موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني والأخلاقي 08/11/2022 الطباعة
يعتبر تسجيل و نشر القاضي لمكالمة خاصة لزملاء له إخلالاً خطيراً بواجب التحفظ وانحرافاً عن الواجبات المهنية وخرق للالتزاماته الأخلاقية المفروضة عليه.
قضية السيد: (س)
مستشار بمحكمة الاستئناف ب*****
مقرر عدد
أصل المقرر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 13 ربيع الثاني 1444، الموافق ل 08 نونبر 2022،
إنّ المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيّد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو - أحمد الغزلي -محمد أمين بنعبد الله - محمد زوك – محمد الناصر - خالد العرايشي ـ عبد الله معوني –سعاد كوكاس- الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار-عبد اللطيف الشنتوف-يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر.
بحضور السيّد مصطفى الإبزار : الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016(؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 )24 مارس 2016(؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
ملخص الوقائـع
بناء على تعليمات السيّد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الرامية إلى إجراء بحث مستعجل ومعمّق وشامل بخصوص ظروف وملابسات تسجيل ونشر شريط صوتي لمكالمة هاتفية جرت بين رئيس هيئة بمحكمة الاستئناف ب***** وعضو بها، ومستشارة بمحكمة النقض -عضوة سابقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية-، والمتعلق بطلب محامية متهمين معتقلين على ذمة الملف الجنائي الابتدائي عدد ***** مبلغاً من المال لتسليمه للهيئة التي تبت في الملف، انتهى بمناقشة سبب التأخير، ووصف مجموعة من المحامين بالفساد. وقد تم تداول الشريط المذكور عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الجرائد الإلكترونية؛
وبناء على تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية والذي تضمّن أنّها استمعت إلى الشريط الصوتي، وتبيّن أنّه يتضمّن تسجيلاً لمكالمة هاتفية جاءت فيها معطيات تسيء إلى سمعة القضاء؛
تمّ الاستماع إلى السيّد (س) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّح أنه يوم 22 يونيو 2022 اتّصلت به الأستاذة (أ) رغم كونه لا يعرفها، وكانت قد حصلت على رقم هاتفه من أحد الزملاء، من أجل محادثته بخصوص ملف رائج أمام الهيئة التي هو عضو بها، وصرّحت له أنّ المتّهم (ب) لم يرتكب أي فعل، وتلبية لطلبها أدرج الملف بجلسة 7 يوليوز 2022، على أساس أن يصدر القرار بتلك الجلسة، وخلالها حضر محاميان عن هيئة ***** وسجلا نيابتهما عن المتّهم "(ج)"، ولمّا تقرّر تأخير الملف ورُفعت الجلسة للاستراحة اتّصل بها وأخبرها أنه للأسف تقرّر تأخير الملف لجلسة 1 شتنبر 2022، بعدما تقرّر رفض طلب السراح المؤقت الذي تقدّم به المحامون "***** "و"***** " و"*****" نيابة عن المتّهمين، وأنّه اتّصل بها باعتبارها زميلة ومسؤولة سابقة، وليخبرها بتأخير الملف. وبخصوص تسجيل المكالمة، صرّح أنّه يتوفر بهاتفه على تطبيقية تسجيل المكالمات التي تسجّل بطريقة آلية جميع المكالمات الصادرة أو الواردة وتقوم بمحوها بعد مرور 24 ساعة على تسجيلها، وفيما يتعلّق بتسريبها فإنّ لديه احتمالين: الأول أن يكون ذلك نتيجة قرصنة من طرف الغير، والثاني أن تكون ابنته البالغ عمرها 14 سنة قد استعملت هاتفه ووجّهت التسجيل إلى جهة معيّنة بدون قصد. مع الإشارة إلى أنّه كان يستعمل تطبيقية تسجيل المكالمات، و أنّ المحيطين به لا يعلمون بأنّه يتولّى تسجيل المكالمة، بل هو نفسه لا يعلم أنّ هاتفه يسجّل المكالمات، لأنّه لا يعرف إن كانت تطبيقية تسجيل المكالمات تعمل أم لا، وأنّ ما صدر عنه لا يتعدى حدود كلامه الطبيعي، و أنّ السيّدة (أ) عاتبت