موجب الإحالة: الإخلال بالواجبات المهنية والوقار والامتناع عن تنفيذ قرار الإيقاف المؤقت 18-05-2021 الطباعة
لا يؤثر على حياد وتجرد أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية حضورهم أنشطة أو حفلات ينظمها زملاؤهم القضاة كما أن نهج أعضاء المجلس عند مباشرتهم لمهامهم محمول على التجرد والإخلاص والأمانة والنزاهة، وهي شروط قبلية لممارسة مهامهم بموجب القسم الذي يؤدونه بين يدي جلالة الملك؛
لا يعتبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية هيئة قضائية ولا يمكن تجريح أحد أو كل أعضائه كما هو الشأن بالنسبة للهيئات القضائية بالمحاكم، ولم ينص القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية على التجريح إلا عند تنظيمه لمسطرة التأديب وفقط في مواجهة القاضي المقرر المعين في إطار المسطرة؛
يشكل إخلالا خطيرا بواجب الوقار امتناع القاضي عن تنفيذ قرار إيقافه مؤقتا عن العمل واستمراره في ممارسة مهامه رغم ذلك؛
يعد من الإخلالات المهنية الموجبة للمساءلة التأديبية عدم معاملة القاضي لرؤسائه باحترام وعدم إصدار الأحكام في آجال معقولة وتحريرها والتهاون في الدراسة القبلية للقضايا وعدم التقيد ببرنامج توزيع الجلسات وبساعة انعقاد الجلسة والإقامة خارج دائرة نفوذ محكمة الاستئناف التي يعمل بها دون الحصول على ترخيص، وكل سلوك من شأنه تعطيل سير المحكمة والإضرار بحقوق المتقاضين وبأمنهم القضائي.
قضية السيد (س)
القاضي بالمحكمة الابتدائية *****
بتاريخ 18 ماي2021،
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي - محمد بنعليلو - محمد زاوك– محمد خالد العرائشي - أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله – محمد الناصر - ماجدة الداودي - الحسن أطلس – حسن جابر - ياسين مخلي - عائشة الناصري- فيصل شوقي – حجيبة البخاري - محمد جلال الموسوي - عادل نظام -عبد الكريم الأعزاني ؛
بحضور السيد مصطفى الإبزار : الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية 1437(24 مارس 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437(24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017 .
الوقائع
يستفاد من تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية عدد ***** المؤرخ في 19 مارس 2021، أنها توصلت من الأمانة العامة للمجلس بمذكرة حول ما صرح به السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** مع الإقامة بمركز *****، أثناء مثوله أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية في إطار مسطرة تأديبية، من أنه يعاني من غياب نائب وكيل الملك عن المركز المذكور وتوقيعه الملتمسات والاستدعاءات على بياض ثم تركها لموظف النيابة العامة، مدليا ببعض من هذه الملتمسات بالإضافة إلى عثوره على علبة كرتونية تضم مجموعة من الملتمسات والوثائق التي تهم المركز مهملة ،وذلك قصد إجراء بحث في الموضوع.
فانطلقت إجراءات البحث بتكليف السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف *****، بإجراء بحث فيما ادعاه السيد (س)، كما حرصت المفتشية العامة على تلقي إفادة كل من رئيس المحكمة الابتدائية***** ووكيل الملك لديها، اللذان أحالا عليها بطاقة حول كتب القاضي المقيم *****، واستمعت بمقرها إلى السيد (س) ، كما استمعت إلى نائبي وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ***** السيدين ***** و ***** والسيد ***** القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*****، كما كلفت السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ***** و الوكيل العام للملك لديها، للانتقال إلى مركز القاضي المقيم ل***** لتسلم الكيس البلاستيكي والعلبة الكرتونية من السيد (س)، وجرد وإحصاء محتوياتهما وتسليم الوثائق إلى الجهة المختصة، وتوصلت بتقريرهما في الموضوع، وقد خلصت هذه الأبحاث إلى أن تمسك القاضي المقيم بالحضور اليومي لنائب وكيل الملك بالمركز لا يرمي إلا إلى إثارة وافتعال الأزمات مع العاملين بالمركز من نواب لوكيل الملك و موظفين و مسؤوليه المباشرين، لكون حضور نائب وكيل الملك لمزاولة عمله بالمركز أو تولي ذلك بمقر المحكمة الابتدائية يرجع لتقدير المسؤول القضائي للنيابة العامة، كما خلصت إلى أن القاضي السيد (س) استولى على الاستدعاءات والملتمسات التي أدلى بها من مكتب نائب وكيل الملك وأن إثارة هذه الواقعة لا تعدو أن تكون رغبة منه في افتعال الأزمات مع النيابة العامة، وهو الذي عمد إلى إدراج القضايا بجلسة الجمعة بدل الخميس خلافا لجدول توزيع الجلسات لحمل نائب وكيل الملك على الحضور يومي الخميس و الجمعة وأن ظروف العثور على العلبة الكرتونية والكيس البلاستيكي اللذين يحتويان على وثائق يخص أغلبها النيابة العامة بالمركز التي يدعيها القاضي السيد (س) مشكوك فيها.
