكما في الملف عدد ***، قضى بعدم مؤاخذة الظنين *** من أجل إهانة موظف عمومي وإهانة منظمة وانتحال وظيفة واستعمالها بدون حق والتصريح ببراءته منها، ومؤاخذته من أجل عدم تقديم تصريح بالجريدة والقذف، والحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 15000.00 درهم، وأدائه تعويضا مدنيا قدره 50000.00 درهم.
أن الثابت من كتاب السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط أن الملف المذكور أحيل على الأستاذ (س) قصد التحرير بتاريخ 17 نونبر 2021، وفق ما هو مضمن بسجل التداول عدد *** الصفحة **، وأرجع بعد التحرير بتاريخ 26/01/2023.
أن القاضي المذكور أكد عند الاستماع إليه من طرف هيئة التفتيش أن ما ورد في كتاب السيد رئيس كتابة الضبط لا أساس له من الصحة، وأنه سلم الملف إلى كاتب الجلسة السيد ***مباشرة بعد النطق به.
أنه خلافا لما تمسك به القاضي المعني، فإن الثابت من سجل التداول الممسوك بكتابة الضبط أنه بتاريخ 17 نونبر 2021 أحيلت عليه مجموعة من الملفات الصادرة فيها أحكام بتاريخ 10 نونبر 2021 وهي الملفات التالية: ***، وأرجع منها 7 ملفات بتاريخ 23 مارس 2022، بينما أرجع الملف عدد *** بتاريخ 26 يناير 2023.
أن القاضي المعني أكد لهيئة التفتيش أنه قد تكون طرأت تعديلات بعد تحرير الحكم بحاسوبه الخاص، ومن شأن ذلك تغيير تاريخ التحرير الحقيقي، ولذلك فإنه لا يجزم بأن التاريخ المضمن بحاسوبه حاليا هو التاريخ الذي حرر فيه الحكم، وهو كلام يستفاد منه أن تحرير الحكم كان بتاريخ لاحق، ويفيد أن عدم عرض حاسوبه على هيئة التفتيش للتحقق من تاريخ تحرير الحكم حقيقة، يرجع إلى يقينه بأنه حرره بعد مدة من النطق به.
أنه بالرجوع إلى سجل التداول، يتبين أن القاضي المعني اعتاد النطق بالأحكام قبل تحريرها، بدليل وجود أكثر من 20 حكما صدر بتاريخ 17 نونبر 2021 دون تحرير بعدما سلمت إليه لهذه الغاية منذ 01 دجنبر 2021، وظلت لديه إلى غاية 23 فبراير 2023، وهي الطريقة المتبعة لديه في جل الجلسات، بل إنه يسترجع الملفات بعد أسبوع من النطق بالأحكام، وتتم الإشارة في سجل التداول إلى عبارة "قصد الإحالة إلى الأستاذ (س) للتحرير"، ولا يرجعها إلا بعد مدة تتراوح بين شهر وأربعة عشر شهرا، وبعد دخول قانون التنظيم القضائي الجديد حيز التطبيق، ظل يسترجع الملفات بنفس الأسلوب مع تعديل العبارة المعتمدة في سجل التداول بالإشارة إلى عبارة "من أجل الطبع"، علما أنه أصلا يتولى شخصيا طبع الأحكام الصادرة عنه.
أنه اعتبارا لذلك، يتبين أن القاضي السيد (س)، لا يعير أي اهتمام لتحرير الأحكام الصادرة عنه، رغم انصرام أكثر من أربعة عشر شهرا على النطق بها، ومن بينها الحكم موضوع البحث، ودون اعتبار لحقوق المتقاضين، ولا كون البعض منها مستأنف، وهو ما يشكل إهمالا وتقصيرا غير مستساغ بواجباته المهنية، لكون ذلك يشكل تأخيرا غير مبرر ومتكرر في إنجاز مسطرة الحكم، الذي تعتبره المادة 97 من القانون الأساسي للقضاة خطأ جسيما، واقترحت إحالة وضعيته على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للنظر فيما هو منسوب إليه.
وبناء على كتاب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والموجه للسيد ***الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب*** بتاريخ 21 نونبر 2023 تحت عدد *** والقاضي بتعيينه مقررا في القضية.
وبناء على التقرير المنجز من طرف السيد المقرر تحت عدد *** والذي خلص فيه، بعد قيامه بالإجراءات اللازمة من استماع للقاضي المتابع ومن تجميع لإفادات السيد رئيس المحكمة والسيد رئيس كتابة الضبط والسيد كاتب الضبط المكلف بالجلسة والسيد الكاتب المكلف بتلقي التصريحات بالاستئناف وكذا اطلاع على سجلات المحكمة، أن القاضي السيد (س) لا يعير أي اهتمام لتحرير الأحكام الصادرة عنه بصفة عامة ومنها الحكم الصادر في الملف عدد *** والذي استغرقت مدة تحريره ما يزيد عن أربعة عشر شهرا منذ النطق به. علما بأن الغاية من النطق بالحكم محررا هي ضمان حقوق المتقاضي وتمكينه من اقتضاء حقوقه ومباشرة الإجراءات والمساطر التي تلي صدور الحكم في آجال معقولة، سيما وأن الملف مستأنف، مضيفا أن القاضي استمر على هذا الحال حتى بعد صدور قانون التنظيم القضائي الجديد رقم 38.15، الشيء الذي يخالف المادة 15 منه في فقرتها الثالثة التي تنص على ما يلي: "يجب أن تكون الأحكام معللة تطبيقا لأحكام الفصل 125 من الدستور كما يجب تحريرها كاملة قبل النطق بها، مع مراعاة ما تقضيه المساطر بشأن تحرير أحكام بعض القضايا الزجرية التي تتم المداولة أو التأمل فيها مباشرة بعد انتهاء المناقشات، والتي يتعين تحريرها في وقت قصير بعد النطق بها". وكذا الدورية عدد 188/ق.ق.ج/2023 المؤرخة في 15 نونبر 2023 حول النطق بالمقررات القضائية محررة والدورية عدد 52/2022 بتاريخ 08 دجنبر 2022 حول التنظيم القضائي، مما يشكل إخلالا مهنيا.