الهيئة على التأخير، رغم أنّ تعامله معها كان على أساس أنّها زميلة فقط، وأنّه لم يشعر أنّها تجاوزت حدودها، ولو كان أحد غيرها فلن يفتح له المجال للحديث بتلك الطريقة، وأنّها كانت أول مرة يسمع فيها تحذيراً من المحامية في المكالمة، و سبق للأستاذة (أ) أن تكلّمت معه في المكالمة الأولى وأخبرته بأن المتّهم المذكور لم يثبت في حقّه أي فعل، وأنّ السيّد نائب الوكيل العام للملك لم يتحدّث معه في الموضوع، مؤكّدا أن هذا التسجيل لم يشارك أي أحد في مضمونه ولم يوجّهه لأية جهة، وتمّ محوه تلقائياً داخل 24 ساعة. وأضاف أنّه أصرّ على أن تكلّم السيّدة (أ) رئيس الهيئة السيّد (د)، وذلك من أجل إقناعها بمبرّرات التأخير، وأنّه اكتشف نشر التسجيل وتوزيعه داخل مجموعة قضاة محكمة الاستئناف ب***** على الواتساب وتدعى "*****" والتي لا تشمل إلاّ القضاة، وأنّه اكتشف التسجيل في اليوم الموالي لإجراء المكالمة بالمجموعة المذكورة، واكتشف أنّه صدر من هاتفه ووُجَّه خطأ إلى المجموعة بتاريخ 7 يوليوز 2022 على الساعة 12 و 46 دقيقة، حينها عمد إلى محوه على الفور، كما أنّه ليس متأكّداً ممّا إذا كان قد وجّهه أو استقبله في حساب مجموعة "*****". أمّا بخصوص وصف المحامية "***** " بالتعاطي للارتشاء، فإن الأستاذة (أ) طلبت منهما الانتباه إلى أنّ المحامية المذكورة تتوسّط في الملف بعبارة: (تاتسمسر في الملف)، وأنّ ما جاء في حواره مع الأستاذة (أ) (درنا بوجهك) فإنّما كان يقصد هو إدراج الملف بجلسة 7 يوليوز 2022 بدل جلسة أبعد، مؤكّداً في الأخير أنه لا يد له في كل ما وقع، وأنّه لم يشعر بأنّ تدخّلا من قبل الأستاذة (أ) يمسّ استقلاليته كقاض، بل كان يحاورها على أساس أنّها زميلة لا غير؛
وتمّ الاستماع إلى السيّد (د) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية وصرّح أنّ ما ورد في التسجيل جاء في إطار مجاملة الأستاذة (أ) لا غير، وأنّ أساس تأخير الملف من 30 يونيو 2022 إلى جلسة 7 يوليوز 2022 هو قرب العطلة القضائية ونزولاً عند رغبة الأستاذة (أ)، وبخصوص عبارة أن (90% من المحامين نصّابة) فإنّها مجرّد زلّة لسان تحت ضغط الغضب من جرّاء استفزاز السيّدة (أ). وأنّ المحكمة في الأخير ستطبّق القانون، بدليل عدم الاستجابة لطلب السّراح المؤقّت، مؤكّداً أنّه لم يكن يعلم أنّ المكالمة كانت موضوع تسجيل، كما لا يعلم لا الكيفية ولا الجهة التي قامت بتسريب التسجيل موضوع البحث، ولم يعلم بنشره إلا من طرف أحد زملائه، حوالي الساعة التاسعة ليلاً من نفس يوم الجلسة، مضيفاً أنه كان يعلم أن الأستاذة (أ) اتّصلت بالأستاذ (س) حول الملف المذكور، وأنّ نائبي الوكيل العام للملك الأستاذين ***** والأستاذ ***** اتّصلا به وأخبراه بأنّ الأستاذة (أ) اتّصلت بهما لفائدة المتّهم ، وأنّ حديثه معها يفيد أنّ النقاش كان مغلقاً بين قضاة، ولذلك كان يتحدّث على أساس أنّ قاض يتحدّث إلى قاض زميل له، ولا يعلم أنّ الحوار كان موضوع تسجيل وسيتمّ نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبخصوص المحامية "***** "فإنّه يعرف عنها أنّها تسيء للمهنة، وسبق أن أحيلت على المجلس التأديبي، ولم يسبق له أن تواصل معها عبر الهاتف، مشيراً إلى أنّ اتصال الأستاذة (أ) كان من باب التنبيه لا غير، إلاّ أنّ لهجتها كانت صارمة بعض الشيء. وأنّ ما وقع هو خيانة له من زميله (س) الذي أقدم على تسجيل المكالمة دون علمه ولا يعلم إن كان هذا الأخير قد استعمل هاتفه النقّال أثناء الجلسة، لكونه كان منشغلاً بتسيير الجلسة؛
وتمّ الاستماع إلى السيّدة (أ) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّحت أنّ المتهم "(ب) " هو ابن "*****" العاملة المنزلية التي تشتغل لديها، وأن هذه الأخيرة تقدّمت إليها وهي تبكي وطلبت منها تمكينها من قرض بمبلغ 40.000,00 درهم بدعوى أنّ ابنها موضوع متابعة جنائية، وأنّ المحامية التي تؤازره طلبت منها المبلغ المذكور لتسلّمه للقضاة، فأجابتها هي أنّ هذه المحامية تنصب عليها، ثم اتّصلت بالأستاذ "*****"، نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف ب*****، وطلبت منه تمكينها من رقم هاتف رئيس الهيئة الأستاذ (د)، فمدّها برقم هاتف الأستاذ (س)، فاتّصلت به وطلبت منه أن ينتبه إلى أنّ هناك من يطالب بمبالغ مالية، إلا أنّ السيّدة عادت واتّصلت بها لتخبرها أنّ المحامية "*****" طلبت منها و والدة متّهم آخر الصعود إلى سيارتها وحجزت هاتفيهما ثم طالبتهما بمبلغ 25.000,00 درهم من أجل الحكم على إبنيهما بستة أشهر، على أساس أن يفرج عنهما خلال شهر شتنبر، وإلا سيحكم عليهما بسنتين حبساً نافذاً. فاتّصلت بالسيّد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وأخبرته بالواقعة، وأشعرته بإمكانية وجود تسجيل من طرف إحدى الضّحيّتين، ويوم الخميس 7 يوليوز 2022 اتّصل بها الأستاذ (س) حوالي الساعة الثانية عشر زوالاً بعد رفع الجلسة. وهنا تثير تساؤلاً عن دوافع رفع الجلسة والاتّصال بها مباشرة، وأنّها حادثته بكل حسن نيّة ولم يخطر ببالها أن يتجرّأ أحد ويسجّل المكالمة، ولم تنتبه إلى أنّ الأمر كان مبيّتاً ومخطّطاً له من قبل لاستدراجها إلا بعد نشر التسجيل، تنفيذاً لرغبات بعض أعدائها بالنظر إلى مواقفها، أو بسبب خوفهم من أمر ما، علماً أنّ المتّهمين معتقلين منذ مدة دون أن تتّصل بأيّ أحد، ولم تبادر إلى تنبيههما إلا بعدما تأكّدت من وجود مطالبة بمبالغ مالية. مؤكّدة أنّ التسجيل باطل ومخالف للقانون. وبخصوص المكالمة الأولى فإنّها جرت أسبوعاً قبل المكالمة موضوع البحث، والمقصود بعبارة (انهار عيطت ليكم) فإن ذلك من أجل تنبيه الأستاذ (س) بأنّ هناك عملية نصب وابتزاز من طرف المحامية لوالدة المتّهم باسم القضاة، وأن رفعهم للجلسة والاتّصال بها لتبرير تأخير القضية، يبيّن سوء نيّتهما ومحاولتهما الإيقاع بها، وأنّها رفضت الكلام مع رئيس الهيئة لأنّها لا تعرفه، وأن إلحاح السيّد (س) يفيد نيّتهما في الإيقاع بها، مضيفةً أنّها كانت تتكلّم بحرقة لأنّها لا ترغب في توريط القضاة، ولو كانت ترغب في التّدخّل لبادرت بذلك مباشرة بعد اعتقال المتهمين أبناء الخادمتين، وخلاصة فإنّ الاتصال كان من أجل التنبيه إلى وجود سمسرة ووساطة وابتزاز باسم القضاة من طرف المحامية المعنية؛
وتمّ الاستماع إلى السيّد *****، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّح أنّ الأستاذة (أ) استفسرته عن الهيئة التي تنظر في الملف المذكور، ولم تتحدّث معه لا عن الرشوة ولا الفساد، وأنه أبلغ رئيس الغرفة عن الاتّصال، وكونها ترغب في الحصول على رقم هاتفه فوافق على ذلك، إلا أنّها لم تتصل به ليسلّمها رقم هاتف رئيس الغرفة الأستاذ (د)، و أنّه لم يحضر أثناء المكالمة المسرّبة، وعندما طرق باب المكتب على الأستاذين (د) و (س) ليستعجلهما وجد الأستاذ (د) يتحدث في الهاتف وخاطب محاوره بأنّ الأستاذ ***** يبلّغك السلام؛
وتمّ الاستماع إلى السيّد ***** نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّح أنّ الأستاذة (أ) طلبت منه رقم هاتف كل من المسمى (د) و الأستاذ (س)، دون أن تفاتحه في أي ملف، فاتّصل بالأستاذ ***** لتمكينه من رقم هاتف الأستاذين المذكورين، ولكونه كان منشغلاً بمكتب السيّد الوكيل العام للملك اتصل بالأستاذ ***** الذي مكّنه من رقم هاتفيهما، ثمّ اتّصل بالأستاذ (د) والأستاذ (س)، وأخبرهما بأنّ الأستاذة (أ) تبحث عن رقم هاتفيهما النقال، واستأذنهما في تمكينها منهما، فأذنا له بذلك، فوجّهه إليها عبر خاصية الواتساب؛