كما توصلت المفتشية العامة للشؤون القضائية بتقريرين عن الوضعية القضائية بمركز القاضي المقيم *****بعث بهما السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف *****، الأول بتاريخ 23 يناير 2020 مفاده أن الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف ***** والوكيل العام للملك لديها بعد إنهائهما لمهمة فرز محتويات الكيس البلاستيكي والعلب الكرتونية وتسليم الوثائق الموجودة به للجهة المختصة بها قاما بزيارة تفقدية لكتابة الضبط بمركز القاضي المقيم ***** للاطلاع على سير الأشغال بها فأثار انتباههما ما يلي:
هذا وقد وجه الرئيس الأول استفسارا في الموضوع للسيد (س) القاضي المقيم، وكتابا للسيد رئيس المحكمة قصد بسط رقابة وتتبع مستمر لسير الأشغال بالمركز من طرف القاضي المقيم.
وبتاريخ 18 فبراير 2020 توصلت المفتشية العامة بكتاب السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف *****، مفاده أنه ثبت من التقرير الذي أنجزه السيد رئيس المحكمة في ضوء زيارته لمركز القاضي المقيم ***** خلال يومي الخميس والجمعة 06 و07 فبراير 2020 ما يلي :
أ-اعتراض السيد القاضي المقيم وعدم السماح لممثل المديرية الفرعية والحفظ الجهوي بالاطلاع على الحفظ والتحضير لجرده ونقله مبررا ذلك بضرورة حضور نائب وكيل الملك معه آنذاك.
ب- قيام السيد القاضي المقيم بتصرفات فريدة وغريبة خلال زيارة السيد رئيس المحكمة وتواجده رفقة رئيس المصلحة يوم 2020/02/06 بمكتب القاضي و إخباره عن سبب الزيارة بناء على كتاب السيد الرئيس الأول محاولا الاطلاع خفية على مراجع الكتاب، و بعد تنبيهه إلى أن هذا الأسلوب لا يليق به كقاض، صاح في وجه رئيس المحكمة محتجا بأنه مهدد في استقلاليته وأنه سيتصل بمحاميه، فمد يده إلى هاتفه النقال وبعد الاتصال رد على مجيبه مخاطبا "واش كاين ذ/ المحامي…... إني أتعرض لضغوطات "وعندما لاحظ بأن رئيس المحكمة قد دون في ورقة ساعة الاتصال التي هي 03 و 06 دقائق، تراجع وأقفل الخط قائلا سأتصل بكم لاحقا. يضاف إلى ذلك تشويش وعرقلة مهمة رئيس المحكمة بمركز *****، ويتجلى ذلك في المراقبة الفضولية لما يطلبه رئيس المحكمة من ملفات قصد تصويرها، فبحكم أن آلة التصوير توجد بمكتبه، فقد كان يضايق رئيس المحكمة في متابعة تصوير وثائق الملفات، وعندما طلب منه التزام الهدوء وعدم التشويش على سير المهمة استشاط غضبا وشرع في الصراخ بصوت مرتفع مرددا "أنه ليس من حقه الاطلاع على ملفاتي" مع العلم أنها محكومة وتتواجد لدى كتابة الضبط ولم تعد من مهامه. وبعد أن هدأ تارة، أصبح يتحرك في مكتبه مراقبا تفاصيل ما يجري مرتديا البدلة رغم رفع جلسة الحالة المدنية بشأن ملف وحيد، وأحيانا يعترض الموظفين ويسألهم عن الملفات التي تم الاطلاع عليها، وقد تناهى إلى مسامع السيد رئيس المحكمة ورئيس مصلحة كتابة الضبط -عندما كانا يتواجدان بمكتب أحد الموظفين، بعد أن تعذر عليهم إتمام المهمة بمكتب القاضي لما تعرضا له من تشويش - صراخه بصوت مرتفع ببهو المحكمة بأنه يتعرض للتهديد والابتزاز في هذه الأثناء، كما أن تصرفاته غير المفهومة والبعيدة عن التدبير الإداري الرزين، تتجسد في توجيه كتاب للسيد رئيس المحكمة يطالبه بسجل القاصرات الذي لم يسبق له مسكه بالمركز، ولما استفسره عن عدم مطالبته للسجل من المدير الفرعي كما جرى عليه العمل بجميع محاكم المملكة، أجابه بأن المشكلة في التفتيش التسلسلي وليست مشكلته، ورغم هذا الجواب الفج الوقح، فإن رئيس المحكمة حمل معه السجلات المطلوبة يوم الزيارة للمركز بتاريخ 6 فبراير 2020، ولما حاول رئيس المصلحة تسليمه إليه وبمجرد ما شاهد السجلات صاح بصوت مرتفع "إني لا أريدها وليست هذه التي طلبتها"، وعندما أوضح له بأن النموذج هو المعمول به، أجاب بأنه متحفظ على ذلك وسجل تحفظه على الإشهاد بالتوصل.
