موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني 28-11-2023 الطباعة
يعتبر خطأموجباً للمساءلة التأديبية تقصير القاضي المقرّر في دراسة كافّة مستندات الملفات وعدم ضبط وقائعها وعرضها بكيفية غير صحيحة على باقي الأعضاء أثناء المداولة
قضية السيد: (س)
المستشار بمحكمة الاستئناف ب*****
مقرر عدد :
أصل المقرّر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 15 جمادى الأولى 1445 ه الموافق ل 28 نونبر 2023
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السـيـد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية، وبعضوية السادة: محمد بنعليلو - أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله - محمد زاوك - محمد الناصر – خالد العرايشي – عبد الله المعوني- سعاد كوكاس- الزبير بوطالع - عبد اللطيف طهار- يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي- نزهة مسافر؛
بحضور السيد منير المنتصر بالله: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016( كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 )24 مارس 2016( كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
ملخص الوقائـع
بناء على تعليمات السيّد الرئيس المنتدب توصّلت المفتشية العامة للشؤون القضائية بجداول مجموعة من الأحكام والقرارات القضائية تتظلم فيها وزارة ***** من الإجراءات المتخذة من قبل هيئات قضائية في دعاوى تتعلق بالأراضي السلالية، والتي أصدرت بشأنها أحكاما قضائية ابتدائية وقرارات استئنافية وأخرى عن محكمة النقض لصالح خصوم هذه الجماعات السلالية. وبالاطلاع على مجموع الأحكام والقرارات المتظلم منها، تبيّن أن قراراً من بينها شابه إخلال قانوني صدر عن محكمة الاستئناف ب***** بعدد***** بت في جزء غير محكوم به ابتدائيا، وأنه كان على محكمة الاستئناف أن تقضي برفض الطلب وليس بتعديله؛
تم الاستماع إلى السيد (س) من طرف المفتشية العامّة للشؤون القضائية صرّح أنّه كان رئيس الهيئة التي أصدرت القرار المتظلم منه ومقرّر الملف، وأنّ سوء النية غير وارد في هذا الملف، ولا يعدو الأمر أن يكون مجرّد خطأ في تقدير الوقائع التي تم البت على أساسها، وذلك راجع بالأساس إلى ضغط الملفات بالرغم من الحرص الشديد على دراستها بعناية لتفادي الوقوع في مثل هذه الأخطاء، مضيفا أنه يبدو أنه قد وقع خلط في الجهة المستأنفة، بالاعتقاد بأن المحكوم لفائدته تقدم بدوره باستئناف فرعي. وأن الملف قد استوفى كل الإجراءات القانونية إلا أن خطأ تسرب إلى المنطوق بسبب عدم ضبط الوقائع، والتي على أساسها تداولت الهيئة وأصدرت القرار بالشكل الذي هو عليه؛
وبناء على قرار المجلس القاضي بتعيين السيّد ***** الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة مقرّراً في القضية، طبقا للمادة 88 من القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
وبناء على تقرير السيّد المقرر الذي أودعه بأمانة المجلس والذي استمع فيه إلى السيد (س)؛
وبناء على مقرّر المجلس بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيّد المقرر على أنظار أعضاء المجلس والرامي إلى إحالة السيد (س) على المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي من أجل ما نسب إليها من إخلال بالواجب المهني؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 28 نونبر 2023؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوعة رهن إشارة السيد (س)؛
وبجلسة 28 نونبر 2023 حضر السيد (س)، وأكد أنه اطلع على الملف التأديبي وأنه مستعد لمناقشة قضيته، وبعد أن قدم السيد المقرر تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضي المتابع مدليا بأوجه دفاعه وتصريحاتها المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيّد المقرر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيّد (س) المستشار بمحكمة الاستئناف ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني؛
وحيث تمّ الاستماع للسيد (س) وصرح بما هو مفصّل في الوقائع أعلاه؛
وحيث إنّه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية للمجلس؛
وحيث إنّ الواجبات المهنية تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتق القاضي، والتي يشكل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية؛
وحيث إن الخطأ المهني يتوفر بمجرد إخلال القاضي بواجباته الوظيفية، فهو يشكل ركن السبب في قرار العقوبة التأديبية، لذلك يتوجب إثبات ماديته، كما يتوجب أن تكون الأفعال المادية المكونة له قابلة للتكييف على أنها أخطاء مهنية؛
