موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني والأخلاقي 01-03-2022
يعتبر تولّي القاضي سياقة عربة دون التوفر على الوثائق اللاّزمة والسارية الصلاحية خرقاً للمبادئ والقيم القضائية المرسخة لاحترام القانون ولثقة المواطنين في القضاء ؛
قضية السيد:(س)
*****نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب
*****:مقررعدد
أصل المقرر المحفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى لسلطة القضائية
بتاريخ 27 رجب 1443، الموافق ل فاتح مارس 2022
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمدعبد النباوي بصفته رئيسا منتدبا للمجلس وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي –– محمد بنعليلو –أحمد الغزلي–محمد أمين بنعبد الله – محمد زوك– محمد الناصر – خالد العرايشي– عبد الله المعوني – سعاد كوكاس–الزبير بوطالع- عبد اللطيف طهار– عبد اللطيف الشنتوف– يونس الزهري – عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر.
بحضور السيد مصطفى الإبزار: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائيةالصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر2017.
:ملخص الوقائـع
يستفاد من تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية عدد ***** وتاريخ *****، أن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية قد أحالت عليها كتابا عدد *****، مرفق بكتاب السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** عدد ***** وتاريخ 10 شتنبر 2020. والمستند إلى قرار صدر تحت عدد ***** وتاريخ 19/02/2020 عن محكمة النقض في إطار ملف تطبيق المسطرة الاستثنائية عدد *****، والقاضي بإحالة قضية السيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** على تلك المحكمة من أجل إجراء تحقيق معه بخصوص شكاية زوجة القاضي المذكور السيدة (ب) أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** من أجل الضرب والإهمال واستغلال النفوذ وعدم الإنفاق على بيت الزوجية، ومن أجل التسبب في حادثة سير بتاريخ 14/01/2019، نتجت عن اصطدامه بسيارته من نوع "طويوطا" براجل، كان يعبر الطريق وإصابة هذا الأخير بجروح متفاوتة الخطورة. وعند الاستماع إلى السيد (س) من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****، أكد واقعة مغادرة المشتكية لبيت الزوجية، ونفى استعمال العنف في حقها، وعبر عن استعداده لتسجيل ابنيه في المدرسة لمتابعة دراستهما. وبخصوص الحادثة أوضح أنه ساعة ارتكابه لها لم يكن يحمل معه وثائق السيارة، وأنه نسيها بالمنزل، وأنه هو من أدلى لاحقا بصور شمسية لمركز الدرك الملكي (شهادة التأمين، شهادة المراقبة التقنية، شهادة أداء الضريبة السنوية) تتضمن تواريخ مغطية لتاريخ الحادثة. وعند الاستماع إليه من جديد من طرف السيد الوكيل العام للملك أدلى بأصل شهادة التأمين مدة صلاحيتها تبتدأ من تاريخ 16/01/2019 إلى غاية 15/04/2019 وبأصل شهادة المراقبة التقنية مدة صلاحيتها تبتدأ من تاريخ 17/01/2019 إلى غاية 16/01/2020 وهي تواريخ لاحقة لتاريخ وقوع الحادثة، وعن الاختلاف الواضح بين الوثائق المدلى بها في محضر الدرك الملكي وتلك المدلى بها أمام النيابة العامة صرح القاضي المعني أنه ساعة ارتكابه الحادثة لم يكن يتوفر على الوثيقتين المذكورتين، فأنجزها يومين بعد الحادث وأن لا علم له بالوثائق المرفقة بالمحضر وأن شخصا يدعى " ج" والملقب ب "ج" هو من أنجزها وسلمها لعناصر الدرك