وبخصوص الخرق القانوني اللاحق بالأحكام الصادرة عنه، فإنه يدون على ظهر الملف بقبول الطلب شكلا وموضوعا، وهو ما يضمنه كاتب الضبط بمحضر الجلسة، ولا يعرف تفاصيل منطوق الحكم إلا حين تحريره، وبذلك يبقى المتقاضي المحكوم لفائدته أمام متاهة غموض منطوق الحكم.
وبخصوص عدم تحرير الأحكام الصادرة، فإنه إضافة إلى ما عاينه يوم زيارته للمركز بتاريخ 24 دجنبر 2019 من عدد الملفات غير المحررة، والتي كانت موضوع استفسار للمعني بالأمر، والذي أجاب عنه بأسلوبه الذي يخلو من الاحترام مع ما يتسم به من كذب لا يليق بالقاضي المقيم، الذي هو في حكم مسؤول قضائي عن المركز، فإن رئيس المحكمة قد وقف خلال مراقبته لأشغال المركز، أن هناك عدة ملفات أخرى غير محررة يعود بعضها إلى سنة 2017، مضمنا ذلك في تقريره ومشيرا على سبيل المثال لأرقام تلك الملفات، مع احتمال وجود ملفات أخرى غير محررة وعدم وجود ملفات الأسرة من 57 إلى 2016/100، كما تمت معاينة وضبط مجموعة من الأحكام غير الموقعة من طرف السيد القاضي رغم صدورها منذ 2016، فضلا عن التأخير غير المبرر في إصدار أحكام الحالة المدنية مثلا: 10 ملفات حالة مدنية لإضافة اليوم والشهر، قام بحجزها للتأمل من جلسة 03 يناير 2019 لجلسة 10 يناير 2019، ثم قام بتمديدها ل 15 يناير 2019 دون أي مبرر، مع الإشارة إلى أن مثل هذا النوع من طلبات إضافة اليوم و الشهر يتم البت فيه لآخر الجلسة، و هذا ما يدحض ادعاءاته وإلصاق التهم بالنيابة العامة بأنها غير موجودة و لا تقوم بعملها، مع العلم أن ملتمس النيابة العامة موجود بالملفات أعلاه منذ 03 يناير 2019، والسيد القاضي لم يصدر الأحكام فيها إلا بتاريخ 15 يناير 2019، إضافة إلى عدم التوقيع على محاضر الجلسات المتضمنة للأحكام و التي يرجع تاريخها لسنة 2016، والحكم في الملف ***** على المدعى عليه بأدائه للمدعي مبلغ 10000 درهما رغم تنازل المدعي عن الدعوى، إضافة إلى العديد من التجاوزات والأخطاء التي يرتكبها القاضي في عمله والمفصل ذكرها بتقرير السيد رئيس المحكمة، مع المغالاة في تحديد أتعاب المعاينات، إذ بالرغم من تنبيهه خلال الزيارة التفتيشية التي تمت خلال شهر أكتوبر 2017بعدم المغالاة في تحديد ما بين 2000و2800 درهما كأتعاب له عن المعاينة، و رغم هذا التنبيه فقد بقي دون آذان صاغية و تمادى المعني بالأمر في فرض المبالغ أعلاه على المتقاضين ذوي ملفات بسيطة كقضاء القرب، بالرغم من كون المشرع أعفاهم من أداء الرسوم القضائية على طلباتهم تسهيلا منه في ممارسة سلوك هذا النوع من القضايا البسيطة، فإن المعني بالأمر يعاكس إرادة المشرع في تحد منه للمقتضيات القانونية وتنبيهات رؤساءه، يضاف إلى ذلك إهمال تتبع ومراقبة شعبة التنفيذ كما يتضح من تقرير السيد رئيس المحكمة أن هناك ملفات تنفيذ بقيت مجمدة منذ سنة 2012 دون أي إجراءات تذكر، مما يفسر معه أن المراقبة على شعبة التنفيذ منعدمة من طرف القاضي المقيم.