وحيث إن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال القاضي بواجبات وظيفته، ومن ضمنها الحرص الدائم على ضمان جودة الأحكام والقرارات القضائية، فيكون بذلك كل إخلال منه ببعض أو كل تلك الواجبات المهنية المنوط به تأديتها بنفسه بدقة وأمانة بمثابة خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية؛
وحيث إنه حسب قرار المحكمة الدستورية رقم 23/210 م.د الصادر في 07 مارس 2023 بشأن البت في مطابقة القانون التنظيمي رقم 14.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة للدستور فإنّ"طبيعة المهام المنوطة بالقاضي، ومتطلبات الحفاظ على هيبة القضاء ووقاره، تشكل دواعي مبرّرة للمتابعة التأديبية للقاضي، متى خالف واجباته المهنية الأساسية مخالفة جسيمة، كل ذلك حماية لثقة المتقاضين في العدالة التي يلجؤون إليها لحماية حقوقهم وحرياتهم والدفاع عن مصالحهم"؛
وحيث إنّه من المقرر قانونا وقضاء وفقها أن الاستئناف ككل الطعون يحكمه من جهة مبدأ عدم تضرر الطاعن بطعنه ومن جهة أخرى مبدأ الأثر الناقل للاستئناف؛
وحيث تبين للمجلس أنّ القرار عدد***** أساس المتابعة التأديبية شابه إخلال ذو طابع قانوني بتجاهل إعمال المبدأين من حيث أنه بت في جزء غير محكوم به ابتدائيا لفائدة المدعين ورثة *****، بالرغم من عدم استئناف الورثة للحكم الابتدائي الذي صار نهائيا في حقهم. وأنه كان من المفروض على محكمة الاستئناف أن تقضي برفض الطلب وليس بتعديله لفائدتهم، ونتج عنه الحكم لهم بثلثي مساحة الأرض المتنازع فيها: ذلك أن المحكمة الابتدائية ب***** قضت للمدعين في مواجهة الجماعة السلالية باستحقاقهم للجزء المدعى فيه في حدود مساحة 3342 م م، التي أسفرت عنها الخبرة المأمور بها. وهو الحكم الذي استأنفته الجماعة السلالية دون الطرف المدعي، إلا أن محكمة الاستئناف ب***** قضت بتأييد الحكم المستأنف في مبدأه مع تعديله، وذلك باستحقاق الطرف المستأنف عليه للجزء من العقار المدعى فيه في حدود مساحة 94 آرا 70 سنتيارا (9470 م م) حسب الرسم البياني رقم ***** المرفق بتقرير الخبير ***** ورفض طلبه في الباقي؛
وحيث إن الهيئة القضائية التي ينتمي إليها السيد (س)، ونتيجة انعدام الدراسة القبلية الجيدة للملف، وبسبب الكيفية المعيبة في التداول في الملفات، والتي تعتمد فقط تقرير المستشار المقرر دون الرجوع إلى مستندات الملف، قضت نتيجة لذلك باستحقاق الطرف المستأنف عليه للجزء من العقار المدعى فيه في حدود مساحة 9470 متر مربع عوض 3342 متر مربع المحكوم بها ابتدائيا، وهو ما يؤكد أن هناك تقصيراً من جانب السيد (س) من حيث عدم ضبط وقائع الملف وعرضها بكيفية غير صحيحة على باقي الأعضاء خلال الاختلاء إلى المداولة؛
وحيث إنّ القاضي، وبصفته حامياً لحقوق وحريات الأشخاص وأمنهم القضائي، ملزم بمعالجة كل القضايا المعروضة عليه، والتي يقوم بدراستها قبليا دون إهمال، مع الحرص على إعطائها الوقت الكافي من البحث والتمحيص، وعلى القيام بالمهام القضائية بمنتهى العناية، والالتزام بالتطبيق العادل والسليم للقانون، وهي أعمال تعتبر ـ سواء كانت عمدية أو ناتجة عن تهاون غير مستساغ ـ تعتبر إخلالا من القاضي بواجباته المهنية؛
وحيث إن ظروف الاشتغال التي تمسك بها المستشار المتابع خلال سائر مراحل البحث لا يجب أن تكون سببا في تكريس الأخطاء المهنية والتغاضي عنها، لذلك يتعين إعطاء إشارات قوية وواضحة على حرص القاضي عند دراسة ملفاته في عدم تكرارها من خلال اتخاذه كل ما هو مناسب لتفاديها والتقليل منها نظراً لما يترتّب عنها من ضرر كبير للمستفيدين منها؛
وحيث إنّ ملاءمة العقوبة والخطأ المهني المنسوب للقاضي يرجع أمر تقديرها لسلطة المجلس أخذاً بعين الاعتبار حساسية مرفق القضاء الذي يعمل به القاضي المتابع تأديبيا: فتقدير العقوبة يكون بالنظر للمخالفة المنسوبة للقاضي، ويندرج ضمن السلطة التقديرية للمجلس في إطار مناقشته للملف، وذلك في ضوء ما ثبت له من خلال معطيات النازلة في إطار ملائمة العقوبة للخطأ المهني المنسوب إلى القاضي ومدى درجة خطورته وتأثيره على مرفق القضاء والأمن القضائي؛
وحيث إنّ المجلس، ومراعاة للملاحظات الإيجابية المسجلة حول المسار المهني للمستشار المتابع، واعتبارا لمبدأ التناسب بين الفعل المرتكب والعقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 من النظام الأساسي للقضاة، وفي إطار سلطته التقديرية التي يروم من خلالها تحقيق المصلحة العامة وحسن سير مرفق القضاء وحسن تدبيره، يرى تطبيق عقوبة الإنذار على القاضي المتابع؛
لأجلـه
قرّر المجلس اتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيّد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*****، من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma