موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني 10/25/2022
يعتبر تجاوز قاضي المستعجلات للاختصاصات المخوّلة له بمقتضى القانون إخلالاً بالواجب المهني موجباً للمساءلة التأديبية.
قضية السيد: (س)
قاض بالمحكمة الابتدائية ب*****
مقرر عدد:
أصل المقرر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية |
بتاريخ 29 ربيع الأول 1444، الموافق ل25 أكتوبر 2022
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية، و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو- أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله – خالد العرايشي - عبد الله معوني –سعاد كوكاس- الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار -عبد اللطيف الشنتوف - يونس الزهري- عثمان الوكيلي - المصطفى رزقي - أمينة المالكي - نزهة مسافر.
بحضور السيد مصطفى الإبزار : الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016(؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 )24 مارس 2016(؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
ملخص الوقائـع
بناء على البحث الذي أجرته المفتشية العامة للشؤون القضائية بمقتضى التقرير عدد ***** وتاريخ 04 فبراير 2022 موضوع الملف رقم ***** المنجز بناء على تعليمات السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الرامية إلى إجراء بحث حول ظروف وملابسات إصدار السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** نيابة عن رئيس المحكمة وبصفته قاضياً للمستعجلات أمراً بتاريخ 15 دجنبر 2021 تحت عدد ***** في الملف الاستعجالي رقم*****قضى برفع رهنين رسميين منقولين من الرسم العقاري عدد ***** المقيدين بتاريخ 21/01/2019 ( سجل ***** عدد *****) و ( سجل ***** عدد ***** ) وبتاريخ 19/07/2019 ( سجل ***** عدد ***** ) و ( سجل ***** عدد *****) على الرسوم العقارية ذات الأعداد من ***** إلى ***** وبأمر المحافظ على الأملاك العقارية والرهون ب***** بتنفيذ الأمر الصادر مع النفاذ المعجّل، استناداً إلى مقتضيات الفصل 453 من قانون المسطرة المدنية الذي ينظّم الحجز التحفظي. واطّلعت هيئة التفتيش على الأمر الاستعجالي الصادر عن السيد (س)، وعلى الوقائع المتعلقة بموضوع النزاع والتعليل الوارد به؛
وتمّ الاستماع للقاضي المذكور من لدن المفتشية العامة للشؤون القضائية وصرّح أنّه أصدر الأمر في ظروف كان يعاني فيها من ضغط في العمل. وأكّد بأنّه ليس من اختصاص قاضي المستعجلات البت في هذا النوع من الطلبات، غير أنّه أثناء التحرير استند إلى أمر استعجالي برفع الحجز التحفظي بحكم أنّه لا يتوفر على نموذج يتعلّق برفع الرهن الرسمي، وحرّر الأمر عن طريق المعالجة بالحاســـوب على فترات متقطعة باعتماده عملية (نسخ ـ لصق) وبأنه فوجئ بعد إعادة قراءة الأمر بالخطأ المرتكب من قبله، موضحاً بأنّه أخطأ وبأنّ النّزاع لو عُرض عليه من جديد لكان له رأي مخالف؛
وبناء على قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤرّخ في 19 أبريل 2021 والرامي إلى تعيين السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب ***** مقرّراً في القضية طبقا لمقتضيات المادة 88من القانون التنظيمي المنظّم للمجلس؛
وبناء على تقرير السيد المقرّر الذي أودعه بأمانة المجلس والذي استمع فيه للقاضي المتابع؛
وبناء على مقرّر المجلس المتّخذ في اجتماعه المنعقد بتاريخ 27 شتنبر 2022 بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيّد المقرّر على أنظار المجلس، والرامي إلى إحالة السيد (س) إلى المجلس طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي رقم 100.13 من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني؛
وبناء على الاستدعاء الموجّه للسيّد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 25 أكتوبر 2022 الذي توصّل به حسب الثابت من شهادة التوصل المضمّنة بالملف؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة السيد (س)؛
وبجلسة 25 أكتوبر 2022 حضر السيّد (س)، وأكّد أنّه اطّلع على الملف التأديبي وأنّه مستعدّ لمناقشة قضيته. وبعد أن قدّم السيد المقرّر تقريره أمام المجلس، تمّ الاستماع إلى القاضي المتابع الذي أكّد تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيّد المقرّر وأنّ الإخلال بواجبه المهني راجع لحداثة التحاقه بشعبة القضاء الاستعجالي.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجبات المهنية؛
وحيث تمّ الاستماع للسيد (س) وصرح بما هو مفصّل في الوقائع أعلاه؛
وحيث إنّه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية للمجلس؛
وحيث إنّ الواجبات المهنية تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتق القاضي، والتي يشكل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية؛
وحيث إنّ من أهمّ تلك الالتزامات ما نصّ عليه الفصل 110 من الدستور وما نصّت عليه المادة 42 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة والمتمثل في التطبيق العادل للقانون. وهو الالتزام المندرج كذلك ضمن اليمين القانونية التي يؤدّيها القاضي قبل شروعه في ممارسة مهامه القضائية بمقتضى المادة 40 من نفس القانون. كما يتجلى فيما يفرضه القانون على القاضي من تفان وحرص وعناية، ومن سهر على حقوق الأشخاص وحرياتهم وأمنهم، ومن ضرورة تطبيق القانون بمقتضى الفصل 117 من الدستور والمادة 41 من النظام الأساسي للقضاة؛
وحيث ثبت للمجلس من وثائق الملف، أنّ عدم عناية القاضي بدراسة القضية أدّت إلى عدّة تساؤلات حول مدى التطبيق العادل والسليم للقانون بالنسبة للحكم الصادر في القضية المعنية مما يضرّ بصورة العدالة، ويمسّ بمصداقية الأحكام. إذ إن ارتكان القاضي المتابع وهو يمارس مهامه بصفته قاضياً للمستعجلات إلى مقتضيات الفصل 453 من قانون المسطرة المدنية يشكّل خرقاً لمبدأ التطبيق السليم للقانون لتعلق مقتضيات هذا الفصل بحجز المنقولات والعقارات وليس بالرهون الرسمية. ناهيك على أنّه تجاوز اختصاصاته كقاض للمستعجلات والمخوّلة له بمقتضى الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنّه: (يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضياً للمستعجلات كلما توفّر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات) ومقتضيات الفصل 152 من نفس القانون المسطري أعلاه الذي يقرن البت بالنسبة للأوامر الاستعجالية بالإجراءات الوقتية دون المساس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر. والحال أنّ ليس هناك بملف النازلة ما يستوجب التدخّل الفوري لقاضي المستعجلات. وتبرير القاضي المتابع لتدخلّه بالطبيعة الاستثمارية لعمل المدعية دونما إبراز وتعليل الخطر المحدق بهذا النشاط يعدّ خرقاً للنصوص القانونية المنظّمة لموضوع الدعوى المثارة أمامه؛
وفضلاً عن ذلك، فإنّ القواعد المنظّمة للرهن الاتفاقي الرابط بين طرفي الدعوى الاستعجالية تجد سندها أولاً في مقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الذي يجعل الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون، وثانياً في مقتضيات المادة 174 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أنّه: (ينعقد الرهن الاتفاقي كتابة برضى الطرفين ولا يكون صحيحا إلا إذا قيّد بالرسم العقاري). وبالإضافة إلى ذلك فإنّ حالات الإلغاء المنصوص عليها قانوناً بمقتضى المادة 212 من مدونة الحقوق العينية والتي تشير إلى حالات انقضاء الرهن وتقرنها بالوفاء بالدين أو برفع يد الدائن المرتهن عن الرهن أو بهلاك الملك المرهون كلياً، فهي منعدمة بملف القضية أيضاً. وهو ما يثبت عدم تطبيق القاضي المتابع تطبيقاً سليماً وعادلاً للنصوص القانونية المنظّمة لموضوع الدعوى المثارة أمامه، وإضراراً لحقوق الطرف المدعى عليه وهو البنك مسّ بضمانه كدائن مرتهن عند أمره بالتشطيب على رهن رسمي دون توفّر شروط ذلك كما تمّ بيانه؛
وحيث إن قيام القاضي المتابع بالأفعال المشار إليها أعلاه يتنافى وواجباته المهنية، ويعد خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية إعمالا لنص المادة 96 من النظام الأساسي للقضاة؛
واعتبارا لمبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*****.