موجب الإحالة: الإخلال بواجب الوقار والكرامة والتحفظ 27-04-2021 الطباعة
يعدّ إخلالاً من طرف القاضي بواجب الوقار والكرامة وموجباً للمساءلة التأديبية دخوله في احتكاك مع عناصر القوات المساعدة وفي مشادّات كلامية بعبارات غير لائقة، ومحاولته المرور قسرا من الحاجز الأمني المنصوب في إطار التدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية لتفادي انتشار وباء كوفيد 19، وعدم تقديمه لشهادة التنقل الاستثنائية كما فرضها قانون إقرار حالة الطوارئ والإجراءات المتخذة لتفعيله، وعدم إدلائه بالوثائق الثبوتية وفق ما يقتضيه القانون في مثل هاته الوضعية.
يتوجب على القاضي احترام القانون على نحو صارم، وإعطاء القدوة في ذلك والتصرف دائما بما يتماشى وهيبة المنصب القضائي، ويحافظ على صورة القضاء، ويعزز ثقة الناس فيه.
قضية السيد (س)
نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية *****
بتاريخ 27 أبريل 2021،
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي - آمنة بوعياش - محمد بنعليلو - محمد زوك– محمد خالد العرائشي - أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله – محمد الناصر - ماجدة الداودي - الحسن أطلس - ياسين مخلي - عائشة الناصري- فيصل شوقي – حجيبة البخاري - محمد جلال الموسوي - عادل نظام -عبد الكريم الأعزاني ؛
بحضور السيد مصطفى الإبزار، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية 1437(24 مارس 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
الوقائع
بناء على التقرير المرفوع من طرف السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ***** المؤرخ في 01 يونيو 2020 إلى السيد رئيس النيابة العامة والذي يستفاد منه أنه بتاريخ 15/05/2020 على الساعة الثالثة والنصف زوالا تعرض نائب وكيل الملك لدى هذه المحكمة السيد (س) لاعتداء من طرف القوات المساعدة المتواجدة على مستوى مدخل ***** وبالاستماع إلى المعني بالأمر في محضر قانوني أكد أنه بالتاريخ المذكور غادر مسكنه متوجها راجلا صوب ***** من أجل التبضع، وأثناء تجاوزه بقليل لحاجز حديدي منصوب على مستوى مدخل الحي المشار إليه يوجد عنصران من القوات المساعدة، سمع أحدهما يناديه من الخلف بلفظ "الحيوان" لمرتين، فلما استدار استفسره إن كان يقصده بخطابه فأجابه بالإيجاب، ساعتها أطلعه على صفته وطلب منه التأدب معه وتحسين ألفاظه، فتدخل عنصر آخر من القوات المساعدة وثار في وجهه طالبا منه إثبات صفته، ثم انقض عليه وأمسكه من تلابيب ملابسه وأمسكه من ذراعه بالقوة، ووجه إليه وابلا من السب والشتم قبل أن يقوم بتعنيفه، وجره بخشونة بالغة لمسافة 100 متر أمام الملإ بعدما نزع منه هاتفه المحمول، واقتاده إلى سيارة المصلحة التابعة للقوات المساعدة ووضعاه بداخلها رغم إدلائه بصفته ساعة ذلك، وأصر على متابعة المعنيين بالأمر؛ وأنه وبعد ربط الاتصال بالنيابة العامة وتنفيذا لتعليماتها تم إحضار عناصر القوات المساعدة، ويتعلق الأمر ب: *****، *****، ***** الذين تم الاستماع إليهم، فصرح الأول أنه أثناء مزاولته لمهامه على مستوى مدخل ***** في إطار التدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية لحالة الطوارئ الصحية، تقدم منه القاضي المشتكي محاولا تجاوز الممر الحديدي فتدخل لمنعه، غير أنه لم يعره أي اهتمام وواصل سيره ساعتها خاطبه بعبارة"أبنادم راه هضرنا معاك رجع بحالك" فرد عليه المشتكي"واش هاذ الأسلوب باش كتهضر الحيوان" فتوجه رئيسه المباشر المسمى ***** صوب المشتكي ودار بينهما حوار تطور إلى مشادات كلامية، وقام بعد ذلك بتدخل رفقة زميله ***** وقاما باقتياده إلى سيارة المصلحة، ونفى أن يكون قد عنفه أو وجه إليه عبارات قدحية موضحا أن المشتكي لم يدل له بصفته، وهي التصريحات التي أكدها المسمى ***** مضيفا أن زميله رد على المشتكي بعبارة"أنت هو الحيوان" حينما خاطبه الأول بعبارة"واش هادا هو الأسلوب باش تيهضرو الناس مع المواطنين أ الحيوان" وأنه حينها تدخل العنصر المرافق المسمى ***** وأحكم قبضته عليه وقاما باقتياده إلى سيارة المصلحة ووضعاه بداخلها في انتظار التأكد من هويته قبل أن يحضر قائد الملحقة الإدارية ***** ويطلعه المشتكي على صفته ليعمل على إخلاء سبيله نافيا أن يكون هو ومرافقه قد عرضاه للعنف، وهو ما صرح به أيضا المسمى *****؛ وأنه وبعد استنفاد إجراءات البحث في الواقعة بالانتقال إلى عين المكان والاطلاع على مجموعة من تسجيلات كاميرات محلات مختلفة وأخذ إفادة بعض الشهود وإحالتها على النيابة العامة ودراستها، تقرر متابعة المشتكى بهم في حالة سراح من أجل العنف أثناء القيام بوظيفتهم والسب والشتم والتهديد بموجب الملف الجنحي عدد *****؛