وتمّ الاستماع إلى السيّد "*****"، المستشار بمحكمة الاستئناف ب***** من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّح أنه أحدث خلال فترة التعريف بنفسه بمناسبة انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مجموعة عبر الواتساب اسمها: "***** "، إلاّ أنّه انسحب منها، وقبل ذلك قام بنشر إعلان بانسحاب القضاة من المجموعة احتراماً لأخلاقيات الانتخابات، إلى أن بلغ إلى علمه يوم الخميس 7 يوليوز 2022، حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، من طرف أحد الزملاء بأنّ تسجيلاً صوتياً نشر بالمجموعة، وحسب علمه فإنّ المجموعة محصورة في القضاة دون غيرهم؛
وتمّ الاستماع إلى السيّدة "*****" العاملة المنزلية لدى السيّدة (أ) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وصرّحت أنها تعرّفت على المحامية "*****" أمام محكمة الاستئناف ب*****، مباشرة بعد الإفراج عن الحدثين الذين اعتقلا رفقة ابنها "(ب)"، وبعد تأخير القضية اتّفقت معها ومع والدة المتهم "(ج)" على تحديد أتعابها في مبلغ 10.000,00 درهم، (أي مبلغ 5000,00 درهم لكل واحدة منهما)، وبجلسة أخرى وبمكتبها سألتهما إن كانتا مستعدتين لأداء مبالغ لفائدة الغرفة مستعملة عبارة: (واش تقدروا دْوْرُو مع الغرفة)، مع الإشارة إلى أنه سبق لهما أن عيّنتا محامياً قبلها يدعى "*****"، وحوالي الساعة الثامنة من يوم الإثنين 27 يونيو2022، اتّصلت بهما ولما التحقتا بها وجداها على متن سيارتها، وطلبت منهما تسليمها هواتفهما، وقالت لهما أنّ القاضي يطلب مبلغ 40.000 درهم للحكم على ابنيهما بستة أشهر فقط بدل عام أو عامين أو ثلاث سنوات، وبعد المناقشة صرّحت بأنها ستخفّض المبلغ إلى 25.000 درهم، شريطة توفير المبلغ يوم الأربعاء صباحاً، ولكونها تشتغل لدى السيّدة (أ) طلبت منها أن تقرضها مبلغ 10.000 درهم فسألتها عن السبب، فحكت لها ما وقع لها، فاستفسرتها عن أسماء القضاة، ولما أجابتها بأنّها لا تعرفهم ردّت عليها أنّ القضاة غير مرتشون وأنّ هذه المحامية تنصب عليهما. ويوم 29 يونيو2022 اتّصلت بها المحامية المذكورة وأخبرتها، بأنها انتظرتهما إلاّ أنّهما لم تحضرا، فأجابتها بأنها لا تتوفّر على المبالغ، وفي اليوم الموالي لم تحضر إلى المحكمة؛
وتمّ الاستماع إلى السيدة "*****"، والدة المتهم "(ج)" من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، وأكّدت ما ورد في تصريح السيدة "******"، وأنّ يوم 30يونيو 2022 التقت المحامية "*****" رفقة أفراد عائلة "(ب)"، وبمجرّد ما وقفت أمامهم بدأت تفتّش في ملابسهم إن كانوا يستعملون الهواتف للتنصّت، وسألتهم عن سبب عدم الحضور إلى مكتبها لأداء المبالغ المتّفق عليها، فأجابتها بأنّهم لا يتوفرون على أيّة مبالغ، فردّت عليها أنّها لن تلج الجلسة إلاّ إذا توصّلت بباقي أتعابها، وستسجّل انسحابها من الملف، وبعد تدبير الأمر وتسليمها المبلغ سلّمتهم الوصل بذلك، وبعد الجلسة أخبرتها بأنّ القضية تم تأجيلها، ثم بادرتها بالسؤال حول من منهم يعرف الأستاذة (أ)، فأجابتها بأنّها لا تعرفها؛
وعند الاستماع إلى الآنسة *****، شقيقة المتهم (ب) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، صرّحت أنّها أخت "(ب)"، وكانت ترافق والدتها منذ إلقاء القبض على أخيها المذكور أعلاه، ولذلك تؤكد تصريحات والدتها، وتضيف أنه يوم 30 يونيو 2022 التقيت مع المحامية رفقة والدة "(ج)" وأختها، وأبلغوها بأنّهم لا يتوفرون على المبلغ المطلوب وهو 25 ألف درهم لكل متّهم، فردّت عليهم أنّها لن تلج الجلسة إن لم تتوصل بأتعابها فوراً، فاضطرّوا إلى أداء المبلغ المطلوب، وعندها استفسرتهم من منهم يعرف الأستاذة (أ) التي تشيع بأنّها تنصب عليهم، فأجابوها بأنّهن لا يعرفنها، خاصّة وأنّ والدتها التي تشتغل لديها لم تكن حاضرة معهن ّآنذاك، وبعد ذلك أخبرتهن ّبأنّ القضية قد تم تأجيلها؛
وبناء على قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤرخ بتاريخ 26 يوليوز 2022 بتعيين السيّد ***** الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب***** مقرّراً في القضية طبقا لمقتضيات المادة 88من القانون التنظيمي المنظم له؛
وبناء على تقرير السيّد المقرّر الذي أودعه بأمانة المجلس، والذي استمع فيه للقاضي المتابع؛
وبناء على مقرّر المجلس المؤرخ في 06 أكتوبر 2022 إلى إحالة السيّد (س) على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني والأخلاقي؛
وبناء على الاستدعاء الموجّه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 08 نونبر 2022، حسب الثابت من شهادة التوصل المضمّنة بالملف؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة السيّد (س)؛
وبجلسة بتاريخ 08 نونبر 2022 حضر السيّد (س)، الذي أكّد أنّه اطّلع على ملفه التأديبي وأنّه جاهز لمناقشة قضيته، وبعد أنّ قدم السيّد المقرّر تقريره أمام المجلس، تمّ الاستماع إلى القاضي المتابع مدلياً بأوجه دفاعه وتصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيّد المقرّر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيّد (س) المستشار بمحكمة الاستئناف ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني والأخلاقي؛
وحيث تمّ الاستماع للسيد (س) وصرّح بما هو مفصل صدر الوقائع أعلاه؛
وحيث إنّه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات؛
وحيث يستقلّ المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتقدير الوقائع المادية والقرائن المتواجدة بالملف التأديبي للقاضي المتابع من أجل تكوين قناعته في تحقق المخالفة المهنية من عدمها. ويمكنه في سبيل ذلك الركون إلى جميع وسائل الاثبات المقرّرة قانوناً؛
وحيث إنّ الواجبات المهنية والأخلاقية تستمدّ أساسها من صيغة اليمين التي يؤديها القاضي قبل مزاولة مهامه بنص المادة 40 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة وكذا من المبادئ المتعارف عليها بشأن السلوك القضائي؛
وحيث إن الواجبات المهنية تتمثّل في جميع الالتزامات ذات الطبيعة القانونية التي يضعها القانون في شكل قاعدة أو مبدأ على عاتق القاضي والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصفة منصبه أوبمهامه القضائية، ومن بينها الحفاظ على مبادئ الاستقلال والحياد والتجرد، وواجب التحفظ وصيانة السر المهني والبت في القضايا بإخلاص وتفان. وهي الالتزامات التي يشكّل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية وفقا للمادة 96 من النظام الأساسي للقضاة؛
وحيث إنّ الواجبات الأخلاقية تتمثّل في جميع السلوكيّات ذات الطبيعة القيمية التي تضعها القيم والمبادئ القضائية كما يمكن أن يضعها القانون، والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بطريقة ممارسة القاضي لمهامه والسلوك الذي يجب عليه اعتماده أثناء هذه الممارسة أو بمناسبتها. ومن مثيلها المحافظة على أخلاقيات المهنة المحدّدة في مدونة الأخلاقيات القضائية وصون كرامة القضاء وشرفه، والمحافظة على وقار ورفعة منصبه. وأن يتّصف بما يؤدّي إلى ثقة الشخص العادي بأمانته واستقامته، وأن يكون فوق مستوى الشبهات ويتجنّب اللوم والتجريح في سلوكه، بشكل ينعكس على احترام القضاء وتوقيره. وهي الالتزامات التي يشكّل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية وفقا للمادة 96 من النظام الأساسي للقضاة؛
وحيث ثبت للمجلس من خلال دراسة أوراق الملف وإقرار القاضي المتابع، أنّ هذا الأخير قام بتسجيل محتوى المكالمة الهاتفية التي دارت بينه وبين كل من المستشارين (أ) و(د) في فضاء خاص وتوزيعه على أفراد آخرين دون علم أطراف المحادثة وموافقتهما. وفضلاً عن ذلك، فإنّه عزم وصمّم مسبقاً لتسجيل المكالمة، إذ لم يكن يتوفّر على تطبيقية التسجيل الآلي للمكالمات مطلقاً وعمد إلى تثبيتها على هاتفه، بعد مدّة يسيرة من توصّله بمكالمة هاتفية من زميلته المذكورة بتاريخ 22 يونيو 2022، وأنّ ما ادعاه من أنّ ابنته القاصر هي من قامت تلقائياً بتثبيت التطبيقية المذكورة بهاتفه يبقى مجرّد ادّعاء لا يستقيم وتحليل مجموع وقائع النازلة في سياق التراتبية الزمنية للأفعال الموالية لعملية التثبيت من تسجيل وتوزيع على مجموعة خاصة بالقضاة على الواتساب؛
