موجب الإحالة: -الإخلال المهني - الخرق المسطري - الحرمان من حقوق الدفاع 23-04-2024
يعد استنطاق المستشار المتابع للحدث في غيبة كل من وليه القانوني، ودون إشعار محاميه خطأ مسطريا جسيما يمس حقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة، وموجبا للمساءلة التأديبية للقاضي.
قضية السيد: (س)
المستشار بمحكمة الاستئناف ب***
مقرر عدد:
أصل المقرّر المحفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 14 شوال 1445 الموافق ل 23 أبريل 2024
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي بصفته رئيسا منتدبا للمجلس وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو – آمنة بوعياش – أحمد الغزلي– محمد زوك – محمد الناصر – خالد العرايشي – عبد الله المعوني – الزبير بوطالع – عبد اللطيف طهار – عبد اللطيف الشنتوف – يونس الزهري – عثمان الوكيلي – المصطفى رزقي – أمينة المالكي – نزهة مسافر.
بحضور السيد منير المنتصر بالله: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
وبمساعدة السيد عبد الرحيم بحني كاتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على مقتضيات النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
ملخص الوقائـع
بناء على كتاب السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب*** تحت عدد *** وتاريخ 08 دجنبر 2022 حول كتاب توصل به من السيد نقيب هيئة المحامين ب*** بتاريخ 14 أكتوبر 2022 تحت عدد ***، مرفق بملتمس الأستاذ *** المحامي بهيئة *** المؤرخ بتاريخ 16 شتنبر 2022 والمقدم في إطار ملف التحقيق عدد *** أحداث غرفة التحقيق الثالثة.
وجاء في كتاب السيد الرئيس الأول أن المحامي المذكور كلف بالدفاع عن الحدث *** المتابع بموجب ملف التحقيق أعلاه، من أجل جناية السرقة المقترنة بظروف الليل والتعدد والتهديد والعنف وحيازة سلاح بدون سبب مشروع ومسك مادة مخدرة واستعمال المخدرات، وأن قاضي التحقيق المكلف بالقضية حدد تاريخ 11/10/2022 للإستماع إلى الضحية، إلا أنه بعد زيارته للسجين المودع بالمؤسسة السجنية بتاريخ 12/9/2022، أشعره هذا الأخير بأن قاضي التحقيق استنطقه تفصيليا. وعند مراجعته لكتابة الضبط تبين له أنه فعلا تم استنطاق مؤازره بتاريخ 12/9/2022 بدون حضوره وبدون حضور ولي أمره، معتبرا ما أقدم عليه القاضي المكلف بالقضية خرقا مسطريا وحرمانا لمؤازره من مبادئ المحاكمة العادلة.
وأضاف السيد الرئيس الأول أنه ومن خلال اطلاعه على وثائق ومستندات الملف موضوع الشكاية، تبين له أن القاضي المكلف بالقضية استنطق الحدث ابتدائيا بتاريخ 9/7/2022، وتم تأخير القضية لجلسة 11/10/2022. وأن دفاع الحدث تقدم بتاريخ 21/7/2022 بطلب ملتمسا من خلاله تقريب الجلسة، وهو ما استجاب له القاضي المعني.
وبتاريخ 12/9/2022 تم استنطاق المتهم الحدث، دون وجود ما يفيد ضمن وثائق الملف إحاطة الدفاع أو ولي أمره علما بتاريخ جلسة الإستنطاق التفصيلي.
وخلص السيد الرئيس الأول إلى أن ما أقدم عليه المستشار المكلف بالأحداث بصفته قاضيا للتحقيق من استنطاق الحدث، دون حضور دفاعه أو ولي أمره، يعتبر خرقا مسطريا طبقا لمقتضيات المادة 475 من قانون المسطرة الجنائية التي أوجبت على قاضي الأحداث، إذا لم يحضر الحدث أو ممثله القانوني محاميا، أن يعين له تلقائيا محاميا أو يدعو نقيب المحامين لتعيينه.
وبعد البحث المنجز من طرف السيد المفتش العام للشؤون القضائية تبين له أن المستشار المعني قام باستنطاق الحدث ابتدائيا بتاريخ 9/7/2022 بحضور والدته فقط، وأمر بإيداعه بمركز الإصلاح والتهذيب ***. وبتاريخ 19/7/2022 تقدم الأستاذ *** المحامي بهيئة *** بطلب تسجيل مؤازرته للحدث مع تصوير المحاضر.
وبتاريخ 21/7/2022 تقدم بطلب تمتيع الحدث بالسراح المؤقت، أصدر بشأنه الأستاذ *** نيابة عن المستشار المعني أمرا برفض الطلب، بعد إصداره قرارا بالاطلاع المحال على النيابة العامة.