وبخصوص علاقته السيئة مع أغلب موظفي المركز، فإن العلاقة بين القاضي المقيم وأغلب موظفي المركز يشوبها التشنج والتوتر بين الرئيس والمرؤوسين، الذي يكاد يكون يوميا، وفي هذا هدم لمبادئ النظم الإدارية المنظمة للعلاقة بينهما، والتي يجب أن تبنى على الثقة والاحترام والتضامن في أداء الواجب. غير أن الواقع في مركز ***** يبتعد عن هذا الوصف، إذ أصبحت السمة الغالبة في تعامل رئيس المركز مع الموظفين هي الصراخ والانفعال والانتقام منهم لأنهم أدلوا بشهادتهم عند الاستماع إليهم من طرف المفتشية العامة والمقرر إثر إحالته على المجلس.
وحول وضعية الحفظ بمركز القاضي المقيم *****، فإن مهام إدارته تسند في الأصل إلى أحد الموظفين، الشيء الذي عاكسه القاضي المقيم عندما منع جميع الموظفين من هذه المهمة، واحتفظ بذلك لنفسه مكلفا حارس الأمن ***** وسلمه مفتاح الحفظ مخالفا الضوابط الإدارية.
وخلص السيد الرئيس الأول في كتابه بأنه وكما ثبت سابقا من خلال الزيارات التفقدية لمركز *****، حول وضعية هذا المركز والوضعية الشاذة للقاضي المعين به، وكما جاء في تقرير السيد رئيس المحكمة بأن تصرفات القاضي المقيم ***** وطريقة كلامه وانفعاله ومحاولته تعويم الكلام عند أي تواصل معه بشكل مخالف للضوابط والأعراف المتعارف عليها في هذا الشأن، ينم عن عدم احترامه لمسؤوله المباشر ويعقد عملية التواصل معه وتأطيره لما فيه مصلحة حسن تصريف الأشغال بالمركز خدمة للمتقاضين، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على عمله بالمركز، وبناء على الإخلالات أعلاه وسوء تدبير المركز قضائيا وإداريا من طرف القاضي المقيم، وبناء على الوضعية المقلقة التي أصبح عليها المركز ، الناتج عن تصرفات وتسيير سيئ من طرف القاضي المقيم، حيث أصبح التوجس باستمرار من عواقب الوضعية الخطيرة للمركز، الأمر الذي يستوجب التدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها وردع المعني بالأمر الذي لا يحترم حتى نفسه عندما بدأ يصرخ ببهو المحكمة وأمام المتقاضين، بأنه يتعرض للتهديد والابتزاز، الأمر الذي فيه مساس بهيبة السلطة القضائية والجهاز القضائي بالدائرة وسمعة المركز الذي لم يوصله أي قاض سابق للحالة التي هو عليها الآن، لذا فإن بقاء السيد (س) بالمركز الذي يتصرف فيه على هواه، واستنادا لإخلالاته وأخطائه ونواقصه في العمل، فإنه لا يصلح لممارسة مهنة الفصل بين الناس، ولا يمكن ائتمانه على حقوق المتقاضين، فبالأحرى تسيير المركز قضائيا وإداريا، مجددا ملتمسه السابق وذلك بنقل السيد (س) من مركز القاضي المقيم ***** إلى جهة قضائية أخرى تسهر يوميا على مراقبة تصرفاته وإعادة تكوينه مهنيا وخلقيا.
