موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني 3/14/2024

الواجب المهني احترام القانون مبادئ المداولة
البراءة

لا يمكن مساءلة العضو الثالث في الهيئة سوى فيما ثبت عرضه عليه أثناء مناقشة الملف من خلال تقرير المقرر، فلا يجوز إذن محاسبته على الطلبات التي عارض على الحكم بها، أو مؤاخذته بعلة عدم إلمامه بالتفاصيل التي لم يطرحها لا المقرر ولا رئيس الهيأة للنقاش.


قضية السيدة: (س)

المستشارة بمحكمة الاستئناف ب***

مقرر عدد: ***

أصل المقرّر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

بتاريخ 22 شعبان 1444 ه الموافق ل 14 مارس 2023

 

إنّ المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي-  محمد بنعليلو- أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله - محمد زاوك - محمد الناصر – خالد العرايشي – عبد الله المعوني – سعاد كوكاس- الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار- عبد اللطيف الشنتوف – يونس الزهري -عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي- نزهة مسافر؛

بحضور السيد مصطفى الإبزار: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية1437 (24 مارس 2016(؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 )24 مارس 2016(؛

وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛

ملخص الوقائـع

  بناء على تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية، والذي يستفاد منه أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية توصل  بشكاية من ***، والتي يتظلم فيها من خروقات شابت قرار استئنافي، حيث تضمن وقائع تتعلق بملف آخر غير ملف الدعوى وأن المحكمة قضت في تعليل ومنطوق القرار المتظلم منه بغير ما طلب، وبأكثر مما طلب خارقا بذلك مقتضيات الفصلين 3 و143 من قانون المسطرة المدنية.

وحسب وقائع القضية فإن المدعي حصر مطالبه فيما يلي:

- عن الطرد التعسفي مبلغ 500.000,00 درهم.

- عن الفصل مبلغ 200.000,00 درهم.

- عن الأجور غير المؤداة مبلغ 139.106,24 درهم.

- عن التعويض عن فقدان شغل مبلغ 49.096,32 درهم.

- عن باقي التعويضات مبلغ 55.253,4 درهم.

- عن الأقدمية مبلغ 157.846,4 درهم.

أي ما مجموعه: 70.401.302,4 درهم. 

  وقضت المحكمة الابتدائية ب*** بمقتضى حكمها *** بتاريخ 08/03/2019 في الملف عدد *** لفائدة المدعي بتعويض عن الضرر في حدود مبلغ 229.370,00 درهم، وعن الفصل مبلغ 148.723,20 درهم وعن الأقدمية مبلغ 29.596,08 درهم ورفض باقي الطلبات.

  وأن القرار الاستئنافي المتظلم منه أدرج في معرض وقائعه استئنافا مودعا بتاريخ 24/01/2019، يتعلق باستئناف حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ب*** بتاريخ 29/11/2018 في الملف الاجتماعي ***. وقضى في منطوقه (هكذا) بتعديل الحكم المستأنف جزئيا وذلك برفع التعويض عن الضرر إلى مبلغ 312.442,33 درهم، وعن الفصل في مبلغ 211.539,19 درهم وعن الاخطار 13.438,38 درهم، وعن الأقدمية في مبلغ 40.315,14 درهم.

  وبعد اطلاع المفتشية العامة للشؤون القضائية على الحكم الابتدائي وكذا القرار الاستئنافي موضوع التظلم، تم الاستماع إلى أعضاء الهيئة القضائية التي بتت في الملف، حيث صرح الأستاذ ***، رئيس الهيئة بعد اطلاعه على القرار، أنه بالنظر لكثرة الملفات لا يطلع على وقائع جميع القرارات عند التوقيع، وأن المستشار المقرر يتعين أن يحدد جميع طلبات الأطراف التي تتم المداولة فيها، إذ يتم البت في 300 ملف في الجلسة الواحدة، وكل مستشار مقرر يحجز للمداولة ما بين 25 و35 ملف. وأن القرار قضى بالتأييد مع التعديل، وقد أضافت محكمة الاستئناف التعويض عن الإخطار رغم أنه غير مطلوب بمقتضى المقال، ولم تقض به المحكمة الابتدائية مصدرة الحكم المستأنف، كما قضت محكمة الاستئناف بمبلغ 211.539,00 درهما تعويضا عن الفصل، علما أن المدعي لم يطالب في مقاله الافتتاحي إلا بمبلغ 200.000,00 درهم. موضحا أن المداولة تتم بناء على تقرير المستشار المقرر، ولا يطلع إلا على أسباب الاستئناف دون المقال الافتتاحي لثقته في المستشار المقرر. مبرزا أن المستشار المقرر كثير الأخطاء المادية لكونه يتولى الطباعة بالحاسوب اعتمادا على القص واللصق.

  وبناء على قرار السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية  عدد *** المؤرخ في 19 ماي 2022 الرامي إلى تعيين السيد *** الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب*** طبقا لمقتضيات المادة 88 من القانون المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

  وبناء على تقرير السيد المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس والذي استمع فيه للقاضي المتابع.

  وبناء على قرار المجلس بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيد المقرر على أنظار أعضاء المجلس، والرامي إلى إحالة السيدة (س) على المجلس الأعلى للسلطة القضائية، طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي من أجل ما نسب إليها من إخلال بالواجب المهني.

  وبناء على الاستدعاء الموجه للسيدة (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 14/03/2023؛ والذي توصلت به بتاريخ 01/03/2023 وفق شهادة طي الملف.

  وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوعة رهن إشارة السيدة (س).

  وبجلسة 14/03/2023 حضرت السيدة (س)، التي أكدت فيها أنها اطلعت على الملف التأديبي وأنها مستعدة لمناقشة القضية، وبعد أن قدم السيد المقرر *** تقريره أمام المجلس، وتم الاستماع إلى القاضية المتابعة مدلية بأوجه دفاعها ومؤكدة تصريحاتها المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر.

وبعد المداولة طبقا للقانون

  حيث أحيلت السيدة (س) المستشارة بمحكمة الاستئناف ب*** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني.

  وحيث إن الخطأ المهني يشكل ركن السبب في قرار العقوبة التأديبية، لذلك يتوجب إثبات ماديته، كما يتوجب أن تكون الأفعال المادية المكونة له قابلة للتكييف على أنها أخطاء مهنية.

  وحيث أفادت المستشارة (س) عند الاستماع إليها من قبل السيد المقرر أن احتساب التعويضات عن الإخطار والفصل، تم من طرف المستشار المقرر الذي تولى تلاوة تقريره أثناء المداولة، وأنه حدد التعويض عن الإخطار، رغم أنه كان غير مطلوب في المرحلة الابتدائية، كما أنه لم يتأكد من المبلغ المطلوب عن الفصل خلال المرحلة الابتدائية، فجاء المبلغ المقضي به استئنافيا متجاوزا المبلغ المطلوب ابتدائيا، مضيفة أن تعليل القرار من اختصاص المستشار المقرر الذي أغفل الرد على بعض الوسائل.

  وحيث أكدت السيدة المستشارة (س) عند الاستماع إليها من قبل هذا المجلس معارضتها الحكم بالتعويض عن الإخطار، وهو ما أكده المستشار المقرر، أما بخصوص التعويض عن الفصل فأكدت أن المستشار المقرر قد قضى بأكثر مما طلب دون إعلام باقي الهيئة.

  وحيث إنه يقصد بالمداولة التشاور وتبادل الرأي فيما بين القضاة بغية الوصول إلى القرار الذي يصدر في الدعوى التي نظروها، فهي إذن مشاورة بـين أعضاء هيئة الحكم في منطوق الحكم وعلله بعد انتهاء المناقشة وقبـل النطق به بهدف الوصول إلى حكم ناتج عن تبادل وجهات النظر والآراء مجتمعة.

  وحيث إنه من مبادئ المداولة أن يطلع القضاة على المستندات والأوراق الخاصة بالدعوى والتأكد منها وفحصها فحصا دقيقا، وتدقيق الطلبات والدفوع أو الوسائل، والتحاور وتبادل وجهات النظر فيها فيما بينهم، ومناقشة المواد القانونية المعتمدة، ومنطوق الحكم وأسبابه، والتأكد من مطابقته مع الطلبات لتفادي الأخطاء.

  وحيث إن وقائع الملف تطرح عادة أثناء المداولة، من قبل المستشار المقرر الذي يقوم بشكل قبلي بإعداد مشروع القرار القضائي قصد عرضه على باقي الأعضاء للنقاش، وذلك بعد دراسته للنازلة بشكل مستفيض، وإلمامه بكل التفاصيل، وإجابته على جميع الدفوع أو الوسائل الجدية المثارة من قبل أطراف النزاع، في حين يفترض في رئيس هيئة الحكم من جانبه أنه ملم بمضمون الملف ومشتملاته وتفاصيله قبل المداولة باعتباره المسؤول على تسيير مناقشته أثناء الجلسة وتجهيزه للمداولة حسبما يفهم من الفصل 343 من ق.م .م، كما أنه مسؤول على كل ما ضمن بالقرار القضائي من بيانات باعتباره ملزما بالتوقيع عليه إلى جانب المستشار المقرر استنادا للفصل 345 من ق م م، أما العضو الثالث فلا يمكن مساءلته سوى فيما ثبت عرضه عليه أثناء مناقشة الملف من خلال تقرير المقرر، فلا يجوز إذن محاسبته على الطلبات التي عارض على الحكم بها، أو مؤاخذته بعلة عدم إلمامه بالتفاصيل التي لم يطرحها لا المقرر ولا رئيس الهيئة للنقاش.

وحيث إن البين من وثائق الملف ومستنداته، ومن تصريحات المستشار المقرر المدلى بها أمام هذا المجلس، أن المستشارة (س) قد عارضت الحكم بالتعويض عن الإخطار لعدم المطالبة به خلال المرحلة الابتدائية، كما لم يثبت علمها بمنح الأجير تعويضا عن الفصل التعسفي يفوق مبلغ التعويض المطلوب من قبل الأجير، خلافا لأحكام الفصل 3 من ق م م، بدليل ما جاء بتصريح المستشار المقرر من أنه هو نفسه لم يكن يعلم أثناء المداولة بأن مبلغ التعويض المحتسب من طرفه يفوق المبلغ المطلوب. أما ما ضمن بالقرار القضائي من أخطاء أو نقص في التعليل فيبقى واقعا تحت مسؤولية المستشار المقرر ورئيس هيئة الحكم دون العضو الثالث الذي لا يطلع على مضمنه لعدم إلزامه من قبل المشرع على توقيعه إلى جانبهما، وبالتالي يكون من غير المستساغ مؤاخذة المستشارة (س) من أجل أخطاء لم ترتكبها.

  وحيث يتعين تبعا لما ذكر عدم مساءلة المستشارة (س) من أجل الإخلال بالواجب المهني، والتصريح ببراءتها.

لأجلـه

قرر المجلس تبرئة السيدة (س) المستشارة بمحكمة الاستئناف ب*** من أجل الاخلال بالواجب المهني.