وبتاريخ 12/9/2022 قام المستشار المعني باستنطاق المتهم الحدث تفصيليا دون حضور ولي أمره أو دفاعه، ودون إشارة إلى سبب ذلك بالمحضر، حيث اعترف الحدث بالتخدير وحيازة السلاح وأنكر السرقة جملة وتفصيلا.
وبتاريخ 14/9/2022 أصدر المستشار المعني قرارا بالإطلاع بشأن انتهاء البحث، أحيل على النيابة العامة التي التمست منه متابعة الحدث من أجل المنسوب إليه وإحالته على غرفة الجنايات الإبتدائية، فقرر السيد قاضي التحقيق بتاريخ 29/9/2022 إحالة الحدث على غرفة الجنايات الإبتدائية أحداث لمحاكمته في حالة اعتقال من أجل المنسوب إليه.
وتم بتاريخ *** الاستماع إلى السيد (س) المستشار المكلف بالأحداث، من طرف السيد المفتش العام للشؤون القضائية، حيث صرح أنه فعلا باشر إجراءات التحقيق في الملف موضوع البحث، وأنه سبق له أن أدلى بجواب للسيد الرئيس الأول بناء على شكاية أحد المحامين الذي كان يؤازر الحدث موضوع إجراءات التحقيق، والذي تقدم بطلب تقريب الجلسة الذي استجاب له بخصوصه دون أن يقوم بتدوين ذلك كتابة، إلا أن المحامي المعني لم يحضر أثناء جلسة الإستنطاق التفصيلي، وأن مقتضيات المادة 475 من قانون المسطرة الجنائية تحيل على المقتضيات المتعلقة بإجراءات المحاكمة. مشيرا إلى أن ظروف الإستماع للحدث موضوع الملف ارتبطت بانتشار وباء كورونا وما واكبها من إجراءات خاصة مرتبطة بإجراء الإستنطاق داخل المؤسسة السجنية، فضلا عن إكراهات كثرة الملفات الرائجة.
وتبين للسيد المفتش العام للشؤون القضائية أن السيد (س)، المستشار المكلف بالأحداث تولى استنطاق الحدث *** تفصيليا دون حضور لا وليه ولا دفاعه، رغم إعلان هذا الأخير مؤازرته للحدث المذكور، مما ترتب عنه حرمان المتهم من هذه المكنة القانونية التي تعد من بين ركائز المحاكمة العادلة، كما حرم دفاعه من ممارسة المهمة التي أوكلت إليه من قبل عائلة الحدث، وهو ما يشكل مساسا بحقوق الدفاع الناتج عن الخرق الخطير لمجموعة من الإجراءات الجوهرية للمسطرة ذات الصلة، وهو ما يعتبر إحدى صور الخطأ الجسيم المنصوص عليها في المادة 97 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، مقترحا عرض وضعيته على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للنظر فيما هو منسوب إليه من أجل الخطأ الجسيم. وقد تم تضمين هذه المعطيات بمقتضى تقريره عدد *** وتاريخ 31 أكتوبر 2023، الذي رفعه إلى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وبناء على كتاب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عدد *** وتاريخ *** القاضي بتعيين السيد ***، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب*** مقررا في القضية، طبقا للمادة 88 من القانون المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وبناء على تقرير المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس الذي أنجز فيه بحته والذي استمع فيه إلى القاضي المتابع.
وبناء على قرار الرئيس المنتدب عدد *** المؤرخ في05-03-2024 والرامي لإحالة السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** على المجلس طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي رقم13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال المهني، وذلك بعد اطلاعه على التقرير المنجز من طرف السيد المقرر، وكذا على اقتراح لجنة التأديب في اجتماعها المؤرخ في 19-02-2024 الرامي إلى الإحالة.
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام المجلس بتاريخ 23 أبريل 2024.
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوعة رهن إشارة القاضي المتابع السيد (س).
وبجلسة 23/04/2024 حضر السيد (س)، وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي وأنه مستعد لمناقشة قضيته، وبعد أن قدم المقرر تقريره أمام المجلس، وتم الاستماع إلى القاضي المتابع مدليا بأوجه دفاعه ومؤكدا تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة وأمام المقرر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** للنظر فيما نسب إليه من إخلال مهني.