وبغية الاستماع إلى السيد (س) من طرف المفتشية العامة حول ما ورد بتقريري السيد الرئيس الأول تم استدعاؤه، إلا أنه لم يحضر رغم توصله بالإشعار بالحضور المسلم إليه من طرف رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية ب***** وامتناعه عن التوقيع ثم انتقال رئيس المحكمة المذكورة إلى مركز القاضي المقيم لتسليمه الإشعار بالحضور.
كما يستفاد من تقرير ثان للمفتشية العامة للشؤون القضائية يحمل عدد ***** وتاريخ 7 أكتوبر 2021أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، قرر خلال اجتماعه المنعقد يوم الثلاثاء 24 شتنبر 2020، إجراء بحث حول ما ورد بكتب ومراسلات السيد رئيس المحكمة الابتدائية *****، المرفوعة إلى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وإرسالية السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ***** المرفوعة إلى السيد رئيس النيابة العامة، والتي مفادها أنه بتاريخ 7 شتنبر 2020 انتقل السيد رئيس المحكمة الابتدائية ***** رفقة السيد ***** القاضي بنفس المحكمة ورئيس مصلحة كتابة الضبط، إلى مركز القاضي المقيم *****، وسلم أصل كتاب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى السيد (س)، القاضي بالمحكمة الابتدائية ***** مع الإقامة بمركز *****، يخبره فيه بإيقافه بصفة مؤقتة مع إيقاف راتبه باستثناء التعويضات العائلية، فحاز أصل القرار ونسخة منه ورفض التوقيع بما يفيد توصله بالقرار؛
وأنه رغم تبليغ السيد (س) القاضي المقيم بمركز ***** نسخة من قرار الإيقاف المؤقت عن العمل بتاريخ 7 شتنبر 2020، فإنه حضر يوم 8 شتنبر 2020 إلى مركز القاضي المقيم ***** وشرع في أخذ السجلات من مكاتب الموظفين وأمرهم بتسليمه الملفات وتنفيذ الإجراءات التي أمرهم بالقيام بها رغما عنهم؛
وإنه بتاريخ 9 شتنبر 2020 أُشعر السيد رئيس المحكمة بتواجد السيد (س) بالمركز رغم تبليغه بقرار إيقافه عن العمل فانتقل رفقة رئيس مصلحة كتابة الضبط إلى المركز المذكور و عند وصولهما وجداه بمكتب القاضي، فذكره رئيس المحكمة بقرار إيقافه المؤقت وأن عليه مغادرة المركز تنفيذا له، إلا أنه أنكر توصله بأي قرار متمسكا ببقائه في المركز صائحا "أخرجوني بواسطة الوكيل العام إن استطعتم، أنت و اللذين تقول أنهم مجلس أنتم جميعا مجرح فيك، وأنا قاض معين بهذا المركز ولن أتركه و سأمارس مهامي هنا و لن أترك أي أحد يعقد الجلسة هنا ..." تم اقتحم مكتب الموظفة ***** واستولى عنوة على مجموعة من الملفات كانت موضوعة فوق مكتبها، وبدأ يصيح "ها هي الجلسة، قولي لأي أحد يأتي لعقدها" ورغم تذكيره بأن عليه إرجاع الملفات لكتابة الضبط فقد رفض رفضا قاطعا إرجاعها وأصر على موقفه قائلا" أحضروا الوكيل العام إن استطعتم ".
وبتاريخ 10 شتنبر 2020، انتقلت دورية تابعة للدرك الملكي إلى مقر مركز القاضي المقيم، وبحضور السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ***** والسيد رئيس المحكمة الابتدائية وبعد إشعار السيد (س) بتعليمات السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ***** الرامية إلى مغادرته مقر مركز القاضي المقيم حالا، رفض رفضا قاطعا مطالبا بضرورة اطلاعه على القرار، ثم عمد إلى تشغيل كاميرا هاتفه النقال وشرع في تصوير مراحل التدخلات الودية، وبعد أخذ ورد في الكلام رفض تسليم هاتفه النقال تنفيذا لتعليمات السيد الوكيل العام للملك، ثم اقتنع أخيرا وسلمه امتثالا للتعليمات وغادر مقر عمله حاملا جميع أغراضه الشخصية وأختامه التي كانت تتواجد بالمكتب.