الملكي. واعترف لاحقا بعد مواجهته بتناقض أقواله، أنه سلم المسمى "ج" مبلغ "2000 درهم" وكلفه بإنجاز وثائق تحمل تواريخ تغطي تاريخ الحادثة وبعد يومين أنجزها وطلب منه تسليمها للدرك، كما حاول باتفاق مع "ج" البحث عن مرآب ليستفيد من تأمين مرآبه إلا أنه تعذر عليه ذلك لكون الأمر يتطلب وكيلا معتمدا لسياقة السيارة أثناء الحادث. وأضاف أنه لم يتعمد التحايل على العدالة بل إن الأمر قضاء وقدر، وأنه كان يمر بظروف عائلية جد صعبة. واتضح من أبحاث السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** أن وثائق السيارة سالفة الذكر تتضمن تواريخ غير صحيحة وأن شهادة أداء الضريبة السنوية مزورة وأن القاضي المعني بالأمر اتصل هاتفيا بالمسمى " ج" المعروف بمدينة ***** بكونه ميكانيكيا والذي حضر لمكان الحادثة ووعده أنه سيتكلف أمر إنجاز وثائق العربة. وأثبت الأبحاث أيضا، أن هذا الأخير يعمل كوسيط في مجال بيع السيارات المستعملة وأن لديه علاقات مع مختلف الأوساط ويعمل على إنجاز وكالات عقود بيع السيارات فضلا عن وثائقها دون حضور أصحابها وأنه قام بتزوير وثائق السيارة التي كان يقودها السيد (س) موضوع حادثة السير بطلب من هذا الأخير بسبب عدم توفر سيارته على التأمين والضريبة السنوية وشهادة المراقبة التقنية. وأمام السيد قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف ب*****، أكد القاضي (س) تصريحاته التمهيدية وعلى إثر ذلك تمت متابعته من أجل ارتكابه لجنحة المشاركة في تزوير وثائق إدارية تصدرها إدارة عامة واستعمالها وعدم التحكم في السياقة والجروح غير العمدية وانعدام التأمين وعدم إخضاع مركبة للمراقبة التقنية وعدم أداء الضريبة السنوية واستعمال العنف في حق الزوجة طبقا لمقتضيات الفصول 360 و129 و400 و404 و603 من القانون الجنائي والمواد 92 و184 و186 و286 من مدونة السير على الطرق. وصدر بشأنها القرار عدد: ***** بتاريخ: 28/06/2021 عن غرفة الجنح الاستئنافية ب*****، والقاضي: (علنيا نهائيا وحضوريا، برد الدفع الشكلي وفي الموضوع، بعدم قبول المتابعة على الحالة بخصوص أداء الضريبة السنوية وعدم التحكم في السياقة وبعدم مؤاخذة الظنين من أجل العنف ضد الزوجة والحكم ببراءته منهما، وبمؤاخذته من أجل الباقي والحكم عليه من أجل المشاركة في تزوير وثائق تصدرها إدارة عامة واستعمالها بشهر واحد حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها 200 درهم ومن أجل الجرح الخطأ بغرامة نافذة قدرها 1200 درهم ومن أجل انعدام التأمين بغرامة نافذة قدرها 1200 لفائدة الخزينة العامة وبمثلها أربع مرات لفائدة صندوق مال الضمان ومن أجل انعدام المراقبة التقنية بغرامة نافذة قدرها 700 درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى.)
وعند الاستماع إلى السيد (س) أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية بتاريخ **** أكد تصريحاته المدلى بها أمام السيد الوكيل العام للملك وتحفظ بخصوص أنه هو من أدلى بوثائق العربة أمام الدرك الملكي وأن وقت تصريحه كان يعاني من ضغوط نفسية. ولم يتواطأ مع المسمى "ج" من أجل تزوير شهادة الضريبة وأنه سلمه مبلغ 1050 درهم (650 من أجل أداء مبلغ الضريبة و400 من أجل إنجاز شهادة المراقبة التقنية) كما أنه لم يدقق في تواريخ هذه الشواهد.
وبناء على قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية عدد *****وتاريخ 09 أبريل 2021 بإيقاف السيد (س)عن عمله بصفة مؤقتة مع إيقاف أجره باستثناء التعويضات العائلية.