وحيث تمّ الاستماع للسيد (س)، وصرح بما هو مفصّل في الوقائع أعلاه؛
وحيث استنطق المستشار المعني الحدث في غيبة كل من وليه القانوني، ومحاميه الذي أعلن مؤازرته له والذي شهد المستشار المعني بتقديمه لملتمسات لفائدته، خاصة فيما يتعلق بطلب الإفراج المؤقت أو تغيير التدبير، دون أن يسلك الإجراءات القانونية الواجبة التطبيق وفق ما تنص عليه المواد السالفة الذكر، سواء من حيث عدم جواز الاستماع للمتهم في غيبة محاميه، أو من حيث ضرورة استدعائه بطريقة قانونية والإشهاد بذلك في محضر الاستنطاق، ووضع الملف رهن إشارته 24 ساعة قبل الاستنطاق التفصيلي، يكون قد أخل بالإجراءات الجوهرية للمسطرة المذكورة، وهو ما فيه مساس واضح بحقوق الدفاع.
وحيث ترتب عن ذلك حرمان المتهم من هذه المكنة القانونية التي تعد من بين ركائز المحاكمة العادلة، كما حرم دفاعه من ممارسة المهمة التي أوكلت إليه من قبل عائلة الحدث سالف الذكر، وهو ما يشكل مساسا بحقوق الدفاع الناتج عن الخرق الخطير لمجموعة من الإجراءات الجوهرية للمسطرة ذات الصلة، خطأ مهنيا بمفهوم المادة 96 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
وحيث إن كل إخلال بالواجبات المهنية يعد خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية،
وحيث إنه خلافا لما تمسك به المستشار المعني، عند الاستماع إليه من قبل هذه المفتشية العامة من كون دفاع الحدث سبق أن تقدم بطلب تقريب الجلسة وتمت الاستجابة لطلبه، إلا أنه لم يحضر أثناء الاستنطاق التفصيلي، فإن الثابت من خلال الاطلاع على هذا المحضر أنه لم يتضمن أية إشارة بهذا الخصوص، ولا لحضور ولي الحدث أو دفاعه أو إلى تخلفهما أو بيان أسباب ذلك، وذلك خلافا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه: "يستدعى المحامي قبل كل استنطاق إما برسالة مضمونة أو بإشعار يسلم إليه مقابل وصل، ما لم يكن قد تم إشعاره في جلسة سابقة للتحقيق وأثبت ذلك في المحضر".
وحيث إن القاضي (سواء في الرئاسة أو النيابة العامة) عليه واجب دستوري بموجب الفصل 117 من دستور المملكة يتجلى في توليه حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، وهو ما تم التأكيد عليه أيضا بموجب المادة 41 من القانون التنظيمي رقم: 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، والحال أن ما قام به المتابع من تصرف سلبي يتمثل في عدم اتخاد الإجراءات القانونية الصحيحة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والمتطلبة لاستنطاق الحدث بمعية دفاعه وولي أمره، فإنه بذلك يكون قد أخل صراحة بالواجب الدستوري والقانوني المذكور ومنه تطبيق القانون والذي يدخل في نطاق الإخلال بالواجب المهني المنسوب إليه.
وحيث إنه وانطـلاقا من كـــل ما ذكـر اقتــنع المجــلس يقينا أن القاضي المعني قد أتى فعلا ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، والذي تعتبره المادة 96 من القانون التنظيمي رقم13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة خطأ موجبا للمساءلة التأديبية.
لكن، حيث إنه وبالنظر لظروف النازلة المتمثلة أساسا في الوضع الاستثنائي الذي فرضته جائحة كوفيد، وما رافق ذلك من ارتباك في مجريات العمل في سائر المرافق وعلى رأسها مرفق القضاء، وتبعا لما تمت مناقشته أمام المجلس، وما ورد بوثائق الملف ومن سيرة القاضي المتابع الذي يشهد له مساره المهني الذي ناهز الثمانية وعشرين سنة بالكفاءة والمهنية وحسن السيرة.
وحيث إن المجلس وفي إطــــار صلاحيته في المــوازنة بين ما هو ثابت بحق المتابعة والعقوبة الواجبة بخـــصوص ذلك وفق المقرر بالمادة 99 من القانون التنظيمي رقم13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وبالنظر للملاحظات المسجلة بشأن المسار المهني للقاضي المعني، وأن الإخلال القائم بحقه لم يكن فيه أي أثر لسوء نيته، ارتأى المجلس عدم مؤاخذته مع لفت انتباهه إلى ضرورة التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالتحقيق
لأجلـه
تقرر عدم مؤاخذة السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** من أجل ما نسب إليه من إخلال مهني، مع لفت انتباهه إلى ضرورة التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالتحقيق.
توقيع عضو المجلس المكلف بصياغة القرار | الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية |
نزهة مسافر | مَحمد عبد النباوي |