وعند الاستماع للقاضي (س) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية نفى أن يكون قد توصل بأي قرار من السيد رئيس المحكمة يخص توقيفه أو امتنع عن التوصل به بل إن هذا الأخير اكتفى بتلاوة ورقة كانت بيده يجهل مضمونها ومحتواها وقال له بطريقة تحقيرية وأمام كتابة الضبط "راك موقف الأستاذ" ملوحا بيده بإشارات للخروج من المكتب وطلب منه تسليم المفتاح بطريقة مهينة وحاطة من الكرامة مضيفا أن السيد رئيس المحكمة كان لوحده عندما كان يتلو عليه القرار ولم يكن معه لا رئيس مصلحة كتابة الضبط ولا أي قاض وأنه أصر على ممارسة مهامه من يوم الإثنين إلى يوم الخميس لتمسكه بالتبليغ الكتابي.
وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 04 يونيو 2020 بتعيين السيد ***** الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية؛
وبناء على التقريرين المنجزين من قبل المقرر اللذين ضمنهما مجموع الإجراءات التي قام بها وأودعهما بأمانة المجلس، الأول بتاريخ 10 شتنبر 2020 والثاني بتاريخ 26 نونبر 2020؛
وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 29 دجنبر 2020 بإحالة المعني بالأمر إلى المجلس طبقا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي رقم 100.13لجدية المنسوب له؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي للسيد (س) والتي تم وضعها رهن إشارته؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للمعني بالأمر للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 27 أبريل 2021 حضرها المعني بالأمر والتمس مهلة لإعداد دفاعه فأمهل لجلسة 18 ماي 2021.
وبجلسة 18ماي 2021، حضر السيد (س) مؤازرا بدفاعه السيد ***** المحامي بهيئة *****، وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي وأنه مستعد لمناقشته، وقدم المقرر تقريريه بحضور القاضي المتابع ودفاعه، وتم الاستماع للقاضي الذي أدلى بأوجه دفاعه كما أعطيت الكلمة لمؤازره الذي أدلى بمذكرة دفاع والتمس التصريح ببراءة موكله.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) على أنظار المجلس من أجل الإخلال بالواجبات المهنية والإخلال بواجب الوقار والامتناع عن تنفيذ قرار الإيقاف المؤقت؛
أولا -في شأن الدفع بتجريح عشرة أعضاء للمجلس الأعلى للسلطة القضائية:
حيث دفع القاضي المتابع بتجريح عشرة أعضاء للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بعلة حضورهم لحفلين الأول نظم تكريما لأحد أعضاء المجلس والثاني نظم من طرف إحدى الجمعيات المهنية احتفاء ببعض القضاة وأنه حضر معهم مجموعة من القضاة من بينهم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ***** ورئيس المحكمة الابتدائية ***** واللذان توليا إعداد تقارير في مواجهته بصفتهما رؤساؤه في العمل، الشيء الذي يجعل ذلك سببا لتجريحهم؛
لكن حيث إنه، بغض النظر عن كون حضور أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية لأنشطة أو حفلات ينظمها زملاؤهم القضاة ليس فيه ما يؤثر على حيادهم وتجردهم، فإن القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية لم ينص على التجريح إلا عند تنظيمه لمسطرة التأديب وفقط في مواجهة القاضي المقرر المعين في إطار المسطرة حين نص في الفقرة الثانية من المادة 89 على أنه: "يحق للقاضي المعني عند الاقتضاء تجريح القاضي المقرر أمام المجلس، ويترتب على ذلك إيقاف كافة الإجراءات إلى حين بت المجلس في طلب التجريح"، ولم ينص على تجريح أعضائه؛
وحيث إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية أناط بها الدستور، بصفة أساسية، السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة ولا سيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم، وليس هيئة قضائية يمكن تجريح أحد أو كل أعضائها وتعويضهم عند الاقتضاء كما هو الشأن بالنسبة للهيئات القضائية بالمحاكم؛
وحيث إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بحكم طبيعته وتركيبته واختصاصاته يشكل في حد ذاته أقوى ضمانة للاستقلالية والتجرد والنزاهة، وأن نهج أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية عند مباشرتهم لمهامهم محمول على التجرد والإخلاص والأمانة والنزاهة، وهي شروط قبلية لممارسة مهامهم بموجب القسم الذي يِؤدونه بين يدي جلالة الملك، على النحو المنصوص عليه في المادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس؛
وحيث إنه في إطار تلك الضمانات المذكورة، نص المشرع في المادة 59 من القانون التنظيمي للمجلس على أنه لا يحق لأي عضو بالمجلس أن يحضر مناقشة القضايا المتعلقة به أو بأحد الأزواج أو الأصهار أو الأقارب إلى الدرجة الرابعة، وأوكل لأعضاء المجلس التصريح بصفة تلقائية عن وجود تنازع للمصالح من شأنه التأثير على المقررات المزمع اتخاذها من قبل المجلس؛
وحيث دأب أعضاء المجلس تفعيلا للضمانات المذكورة تلافيا لأي تنازع للمصالح المنصوص عليه في المادة أعلاه، إلى التنحي بصفة تلقائية عن المشاركة في البت فيها كلما تبين لهم أن تلك المشاركة من شأنها أن تؤثر على حيادهم وتجردهم أو أن تمس بظاهر الحياد السائد لعمل المجلس والذي يتحقق به الاطمئنان للقرارات التي يتخذها؛
وحيث إنه تبعا لما ذكر يبقى الدفع غير مؤسس ويتعين رده.