وحيث إن الثابت من معطيات النازلة و وقائعها و تصريحات المستشارين الثلاثة أنّ القاضي المتابع هو من بادر للاتّصال بالسيدة (أ) لمناقشة القضية الرائجة معها، و هو يعلم يقيناً أنّ هاتفه يحتوي برمجية للتسجيل الآلي للمكالمات الصادرة و الواردة، والحقيقة أنّ تثبيت تطبيقية التسجيل بهاتفه كان في إطار التخطيط لتسجيل هذه المكالمة، بدليل أنّه لم يكن يتوفّر عليها مطلقاً، و تثبيتها بهاتفه أمر مستحدث ومرتبط بظرفية الاتّصال بالأستاذة المذكورة، وأنّ ما يؤكّد تعمّده التسجيل بسوء نية تهيّئاً لاستعمال هذا التسجيل لاحقاً، هو مرافقته لرئيس الهيئة لمكتبه في سابقة من نوعها، و هو الذي لم يتعوّد على ذلك خلال فترة الاستراحة منذ بداية سنة 2022 التي التحق فيها بالهيئة، حيث إنّ عادة السيّد (س) المتواترة أن يلتحق بمكتبه الخاص خلال فترة الاستراحة، كما أنّه لم يجر المكالمة في الوقت التي انفرد بها بنفسه بمكتبه بل انتظر إلى حين حضوره لمكتب رئيس الهيئة، ثمّ أجرى المكالمة بمبادرة منه، و خلالها تكلّم بتحفّظ ملحوظ عند حديثه مع السيّدة (أ)، و أصر ّفي كثير من مقاطع المكالمة، رغم المعارضة الشديدة لمحاورته، على جعل الحوار منحصراً بينها وبين رئيس الهيئة السيّد (د)، إذ بمجرّد أن بادرته بالقول: (هاديك المحامية أنا نهار عيطت ليك)، ردّ عليها في الثانية 57 من التسجيل الصوتي: (أنا أنا أنا ندوز ليك الأستاذ ***** رئيس الهيئة)، في الوقت الذي كانت تتفادى الحديث مباشرة مع رئيس الهيئة، بتأكيدها: (ندوي معاك أنت مندويش مع الأستاذ ***** دابا ندوي معاك أنت)، ولمّا بادرته بالحديث أنّ المحامية تتحدّث باسمهم، عاد مرة أخرى ابتداء من الدقيقة 06 و29 ثانية إلى الثانية 36 من نفس الدقيقة السادسة إلى المحاولة الثانية من مسعاه لإقناع الأستاذة (أ) بالتحدّث مع رئيس الهيئة ليقول لها:(أنايا ندوز ليك رئيس.... أنا ندوز ليك رئيس الهيئة حتى هو راه تيعرفك)، لدرجة أنّها ردّت عليه بلهجة صارمة:(لاش غدوز ليا رئيس الهيئة)، ولم تقبل بالحديث مع رئيس الهيئة إلا بعد محاولة ثالثة ابتداء من الدقيقة 10 و14 ثانية إلى الثانية 16 من نفس الدقيقة العاشرة. وهو ما يبيّن أنّ نيّة القاضي المتابع كانت متّجهة لتسجيل زميليه؛
وحيث إنّ عملية تسجيل المكالمة الهاتفية ونشرها تمّت بدون علم ورضى وموافقة كل ّمن الأستاذين (أ) و(د)، بل لم يكن لديهما علم بوجود تطبيقية تسجيل المكالمات بهاتف القاضي المتابع، إلى أن فوجئا بأنّ مكالمتهما كانت موضوع تسجيل بعد نشرها على العموم؛
وحيث إنّ عدم علم أطراف المكالمة بعملية تسجيلها وبالطريقة التي تمّت بها يعدّ عملية غير قانونية يعاقب عليها القانون الجنائي. وفضلاً عن ذلك فإنّه سلوك مناف للأخلاق بالنسبة لعامّة الناس، وبالأحرى لقاضٍ يفترض أن يتحلّى بمكارم الأخلاق ويحافظ على مبادئ الشرف والكرامة، ويبتعد عن ممارسة الأساليب المشينة، طالما أنّها تمسّ بشرف مهنة القضاء وباعتبارها. مما يكون معه إخلاله بالواجب الأخلاقي قائم في هذا الجزء من الواقعة؛