وبناء على قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤرخ في 08 يونيو 2021 والرامي إلى تعيين السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية طبقا لمقتضيات المادة88 من القانون التنظيمي رقم 100.13؛
وبناء على تقريرالسيد المقرر الذي أودعه بأمانةالمجلس والذي استمع فيه للقاضي المتابع؛
وبناء على مقرر المجلس بإحالة السيد(س) على المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي المذكور من أجل ما نسب إليه من إخلال بواجب الوقار والكرامة والنزاهة، وذلك بعد عرض التقرير المنجز من طرف السيد المقرر على أنظار أعضاء المجلس؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس المنعقد بتاريخ01 مارس 2022 والذي توصل به بتاريخ 16 فبراير 2022 وفق شهادة التوصل طي الملف؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة السيد (س)؛
وبجلسة 01 مارس 2022 حضر السيد (س) وأكد فيها أنه اطلع على الملف التأديبي وأنه مستعد لمناقشة قضيته، وبعد أن قدم المقرر السيد***** تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضي المتابع الذي التمس البت في ملفه التأديبي بغض النظر عن مآل المتابعة الجنائية، وبخصوص ما نسب إليه أكد تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر وأنه أخطأ في عدم التحري عن الشخص المدعو والملقب "ج" ملتمسا مراعاة وضعيته الاجتماعية والمادية لأنه موقوف عن مزاولة عمله منذ 10 أشهر وحصل على مقرر قضائي بتأجيل أقساط ديونه لمدة سنة وهو المعيل الوحيد لأسرته المتكونة من والدته وأبنائه، مؤكدا ندمه عن التصرفات التي صدرت عنه.
:وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س)، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الاخلال بواجب الوقار والكرامة والنزاهة؛
وحيث تم الاستماع إلى السيد (س) وصرح بما هو مفصل صدر الوقائع أعلاه؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات بما في ذلك محاضر المعاينات المنجزة للتحقق من وقوع الجرائم فضلا عن القرارات الجنائية الصادرة في حقهم؛
وحيث ثبت للمجلس من خلال دراسة أوراق الملف وإقرار القاضي المتابع نفسه أن العربة التي كان يتولى سياقتها وقت الحادث لم تكن تتوفر على وثائق سارية الصلاحية، وهي أفعال لذاتها تتنافى مع المبادئ والقواعد والقيم القضائية المرسخة لاحترام القانون ولثقة المواطنين في القضاء، وتشكل إخلالا بالواجبات المهنية للقاضي المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصفته القضائية؛
وحيث تفرض الصفة القضائية على القاضي توخي الحيطة والحذر في علاقاته مع الغير واتقاء الشبهات والحرص على إعطاء المثال والقدوة الحسنة في معاملاته والابتعاد عن كل من تثار حوله الشكوك. غير أن القاضي المتابع وإمعانا في مخالفة القانون أقحم المسمى "ج" في أموره الشخصية واستعان به لتكليفه بإنجاز الوثائق المطلوبة، وإن كان بطريقة قانونية كما تشبّت بقول ذلك، فإن وضع ثقته في شخص مشبوه السمعة كما هو متداول لدى الرأي العام المحلي، ومن ذوي السوابق القضائية ومعروف بعلاقاته المشكوك فيها وسط الإدارات والمحاكم واستغلاله للمواطنين وإيهامهم للتوسط في ملفاتهم يتنافى مع ما تفرضه عليه صفته القضائية، ويعتبر إخلالا منه بالواجب المهني والأخلاقي المتمثل في الحفاظ على سمعة القاضي وكرامة القضاء، وعدم الوقوف موقف الشبهات؛
وحيث فضلا عما ذكر، فإن القاضي المتابع صدر في حقه من أجل نفس الأفعال، قرار عن غرفة الجنح الاستئنافية حاز قوة الشيء المقضي به، أدين بمقتضاه وحكم عليه بعقوبات من أجل المشاركة في تزوير وثائق إدارية تصدرها إدارة عامة واستعمالها والجروح غير العمدية وانعدام التأمين وعدم إخضاع مركبة للمراقبة التقنية. كما أدانت محكمة الاستئناف ب*****المسمى "ج" ومشاركيه من أجل المشاركة في تزييف شهادة تصدرها الإدارة العامة واستعمالها وصنع عن علم شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها، وتم إصدار عقوبات سالبة للحرية في حقهم، وذلك من أجل الأفعال نفسها، موضوع هذا القرار التأديبي؛
وحيث إن قيام القاضي المتابع بالأفعال المشار إليها أعلاه يتنافى والقيم القضائية، ويشكل تصرفا وسلوكا يمس بصفات الوقار والكرامة والنزاهة، وخطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية إعمالا لنص المادة 96 من النظام الأساسي للقضاة؛
وحيث اعتبارا للمسار المهني للقاضي المتابع، واعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
:لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة شهرين اثنين (02) مع الحرمان من أي أجر باستثناء التعويضات العائلية في حق السيد(س)نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****.