وعند الاستماع إلى القاضي المعني بالأمر من قبل المفتشية العامة للشؤون القضائية، صرح بأنه يؤكد التصريحات التي سبق له الإدلاء بها للسيد عميد الشرطة، وبأنه تعرض للضرب والجرح والسب والشتم من طرف عنصر القوات المساعدة، وأنه بالفعل كان يتوفر على شهادة التنقل الاستثنائية إلا أنه لم يكن يحملها ساعة مغادرة بيته لاقتناء بعض الخضراوات لكونه لم يتصور أن يطلب أحد منه الوثيقة، وأنه اعتاد المرور عبر الحاجز الأمني، وأن عناصر القوات المساعدة تركوا شخصا آخر يمر دون أن يمنعوه، وأنه لما حاول المرور عبر نفس الممر الذي سلكه هذا الأخير تم منعه وتعريضه للسب والشتم بعبارت نابية، وأنه وجد نفسه مضطرا لتقديم صفته كوكيل للملك، فوقف أحد العنصرين مشدوها ساكتا فيما طالبه الثاني بإثبات صفته وطلب منه البطاقة الوطنية فأجابه بأنه لا يحملها إلا أنه يمكنه الاتصال بالدائرة ***** لإثبات صفته، وأنه بمجرد محاولة إخراج هاتفه من جيبه انقض عليه وانتزع منه الهاتف وتم تعنيفه فتوجه على إثر ذلك لمستشفى ***** وسلمه الطبيب شهادة طبية مدة العجز فيها 20 يوما وأنه وبعد تدخلات من جهات مختلفة تنازل عن شكايته؛
وبناء على المقرر الذي اتخذه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في اجتماعه المنعقد بتاريخ 28 يوليوز 2020 بتعيين السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية طبقا للمادة 88 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
وبناء على تقرير المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس بتاريخ 03 دجنبر 2020 ضمنه مجموع الإجراءات التي قام بها، ومنها الاستماع إلى الشاهدين صاحب محل بيع الخضر، وصاحب المجزرة اللذان عاينا واقعة الاعتداء، وإلى عناصر القوات المساعدة كما استمع إلى القاضي المعني بالأمر، والذي تمسك بنفس تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة مضيفا أنه لا علم له بمصدر شريط الفيديو الذي أخذ من مكان وقوع الحادث والذي تم تداوله عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وأن الشريط الصوتي المنشور على المنصة الخاصة بالقضاة على موقع الواتساب تولى إرساله لمجموعة محصورة من زملائه بالنيابة العامة بالمحكمة، وفوجيء بنشره وتوزيعه، وأنه فوجيء أيضا كغيره بصدور تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي ماسة بهيبة القضاء وسمعته في أعقاب الواقعة؛
وبناء على المقرر الذي اتخذه المجلس في اجتماعه المنعقد بتاريخ 29 دجنبر 2020 بإحالة السيد (س) على أنظاره طبقا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بواجب الوقار والكرامة والتحفظ؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي للسيد (س) والتي تم وضعها رهن إشارته؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للمعني بالأمر للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 27 أبريل 2021 توصل به بتاريخ 12 أبريل 2021، فحضر معبرا عن استعداده للدفاع عن نفسه، وأعطيت الكلمة للسيد المقرر الذي قدم عرضا موجزا بوقائع القضية، وأعطيت الكلمة للسيد (س) الذي أكد ما جاء في تصريحاته للسيد المفتش العام للشؤون القضائية وللسيد المقرر، وأنه لم يكن يحمل معه الوثائق المطلوبة، وأنه طلبت منه البطاقة الوطنية للتعريف فقط، وتقدم باعتذار للمجلس والتمس مراعاة كونه وضع في موقف استفزازي كبير جدا؛
وبعد المداولة طبقا للقانون؛
حيث أحيل السيد (س)على أنظار هذا المجلس من أجل إخلاله بواجب الوقار والكرامة والتحفظ؛
وحيث إن الالتزام بالحفاظ على صفات الوقار والكرامة يستمد أساسه من المادة 40 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ومن المبادئ الدولية المتعارف عليها بشأن السلوك القضائي؛ وأن تجسيد ذلك يتطلب من القاضي التصرف دائما بما يتماشى وهيبة المنصب القضائي، ويحافظ على صورة القضاء، ويعزز ثقة الناس فيه؛
وحيث إن القاضي ملزم أيضا باحترام القانون على نحو صارم، وبإعطاء القدوة في ذلك؛
وحيث وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة " يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛
وحيث تبين من خلال تصريحات السيد (س) أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر، وكذا من خلال التسجيلات الموثقة للحادث، أن المعني بالأمر قد دخل في احتكاك مع عناصر القوات المساعدة، حينما حاول المرور قسرا من الحاجز الأمني المنصوب في إطار التدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية لتفادي انتشار وباء كوفيد 19، فتطور الأمر من مشادات كلامية بعبارات قدحية غير لائقة صادرة من الطرفين إلى إمساك أحد العناصر له من خناقه، ثم حزامه، واقتياده إلى سيارة المصلحة بشكل مهين، هذا فضلا على كونه لم يدل بالوثائق الثبوتية وفق ما يقتضيه القانون في مثل هاته الوضعية، ولم يكن حاملا لشهادة التنقل الاستثنائية كما فرضها قانون إقرار حالة الطوارئ والإجراءات المتخذة لتفعيله، فيكون بذلك إخلال المعني بالأمر بواجب الوقار والكرامة قائما ويتعين مساءلته تأديبيا عن ذلك؛
وحيث واعتبارا للملاحظات الإيجابية المسجلة حول المسار المهني للقاضي (س)، وللندم والحسرة الذي عبر عنهما أمام المجلس واعتذاره له، واعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد (س) نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية *****.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma