موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني والوقار 05/04/2022

الواجب المهني واجب الوقار اللباقة سمعة القضاء صورة العدالة ثقة المتقاضين في القضاء احترام المسؤول احترام القانون سلوك القاضي خارج المحكمة سقوط المتابعة - التقادم
الإقصاء المؤقت عن العمل مع الحرمان من أي أجر باستثناء التعويضات العائلية النقل التلقائي

قضية السيد: (س)

نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****

******: مقرر عدد

أصل المقرر المحفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة  القضائية

بتاريخ 03 رمضان 1443، المرافق ل 05 أبريل 2022

 

إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد:مَحمد عبد النباوي  بصفته رئيسا منتدبا للمجلس و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو–أحمد الغزلي–محمد أمين بنعبد الله –  محمد زوك–  محمد الناصر – خالد العرايشي– عبد الله معوني – سعاد كوكاس–  الزبير  بوطالع- عبد اللطيف طهار– عبد اللطيف الشنتوف– يونس الزهري –  عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي.

بحضورالسيد رحال البوعناني القاضي الملحق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية نيابة عن الأمين العام للمجلس في اجتماع المجلس ليومه، بتعيين من الرئيس المنتدب، وفقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 51 من القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016(؛

بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائيةالصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية  1437(24 مارس 2016)؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛

وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ09 نونبر 2017؛

:ملخص الوقائـع

بناء على شكاية تقدمت بها السيدة (أ)، الساكنة بمدينة *****، في مواجهة السيد (س)، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****، تدّعي فيها أن هذا الأخير ربط معها علاقة غير شرعية نتج عنها حمل، وأنه أصبح يهدّدها بكونها لن تصل إلى أي نتيجة إن تقدمت بدعوى أو شكاية ضدّه في هذا الشأن. وجاء في شكايتها أنها تعرًّفت على السيد (س) سنة **20 والذي كان يعمل حينها قاضياً بالمحكمة الابتدائية ب***** وذلك حين كانت في خلاف مع طليقها وأرادت إقامة دعوى، فتكلًّف القاضي المشتكى به بجميع إجراءات دعوى التطليق للشقاق الذي تمّ سنة **20، وأن علاقتهما استمرّت لمدة 11 سنة إلى غاية تقديم شكايتها، وأنه سبق أن تقدم لوالديها بغرض الزواج، الشيء الذي جعلها ترتبط به، وأنه نتج عن تلك العلاقة ولد يبلغ من العمر سنتين، حاولت منذ بداية حملها دفعه لإيجاد حلّ مُرضي، إلاّ أنه ظل ّيماطلها دون نتيجة، وأن دعوى ثبوت النسب التي تقدمت بها ضدّه أمام المحكمة الابتدائية ب***** حكمت برفض الطلب. وأرفقت شكايتها بصورتين فوتوغرافيتين، وبقرص مدمج يحتوي على مجموعة من التسجيلات، وبنسخ لأحكام قضائية ووصولات تحويلات مالية.

وعند الاستماع للمشتكية وفقا لتقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية (*****، وتاريخ  *****) صرّحت أنها تعرّفت على السيد (س) لما تقدّمت بدعوى النفقة في مواجهة زوجها السابق فنصحها بالتقدّم بطلب الطلاق والتنازل على جميع حقوقها وأنه سيعمل على مساعدتها في ذلك، ووجّهها للمحامي (ج) للنيابة عنها في القضية، وبالفعل تمّ ذلك بصدور حكم عن المحكمة الابتدائية ب***** تحت عدد ***** بتاريخ 12/07/2007 في الملف عدد ***** قضى بتطليقها من عصمة زوجها، وكان الأستاذ (س) مقرّرا في الملف وأنه ومباشرة بعد صدور الحكم أعلاه، تقدّم لخطبتها وبعدها انتقلت للعيش معه بصفة دائمة وكان يؤمن جميع احتياجات البيت واحتياجاتها خلال هذه الفترة. وخلال سنة *****، انتقل القاضي المعني للعمل بمدينة *****، حيث اكترى لها منزلا بعد شهرين من انتقاله، وكان يحضر لتناول وجبة الغذاء برفقتها ويعود ليلا لمنزله الذي كان يستقر به مع زوجته الأولى بمدينة *****وبعد انتقاله لمدينة *****، عادت للإقامة مع أسرتها بمدينة ***** وكانا يلتقيان مرة كل أسبوعين بمدينة *****، وطيلة مدة معرفتها به، كان متكفّلا بنفقتها. وخلال سنة **20، حصل الحمل، فطلب منها الانتقال للعيش معه بمدينة ***** إلاّ أنّها رفضت، فتوقف المعني بالأمر عن الإنفاق عليها، وخلال تلك الفترة علمت زوجته الأولى بعلاقتهما، فانتقلت إلى مدينة ***** لزيارتها، إلا أنها رفضت مقابلتها. وقد وضعت حملها بتاريخ *****. وفي سنة **20، تقدّمت بدعوى ثبوت النسب حيث لجأت لعدة محامين رفضوا النيابة عنها نظراً لصفة المدعى عليه إلى أن قبل الأستاذ (د) الترافع لصالحها، إلا أنه كان يماطلها بعلّة أن الدعوى أحيلت على المحكمة الابتدائية ب***** ثمّ إلى المحكمة الابتدائية ب***** لعدم اختصاص المحكمة الابتدائية ب*****.