وبناء على قرار السيد الرئيس المنتدب تحت عدد *** وتاريخ 4 مارس 2024 والقاضي بإحالة السيد (س) على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية كهيئة تأديبية للنظر فيما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، طبقا للمادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 25/06/2024.
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي الموضوعة رهن إشارة القاضي المتابع.
وعليه أدرجت القضية بجلسة 25/06/2024 حضرها السيد (س) وأبدى استعداده لمناقشة ملفه التأديبي، وبعد أن قدم السيد *** تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضي المتابع والذي أكد تصريحاته أمام المفتشية العامة وأمام السيد المقرر، فتقرر حجز القضية للمداولة لجلسة يومه.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني المتمثل في عدم قيامه بتحرير الأحكام الصادرة عنه، رغم مرور أزيد من أربعة عشر شهرا على تاريخ النطق بها.
وحيث ثبت من خلال البحث الذي أجرته المفتشية العامة للشؤون القضائية، وكذا من خلال تقرير السيد المقرر أن الحكم موضوع الملف عدد *** الصادر بتاريخ 10 نونبر 2021 قد سلم للأستاذ (س) قصد التحرير بتاريخ 17 نونبر 2021 حسب ما هو ثابت من خلال سجل التداول عدد ***، ولم يتم إرجاعه من قبل القاضي المذكور إلا بتاريخ 26 يناير 2023، وهو المعطى الذي أكدته تصريحات السيد رئيس كتابة الضبط وكذا إفادة السيد كاتب الضبط المكلف بالجلسة.
وحيث إن تصريحات القاضي المتابع والتي أفاد من خلالها أنه قام بتسليم الحكم محررا للسيد كاتب الضبط فور النطق به تفندها نظامية سجل التداول المشار إليه أعلاه، والذي تضمن أنه بتاريخ 17 نونبر 2022 تمت إحالة مجموعة من الملفات الصادرة بشأنها أحكام وعددها إحدى عشر ملفا كما هي مفصلة بصلب الوقائع، وأن القاضي المعني أرجع منها سبعة ملفات بتاريخ 23 مارس 2022 بينما لم يقم بإرجاع الملف موضوع الشكاية إلا بتاريخ 26 يناير 2023، فضلا على أن تصريحه أمام هيئة التفتيش وأمام السيد المقرر باحتمال وقوع تعديلات بعد تحرير الحكم بحاسوبه الخاص الشيء الذي من شأنه تغيير التاريخ الذي حرر فيه الحكم، دليل آخر يؤكد أن التحرير تم بتاريخ لاحق لصدور الحكم، وهو ما يزكي إفادة السيد كاتب الضبط المكلف بالجلسة من أن الأستاذ (س) اعتاد النطق بالأحكام دون تحرير، سيما وأن سجل التداول يتضمن توقيع القاضي عند تسلم الملفات، ولا يتضمن توقيعه في خانة الإرجاع.
وحيث يتعين التصريح تبعا لما ذكر بأن واقعة تأخر القاضي المتابع في تحرير الأحكام التي يصدرها ثابتة، وأنها استمرت حتى بعد صدور قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 والذي يوجب في مادته 15 أن تكون الأحكام معللة طبقا للمقتضى الدستوري المنصوص عليه في الفصل 125، وأن يتم تحريرها كاملة قبل النطق بها، مع مراعاة ما تقتضيه المساطر بشأن تحرير أحكام بعض القضايا الزجرية التي تتم المداولة أو التأمل فيها مباشرة بعد انتهاء المناقشات، والتي يتعين تحريرها في وقت قصير بعد النطق بها.
وحيث يتعين تبعا لما ذكر التصريح بأن فعل القاضي المتابع يشكل إهمالا غير مبرر وتقصيرا غير مستساغ، وبالتالي إخلالا منه بواجباته المهنية.
وحيث تنص المادة 96 من النظام الأساسي للقضاة على أن كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة يعتبر خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية.
وحيث يتعين، مراعاة لمبدأ التناسب بين الإخلال المرتكب والعقوبة المقررة، الأخذ بعين الاعتبار حداثة عهد التحاق القاضي المتابع بالقضاء وحسن سلوكه.
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***، من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني.
توقيع عضو المجلس المكلف بصياغة القرار | الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية |
أمينة المالكي | مَحمد عبد النباوي |