وحيث إنّ واقعة تسريب تسجيل المكالمة تمّت على الساعة 12 و46 دقيقة، أي في وقت وجوده مع أعضاء الهيئة بالجلسة لحظات بعد استئنافها إثر الاستراحة الفاصلة بين فترتي الجلسة. وهي الاستراحة التي حدّدت ما بين الساعة الحادية عشر و50 دقيقة، والساعة الثانية عشر، والتي تمّت خلالها المكالمة الهاتفية موضوع البحث. وهو ما يثبت وجود الهاتف في حوزته وبين يديه ولم يسلّمه لغيره، ولا مجال لتشغيله من طرف ابنته، كما أنّه لا دليل على قرصنة هاتفه من الغير، ولا مجال للحديث عن خطأ في الإرسال بدون قصد حسبما حاول القاضي المتابع التمسّك به، طالما أنّ عملية إرسال مكالمة مسجلة تتطلّب سلوك سلسة متوالية من العمليات بالهاتف، ناهيك عن أنّه لم يتلق من مجموعة الواتساب المذكورة ولم يرسل إليها أيّة رسالة في ذات يوم 07 يوليوز 2022 حتى يمكن الحديث عن الخطأ في الإرسال لآخر جهة تلقّي أو استقبال. وفضلاً عن ذلك فإنّ إرسال التسجيل تمّ خلال فترة انعقاد الجلسة على الساعة 12 و46 دقيقة، وهو وقت يفترض أن يكون القاضي يتابع سير إجراءات الجلسة. وكل ذلك يؤكّد أن القاضي المتابع تعمّد عن قصد وبينة واختيار وبأفعال ممنهجة إلى تسجيل المكالمة موضوع المتابعة ونشر محتواها بدون علم ورضى وموافقة كل من المستشارين المعنيين؛
وحيث إن قيام القاضي المتابع بالأفعال المشار إليها أعلاه، فيه مخالفة للمقتضيات الدستورية الضامنة للحياة الخاصّة للأفراد وسريّة اتّصالاتهم الشخصيّة وللقواعد الجنائية التي تؤمّن الحق في ممارستها؛
وحيث إنّ سريّة الاتصالات الشخصيّة للأفراد مخوّلة بمقتضى الفصل 24 من الدستور الذي ينص ّعلى أنّه: (لا تنتهك سرية الاتّصالات الشخصيّة، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلاً أو بعضاً، أو باستعمالها ضدّ أيّ كان، إلاّ بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص ّعليها القانون)، و فضلاً عن ذلك فإنّ كل خرق للاتّصالات الشخصيّة، ولو كان الشخص طرفاً فيها، يعدّ سلوكاً مجرّماً و معاقباً عليه طبقا للفقرة الأولى من الفصل 1-447 من القانون الجنائي التي تنص ّعلى ما يلي: (يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20.000 درهم، كل من قام عمداً، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سرّي، دون موافقة أصحابها). وفضلاً عن ذلك، فإنّه لا يحق للقاضي أن يخرق التزامات دستورية أو قانونية. لما في ذلك من تنكّر لالتزاماته المهنية، واستهتار بالقوانين التي يعتبر القاضي نفسه مسؤولاً على تطبيقها على الغير؛
وحيث إنّه وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ قيام القاضي المتابع بالأفعال المشار إليها أعلاه، قد خلّف قلقاً واضطراباً داخل جسم العدالة، ومساساً بثقة المتقاضين في القضاء وزعزعة لثقة القضاة في بعضهم البعض، مما يعدّ تجاوز اً خطير اً للأخلاقيات القضائية والأعراف والتقاليد المهنية و التي تفرض على القاضي مراعاة مبدأ التحفظ كما هو مؤطر بمقتضى الفصل 111 من الدستور والمادة 37 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة والمادة 21 وما يليها من مدونة الأخلاقيات القضائية، وبالحرص في سلوكه وتعبيره على الاتزان والرصانة، وعدم إبداء آراء ومواقف من شأنها المساس بثقة المتقاضين في استقلال وحياد القضاء، مهما كانت وسائل الاتصال ومواقع التواصل المستخدمة، وذلك لدرء فقدان المتقاضين الثقة في استقلالية وحياد العدالة، وضمانا لمصداقية الأحكام والقرارات القضائية ، و التصرّف بما يتماشى مع كرامة وشرف رسالة القضاء، و عدم التشكيك من خلال تصريحاته في الأحكام والقرارات والأوامر المتخذة من طرف المحاكم،، و الالتزام بدرجة عالية من الحذر عند التعبير عن آرائه ومواقفه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء أفصح عن صفته القضائية أم لا، و الابتعاد عن كل ما هو مسيء لسمعة القضاء أو يمسّ باستقلال ونزاهة وحياد القاضي، عند استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي، و الامتناع عن تسجيل أو نشر ما يسيء إلى الشرف والوقار والكرامة، و مراعاة المكانة الاعتبارية للقضاة سواء في الكتابات أو التعليقات أو الردود، ويشمل ذلك مختلف المعطيات الإلكترونية المتداولة كالصور والأشرطة المصورة وغيرها؛