ثانيا: في الموضوع:
حيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات؛
وحيث ثبت أن القاضي (س) امتنع عن تنفيذ قرار إيقافه مؤقتا عن العمل واستمر في ممارسة مهامه رغم محاولة كل من السيد رئيس المحكمة الابتدائية ***** ووكيل الملك لديها إقناعه بالتنفيذ مما استدعى تدخل رجال الدرك كقوة عمومية لتنفيذ القرار المذكور بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف *****، الأمر الذي لا ينال منه ادعاؤه بأنه لم يتوصل بقرار التوقيف ونفيه أن يكون قد امتنع عن التوصل إذ تكذبه نسخة قرار الإيقاف والتي تتضمن توقيع رئيس المحكمة والقاضي السيد ***** ورئيس مصلحة كتابة الضبط مع إشهادهم بانتقالهم يوم 7 شتنبر 2020 إلى مركز القاضي المقيم ***** وتسليمهم أصل كتاب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية للقاضي المتابع ونسخة منه ورفضه التوقيع بالاستلام؛
وحيث إن ما قام به القاضي المتابع يشكل إخلالا خطيرا بواجب الوقار الذي يفرض على القاضي أن ينأى بتصرفاته عن كل ما من شأنه أن يمس هيبته ووقاره وهيبة المؤسسة القضائية التي ينتمي إليها.
وحيث إن المادة 44 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة تنص على أن القاضي يحرص على احترام تقاليد القضاء وأعرافه والمحافظة عليها؛
وحيث ثبت للمجلس من خلال ما ورد في التقرير المشترك للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ***** والوكيل العام لديها ومن خلال كتب وتقارير السيد رئيس المحكمة الابتدائية ***** وكذا من العبارات المستعملة من طرف القاضي المتابع في مراسلاته أن تعامله مع رؤسائه ينقصه الاحترام الواجب لهم واللباقة المفروضة اتجاههم، ويكون بذلك قد أخل بتقاليد القضاء وأعرافه؛
وحيث ثبت للمجلس من خلال الاطلاع على كافة وثائق الملف أن القاضي (س) ارتكب مجموعة من الإخلالات المهنية تتمثل في عدم تحرير الأحكام، عدم إصدارها في آجال معقولة، عدم الدراسة القبلية للقضايا، عدم احترام برنامج توزيع الجلسات الخاص بالمركز وذلك بتأخير الملفات الجنحية العادية ليوم الجمعة بدل يوم الخميس المحدد في البرنامج المذكور، عدم التقيد بساعة انعقاد الجلسة والإقامة خارج دائرة نفوذ محكمة الاستئناف التي يعمل بها دون الحصول على ترخيص؛
وحيث إنه تبعا لما ذكر تبين للمجلس أن القاضي (س) قد ارتكب مجموعة من الإخلالات الخطيرة بالواجبات المهنية الملقاة على عاتقه والتي أضرت بصفة مباشرة وكبيرة بحقوق المتقاضين وبأمنهم القضائي، وكذا بالصفات التي يجب أن يتحلى بها القاضي ومست بصورة القضاء وهيبته؛
وإنه اعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة العزل في حق السيد (س)، القاضي بالمحكمة الابتدائية *****.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma