موجب الإحالة: الإخلال بواجب الشرف والوقار والكرامة 22/03/2022
قضية السيدة: (س)
*****القاضية بالمحكمة الإدارية ب
*****:مقررعدد
أصل المقرر المحفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 19 شعبان 1443، الموافق 22 مارس 2022
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي بصفته رئيسا منتدبا للمجلس و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي- محمد بنعليلو–أحمد الغزلي–محمد أمين بنعبد الله – محمد زوك– محمد الناصر – خالد العرايشي– عبد الله المعوني – سعاد كوكاس– الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار– عبد اللطيف الشنتوف– يونس الزهري – عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر.
وبحضور السيد مصطفى الابزار: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر2017؛
:ملخص الوقائـع
بناء على كتاب السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة والمرفق ببطاقة محالة على نفس الجهة، حول تصرفات منسوبة للسيدة (س)، القاضية بالمحكمة الإدارية ب*****، جاء فيها أنه بتاريخ 19 مارس 2021 تقدم أمام مصالح الشرطة بالدائرة الأمنية "*****" بولاية أمن *****، مقدم شرطة (ب)، عامل "بفرقة الدراجين" التابعة للمجموعة الولائية للسير الطرقي، وبرفقته السيدة (س) قاضية بالمحكمة الإدارية ب*****، بعدما دخلا في خلاف بالشارع العام، وبخصوص ظروف وملابسات الواقعة، فقد أفاد موظف الشرطة أنه أثناء مزاولته لعمله على مستوى مدارة "*****" بمدينة *****، أثار انتباهه ارتكاب المعنية بالأمر التي كانت على متن سيارتها من نوع "مازيراتي" مرقمة تحت عدد "*****" لمخالفة مرورية، تتعلق باستعمالها الهاتف النقال أثناء السياقة، وعدم ربط حزام السلامة، وعندما أشار عليها بالتوقف، لم تتقبل الأمر، حيث رفضت بداية الإدلاء بوثائق السيارة، قبل أن تشرع في توجيه عبارات السب والشتم له، مؤكداً أن الوقائع المذكورة موثقة بالكاميرا المهنية الصدرية، مع إصراره على متابعتها أمام العدالة. وأوضحت القاضية المعنية، أن سبب خلافها مع موظف الشرطة هو تعمده التحرش بها، وأنها تمكنت من تصوير الفعل المذكور عبر هاتفها النقال، وكذا عبر الكاميرا المثبتة بسيارتها، مبدية هي الأخرى رغبتها في متابعته أمام القضاء. مع الإشارة أنه خلال الحديث مع المعنية بالأمر، تمت معاينة رائحة الخمر تفوح من فمها، كما دخلت في حالة هيستيرية، قبل أن يتقدم تلقائيا إلى مقر مصلحة الشرطة نائب السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ********، الأستاذ (ج)، الذي عمل على تهدئتها، وبادر بتسوية المشكل القائم بين الطرفين، ليبدي بعد ذلك كل واحد منهما عدم رغبته في متابعة الآخر، كما طلبت القاضية المعنية الاعتذار عما صدر منها، وغادرت مقر المصلحة رفقة الأستاذ (ج). وبعد الاطلاع على التسجيل الموثق من طرف موظف الشرطة بواسطة الكاميرا المهنية، تبين منه أن القاضية المعنية كانت برفقة سيدة أخرى، وأنها لم تتقبل إيقافها من طرف الشرطي من أجل مخالفة قانون السير. وأنه تعامل معها في إطار القانون، قبل أن تهدده بإخبار المسؤولين بأنه تحرش بها، وتعرضه للسب والشتم، دون أن يصدر عنه أي رد فعل مماثل أو ما شابه ذلك.
وتم الاستماع للسيدة (س) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، فأكدت من جهتها أنها فوجئت بشرطي من فرقة الدراجين يطل عليها من الجهة اليمنى للسيارة مبتسما في وجهها، وبعد توقفها في إشارة الضوء الأحمر أشار إليها إلى حزام السلامة الذي كانت تستعمله، فردت عليه بأنها تربطه، وبعد أن واصلت سيرها فوجئت به من جديد يتقدم أمامها ويطلب منها التوقف، فامتثلت له ثم استفسرته عن سبب توقيفها فرد عليها: "يحصل ليك الشرف نتلوط عليك في أرقى أحياء *****" فقدمت له صفتها قبل أن تسلمه وثائق السيارة ليرد عليها بالعبارة التالية: "متخلعينيش أنا بهذا الشيء أنا اختي نائبة وخويا محامي" فسلمته وثائق السيارة وطلبت منه الاتصال برئيسه والسيد الوكيل العام للملك بحكم أنه عرضها للتحرش والاستفزاز. وأضافت أن بعض العبارات صدرت عنها على إثر اتهامها من طرف موظف الشرطة المعني بأنها كانت في حالة سكر وتحرشه بها.
ويستفاد من تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية كذلك، أنها عاينت القرص المرفق بتقرير المصلحة الولائية للشرطة القضائية ب***** الذي وثق بالصوت والصورة للأحداث التي رصدتها الكاميرا المثبتة بصدر موظف الشرطة، إذ يظهر في الفيديو الأول وجود سيدتين على متن سيارة. وكانت السائقة (س) تخاطب الشرطي المعني الذي عمل على توقيف السيارة من أجل مخالفة عدم وضع حزام السلامة، ودار بينهما الحوار التالي: "اش كلتي الالا" لترد عليه بعبارة: "الأستاذة -لم يتم تميز الكلمة- قاضية بالمحكمة الإدارية" فيرد عليها: "بشوية أختي باغا تسلخينا" فتجيبه: "لا حيث بالضرورة توقفنا هاد الوقفة بحال هاكا". وبعد أن تستفسره عن المخالفة التي ارتكبت، يجيبها بعدم وضعها لحزام السلامة قائلا: "مخالفة على السمطة مدايراهاش". لترد عليه:" وهاني دايراها دبا"، وعندما يعقب عليها: "لامكنتيش دايراها"، ترد عليه "ودابا دايرها".
كما ورد في التسجيل كما عاينته هيئة التفتيش، تصرفات وعبارات صادرة عن القاضية (س) من قبيل: "طلوط عليا يالاه حيدها ليا دايرة السمطة ديالي هاهي شاهدة عليها وحيده اليا عفاك (همهمات غير مفهومة). كاليا ختي نائبة وخو " حيث معندكش الحق تهضر معايا تعديتي عليا"، ثم ترجلها من السيارة وتوجيه هاتفها "supérieur "محامي عيط ليا النقال صوب وجهها وهي تصيح: "شوفي فين موقفني، هاهو موقفني في الشارع العام ويكوليا تبعيني للولاية، هاهو شوف كليا غنطفي الكاميرا ديالك ومطفاهاش، كالي سكرانة، بنت دارنا وقارية ودكتورة في القانون، باش تكول لبنادم سكرانة الله ينعل واليديكّ"، أو قولها :" نشوفو شكون غادي يضحك في الآخر"، أو تهديدها للشرطي بعبارة:" أقسم بالله "ما تخرج ليك طريفة توقفني في الشارع العام.
وبناء على قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤرخ في 22 يونيو 2021 والرامي إلى تعيين السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية طبقا لمقتضيات المادة88من القانون المنظم للمجلس؛
وبناء على تقرير السيد المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس، والذي استمع فيه للقاضية المتابعة، وأكدت تصريحاتها المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية؛
وبناء على مقرر المجلس المؤرخ ب 07 دجنبر 2021، بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيد المقرر، والرامي إلى إحالة السيدة (س) على المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي من أجل ما نسب إليها من الإخلال بواجب الوقار والكرامة والشرف؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيدة (س) للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 22 مارس 2022، الذي توصلت به بتاريخ 08 مارس 2022 حسب الثابت من شهادة التوصل المضمنة بالملف؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة القاضية المذكورة؛
وبجلسة 22 مارس 2022 حضر ت السيدة (س)، وأكدت أنها اطلعت على الملف التأديبي، وأنها مستعدة لمناقشة قضيتها. وبعد أن قدم السيد المقرر ***** تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضية المتابعة، فأدلت بأوجه دفاعها وتصريحاتها المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر، مضيفة أنها قد أخطأت فعلا في التصرف والسبب في ذلك يعود إلى تصرف الشرطي في البداية.
:وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيلت السيدة(س)، القاضية بالمحكمة الابتدائية الإدارية ب*****على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بواجب الوقار والكرامة والشرف؛
وحيث تم الاستماع للسيدة (س)وصرحت بما هو مفصل بالوقائع أعلاه؛
وحيث يستقل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتقدير الوقائع المادية والقرائن المتواجدة بالملف التأديبي للقاضي المتابع من أجل تكوين قناعته في تحقق المخالفة التأديبية من عدمها، ويمكنه في سبيل ذلك الركون إلى جميع وسائل الإثبات المقرر ة قانونا؛
وحيث إنه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛
وحيث ثبت للمجلس من وثائق الملف ومما راج بجلسة التأديب أن القاضية المتابعة لم تلتزم بصفات الوقار والكرامة التي تجد سندها في صيغة اليمين التي يؤديها القضاة قبل مزاولة مهامهم بنص المادة 40 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وكذا من المبادئ المتعارف عليها بشأن السلوك القضائي؛ وأن إخلالها بالصفات المذكورة يتجسد في تصرفاتها بعد إيقافها من طرف شرطي المرور واحتكاكها به واعتراضها عن تقديم وثائق السيارة والخضوع لإجراءات إثبات المخالفة، وما تلا ذلك من احتجاج وتعنّت مما أدّى إلى تطور الأمر بينهما إلى شتيمة وإهانة. وهي المواقف التي كان من الممكن أن تكون القاضية المعنية في منأى عليها لو تصرفت بما يتماشى مع هيبة ورفعة المنصب القضائي وتعاطت بأسمى ما تمثله القيم القضائية سواء كانت قد تعرضت للتحرش أو الابتزاز من موظف الشرطة أم لا. طالما أن واجب الوقار والشرف والكرامة تفرض على القاضي الاتزان والرصانة لتجنب أي لوم أو تجريح في سلوكه.
وحيث إن قيام القاضية المتابعة بالأفعال المشار إليها أعلاه يتنافى والقيم القضائية، ويشكل تصرفاً وسلوكاً يمس بصفات الوقار والكرامة والشرف، وخطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية إعمالا لنص المادة 96 من النظام الأساسي للقضاة؛
واعتبارا لمبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
:لأجله
.*****قرر المجلس اتخاذ عقوبة التوبيخ في حق السيدة(س) القاضية بالمحكمة الابتدائية الإدارية ب