وحيث إنه من جهة ثانية فإنّ القاضي ملزم بمراعاة الضوابط المهنية والقواعد السلوكية المرتبطة بحسن أداء المهمة القضائية للوصول إلى تطبيق عادل للقانون، يسوّي فيه القاضي بين الخصوم، ويحكّم فيه ضميره المهني، بعيداً عن كل مؤثّرات خارجية، مع أخذه مسافة من النزاع وأطرافه، مراعاة لمبادئ الاستقلال والمساواة والحياد، والتزاماً بالتطبيق العادل للقانون، وصوناً لهيبة القضاء واستقلاله، واحتراماً لليمين المهنية التي أقسم القاضي على التقيّد والوفاء بها، قبل شروعه في أداء مهامه؛
وحيث إنه بالرجوع إلى محتوى الحوار موضوع التسجيل الهاتفي بين السيدة (أ) والقاضي المتابع، الذي دام على مدى 09 دقائق و49 ثانية ، يتبين أن هذا الأخير ، و رغم محاولاته التحفظ في الحديث و تصنع احترام الضوابط المهنية و الولاء للقانون ، فإنه تلفّظ خلال المكالمة بعبارات تدل على عدم مراعاته لمبادئ الاستقلال و الحياد و المساواة في تدبير القضية المنظورة أمامه و زملاءه في الهيئة القضائية، إذ ورد على لسانه في الدقيقة الثالثة و24 ثانية من التسجيل الصوتي، عبارة (احنا بغينا نفكو الملف)، وفي الدقيقة 03 و59 ثانية عبارة: (احنا درنا بوجهك آ أستاذة)، في محاولة لترضية زميلة له في المهنة، وهو ما يتنافى بما يقتضيه الواجب المهني للقاضي بأن يمارس المهام القضائية بكيفية مستقلة على أساس تقدير الوقائع من منطلق التطبيق العادل للقانون، والتحرّر من أي مؤثرات أو إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخّل مباشر أو غير مباشر من أي جهة ولأي سبب، و أن يتحرّر عند البت في النوازل، من جميع المؤثرات الخارجية، سواء كانت إعلامية أو مجتمعية، و الحرص على أن تتسم القرارات والإجراءات المتخذة بالشرعية والولاء للقانون وحده؛
وحيث إنّ أخلاق القاضي تقتضي أن يحافظ على الشرف والوقار كما يحافظ على استقلال القضاء وعلى حياده وتجرّده. ولذلك لا يُقبل منه أن يعطي وعوداً وتطمينات تمسّ بهذه المبادئ ولو على سبيل المجاملة أو لمراضاة زميلته لأنّه هو المسؤول على المحافظة على استقلاله وتجرّده بمقتضى الفصل 109 من الدستور؛
وحيث إن القاضي المتابع لم يراع كذلك ما يستوجبه الواجب المهني من أداء الوظائف القضائية طبقا للوقائع المعروضة ووفقا للقانون، دون أي تحيّز أو تحامل أو محاباة اتجاه أي طرف من أطراف الدعوى، وذلك عندما وعد الأستاذة المذكورة بحل المشكل المرتبط بأحد المتهمين في القضية لمجرد أنه ابن عاملة منزلية لديها وإفراده بمعاملة وحكم خاص خلافاً لباقي المتهمين المتابعين في نفس القضية وذلك، بعدما أوصته باستحضار وضعية المتهم العائلية والاجتماعية عند البت في قضيته. والحال أن القاضي يلتزم بالبقاء على مسافة واحدة من أطراف الدعوى، وذلك أثناء سريان الإجراءات القضائية، ويمتنع عن إبداء أي تعليقات من شأنها أن تؤثر في نتيجة الدعوى أثناء سريانها، أو عند العلم المسبق بقرب عرضها على أنظار القضاء؛
وحيث ثبت للمجلس من خلال المعطيات أعلاه أن السيّد (س)، الذي أوكل إليه بحكم صفته ومسؤوليته تحقيق الأمن القضائي و التطبيق العادل للقانون بالحرص على تحقيق العدل والإنصاف بكل تجرد وحياد حفاظا على صورة القضاء، قد انحرف عن واجباته المهنية وخرق التزاماته الأخلاقية المفروضة بمقتضى رسالة القضاء، بإخلاله بواجب التحفظ من خلال تسجيل و نشر مكالمة خاصة لزملاء له، و كذا عدم مراعاته لما تفرضه مبادئ الاستقلال و الحياد و المساواة لأجل ضمان محاكمة عادلة ، وهو ما يشكّل إخلالات خطيرة تستوجب المساءلة التأديبية والعقوبة؛
واعتبارا لمبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
لأجله:
قرّر المجلس اتّخاذ عقوبة الإحالة على التقاعد الحتمي في حق السيّد (س) المستشار بمحكمة الاستئناف ب*****.
Sección 16, Hay Riyad, CP 1789, Rabat
sg@cspj.ma