وعند الاستماع للسيد (س) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، صرّح أنّه تعرف على المشتكية عن طريق زوجته التي كانت تعمل موظّفة بالمحكمة الابتدائية بمدينة *****، حيث وجهتها له عندما كان قاضياً بنفس المحكمة لتقديم استشارة لها، ونظراً لظروفها الشخصية المزرية وبهدف مساعدتها، قبلت زوجته أن تشغّلها في بيتهما، وبالفعل اشتغلت لديهما لمدة *****، وبعدها لم تعد تربطه بها سوى اتصالات هاتفية دامت لمدة وجيزة إلى أن انقطع الاتصال بينهما بشكل مطلق، وأنه كان عضوا في الهيئة القضائية التي بتّت في دعوى التطليق التي تقدّمت بها، مضيفا أن المحامي الذي تقدّم نيابة عن المشتكية بمسطرة التطليق هو نفسه الذي ناب عنه في مسطرة ثبوت النسب التي رفعتها ضده، سبق أن طلب منه النيابة عنها رغم أنه كان بإمكانها تقديم طلبها بصفة شخصية. وأنه بخصوص الصورة الفوتوغرافية للمشتكية مع أحد الأشخاص، فإنها لا تخصّه وقد تكون مفبركة، ولا يمكنه الحسم فيها. أمّا صورة الولد، فإن أثبتت خبرة جينية أنّه من صلبه، فإنه سيقوم بالواجب. وبخصوص وصولات الحوالات، فإنه قام بإرسالها فعلا للمشتكية. وبعد استماعه إلى عيّنات من التسجيلات التي أدلت بها المشتكية، تراجع عن تصريحاته السابقة موضّحاً أنه كانت تربطه علاقة غير شرعية بالمشتكية استمرت لسنوات، انقطعت سنة**20 لتتواصل بشكل متقطع بعد تعيينه بمدينة *****، وأنه لم يسبق له أن تقدم لخطبتها أو شيء من هذا القبيل، وأنه نظرا لطول العلاقة، فقد كان عدد من أصدقائه وزملائه على علم بها. مؤكدا أن الصوت الوارد بالتسجيلات يخصّه، وأن ما ورد بها صحيح. وأضاف أن زوجته كانت على علم بعلاقته بالمشتكية. وأن سبب التحوّل الذي طرأ على موقفه تجاه الطفل الذي أنجبته المشتكية باعتبار أنه في البداية لم يكن يشكّ في نسبته له ثم بعد ذلك طلب خبرة جينية، راجع إلى المشاكل التي عاشها مع زوجته التي لم تتقبل الأمر، فضلا عن أنه بعد انقطاع علاقته بالمشتكية لما يقارب سنتين، وإعادة الاتصال بها، فاجأته بحملها، وهو ما أثار شكوكه حول نسب الطفل. أما عن عبارة "حمار" التي وردت بأحد التسجيلات، صرح أنه لم يكن يقصد بها الوكيل العام للملك إذ لم يسبق له أن نعته بذلك، وحول ما جاء في التسجيلات من احتساء الخمر بالحانات، صرّح بأنه لم يكن في يوم من الأيام مدمناً وكان يحتسيها أحياناً، وقد انقطع عنها منذ سنتين. أمّا بخصوص حادثة السير التي تعرّض لها قرب مدينة *****، فإنّ محضر معاينة حبية أنجز بشأنها مع المتسبّب فيها، وأكّد أنه كان حينها تحت تأثير الكحول؛

وبناء على مقرّر المجلس الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2019  والرّامي إلى تعيين السيد ***** الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب***** مقرّرا في القضية طبقا لمقتضيات المادة 88 من القانون المنظم لها؛

وبناء على تقرير السيد المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس والذي استمع فيه إلى القاضي المتابع مع خلاصة نظريته في القضية؛

وبناء على مقرّر المجلس الصادر بتاريخ  29 يوليوز 2020  والرّامي، بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيد المقرّر على أنظار أعضاء المجلس، إلى إحالة السيد (س) على المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني وواجب الوقار؛

وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 01 أكتوبر 2020 والذي توصل به بتاريخ15 شتنبر 2020؛

وبناء على قرار المجلس المتخذ بالجلسة المنعقدة بتاريخ 01 أكتوبر 2020 بتأجيل البت في القضية إلى حين إنجاز الخبرة الجينية المأمور بها في إطار الدعوى المقامة أمام المحكمة الابتدائية ب*****من طرف المشتكية؛

  وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 15 فبراير 2022 والذي توصل به بتاريخ 07 فبراير 2022؛ 

وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة السيد (س) وفق ما يتّضح من الاشهاد المؤرخ في 22 شتنبر 2020  طي الملف؛

 وبجلسة 05 أبريل 2022 حضر السيد (س) مؤازرا بدفاعه الأستاذ ***** المحامي بهيئة *****، وأكّد القاضي المتابع اطلاعه على الملف التأديبي واستعداده لمناقشة قضيته، وبعد أن قدم السيّد المقرّر تقريره أمام المجلس، تمّ الاستماع إلى القاضي المتابع مدلياً بأوجه دفاعه ومؤكّدًا تصريحاته المدلى بها أمام السيّد المقرّر بنفي المنسوب إليه، وأكّد دفاعه ما جاء على لسان مؤازره والتمس التصريح ببراءته؛

:وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث أحيل السيد(س)نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئنافية ب*****على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني وواجب الوقار؛

وحيث تمّ الاستماع إلى السيد (س)وصرّح بما هو مفصّل في الوقائع أعلاه؛

وحيث وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛

وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية للمجلس؛

  1. في الإخلال بالواجب المهني:

حيث إن الواجبات المهنية تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتق القاضي، والتي يشكّل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية؛

وحيث ثبت للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أنّ الأفعال موضوع المتابعة المتعلقة بالإخلال بالواجب المهني المرتكبة من طرف القاضي المتابع إبّان إجراءات مسطرة التطليق المشار إليها أعلاه المنتهية بصدور الحكم بتاريخ 12 يوليوز 2007، يكون قد طالها التقادم لمرور أكثر من خمس سنوات على ارتكابها، تطبيقاً للمادة 100 من القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي تنص في فقرتها الأولى على أنه " تتقادم المتابعة التأديبية:بمرور خمس سنوات ابتداء من تاريخ ارتكاب الفعل موضوع المتابعة"، مما يتعيّن معه التصريح بسقوط متابعة الإخلال بالواجب المهني؛

  1. في الإخلال بواجب الوقار:

حيث إن الالتزام بالحفاظ على صفات الوقار يستمدّ أساسه من المادة 40 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ومن المبادئ الدولية المتعارف عليها بشأن السلوك القضائي؛ وأن تجسيد ذلك يتطلب من القاضي التصرف دائما بما يتماشى وهيبة المنصب القضائي، ويحافظ على سمعة القضاء؛

وحيث يتقبل القاضي القيود المفروضة على الحياة الخاصة للقضاة، والتي قد تبدو عبئا بالنسبة للمواطن العادي، ويتصرف بما يتماشى مع كرامة وشرف ووقار رسالة القضاء، حتى في حياته الخاصة؛

وحيث تبيّن للمجلس من خلال اطلاعه على وثائق الملف التأديبي، بأن القاضي المتابع ارتكب مجموعة من المخالفات كالسياقة تحت تأثير الكحول والخيانة الزوجية بربط علاقة غير شرعية مع المسماة (أ) وهي سلوكيات فضلا عن أنها مخالفة للقانون فهي منافية للأخلاقيات القضائية المفروض التقيد بها من قبل القضاة صوناً لصورة العدالة، ولثقة المتقاضين فيها. وعلاوة على ذلك، عدم احترامه لمسؤوله القضائي بنعته بعبارة مشينة من قبيل "حمار" حتى وإن تم ذلك في حوار خاص مع المشتكية. مما يكون معه الإخلال بواجب الوقار ثابت في حق القاضي المتابع، ويستلزم معاقبته تأديبيا.

وحيث إنه بعد إعمال مبدأ التناسب المنصوص عليه في المادة99من القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ومراعاة طبيعة الافعال المرتكبة وخطورتها وتأثيرها على سمعة القضاء وحقوق المتقاضين؛

لأجله

قرر المجلس التصريح بسقوط متابعة الإخلال بالواجب المهني في حق السيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** ومؤاخذته من أجل الإخلال بواجب الوقار واتخاذ عقوبة الاقصاء المؤقت عن العمل لمدة ستة (6) أشهر مع الحرمان من أي أجر باستثناء التعويضات العائلية في حقه، مع نقله للعمل بالمحكمة الابتدائية ب***** بصفته نائبا لوكيل الملك لديها.