موجب الإحالة: الإخلال بالواجبات المهنية والشرف والوقار والكرامة والنزاهة 31-05-2022 الطباعة
قضية السيد: (س)
*****نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف ب
*****:مقرر عدد
أصل المقرر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 29 شوال 1443، الموافق لـ 31 ماي 2022؛
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو - آمنة بوعياش- محمد الناصر – خالد العرايشي - أحمد الغزلي -محمد أمين بنعبد الله - محمد زوك – عبد الله المعوني - عبد اللطيف طهار-عبد اللطيف الشنتوف-يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر..
بحضور السيد مصطفى الابزار الأمين العام للمجلس في اجتماع المجلس ليومه؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017.
:ملخص الوقائـع
بناء على تعليمات السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أحالت الأمانة العامة للمجلس خمسة كتب على السيد المفتش العام للشؤون القضائية من أجل البحث والتحري بشأن أربع وشايات وشكاية واحدة. الأولى وشاية مجهولة المصدر ينسب باعثها لبعض المستشارين العاملين بمحكمة الاستئناف ب*****، سوء تدبير الملفات المعروضة أمام تلك المحكمة، من بينهم السيد (س)؛ الثانية وشاية مجهولة المصدر ينسب باعثها تصرفات مشينة لبعض المستشارين بغرفة الجنايات المالية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف ب*****، وخص بالذكر هيئة الحكم في الملف رقم *****، وتواصل أعضائها مع المحامين الذين يؤازرون المتهمين المتابعين في هذه القضية؛ الثالثة وشاية مجهولة المصدر توصلت بها رئاسة النيابة العامة في شأن تفشي ظاهرة السمسرة والارتشاء بمحكمة الاستئناف ب*****، ووجود علاقات مشبوهة بين عدد من القضاة والمحامين الواردة أسماؤهم في الوشاية؛ الرابعة وشاية منسوبة لعائلات بعض المعتقلين في إطار الاتجار الدولي للمخدرات في مواجهة بعض القضاة العاملين بمحكمة الاستئناف ب*****، مرفقة بتسع صور فوتوغرافية، وتنسب هذه الوشاية لبعض قضاة محكمة الاستئناف ب***** اتهامات بالفساد والارتشــــاء، وبكونهم يسخرون وسطاء لهم لهذه الغـــــايـــة.
وبناء على تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية المنجز تحت عدد ***** وتاريخ *****، والذي يستفاد منه أن الأبحاث والتحريات المنجزة في الموضوع أسفرت على أن بحث السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** المنجز - بصفته مفتشا جهويا – تمّ بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. التي خلص بحثها إلى أن المستشارين المذكورين بالوشايات ربطوا علاقات مشبوهة مع مجموعة من المحامين المشهورين بتدخلاتهم، وهم الأساتذة: (س) ، *****، *****، *****، *****، ***** و(ب). وتم الوقوف على مجموعة من الاتصالات الهاتفية تفيد وقوع تواصل بين أقارب المتهمين في الملف المتعلق بالاتجار الدولي للمخدرات وبعض أعضاء دفاعهم، وبين بعض أعضاء هيئة الحكم التي عرض عليها الملف المذكور، المتكونة من السادة (س) رئيسا وعضوية كل من (ج)و(د) و(ه) و(و)من أجل الحصول على عقوبات مخففة مقابل مبالغ مالية. وأسفرت التحريات أيضا، على أن المسماة "*****"، زوجة المعتقل (ز) ربطت الاتصال بالسيد (س) وأبدت استعدادها لتسليمه مبلغاً مالياً مهمّاً مقابل تبرئة زوجها. وكذلك دفاع المتهم (ح) الأستاذ (ب)، الذي تواصل هاتفيا مع رئيس الهيئة السيد (س) لعدة مرات، عرفت ذروتها بعد تعيين الهيئة المعنية للنظر في القضية في المرحلة الاستئنافية. سيما أن موكله (ح) استفاد من السراح المؤقت دون غيره من باقي المعتقلين. وكذلك المتهم "*****" المتابع في حالة اعتقال في ملف بارون المخدرات *****. وقد حكم عليه من طرف غرفة الجنايات الابتدائية بسنة ونصف حبسا نافذا وأفرج عنه بتاريخ 12 مارس 2019. وأنه أجرى لقاءات مباشرة واتصالات هاتفية باستعمال رقمه الهاتفي ***** مع رئيس الهيئة (س) على رقم هاتفي غير مسجل باسمه، وسلم للقاضي المذكور مبلغاً مالياً مهمّاً مقابل تأييد الحكم الابتدائي الصادر في حقه. وبعد توطد العلاقة بينهما أصبح يتوسط لفائدة بعض المعتقلين على ذمة نفس القضية قصد الحصول على أحكام مخفّفة لفائدتهم مقابل مبالغ مالية. وتم الوقوف على أن الرقم ***** له 13 مكالمة مع الرقم الهاتفي المستعمل من طرف (ز) ما بين 12 أكتوبر 2019 و 01 ماي 2020، بمحيط سكن المستشار (س) الكائن بعمارة *****. ويشير تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية أن المصلحة الولائية للاستعلامات العامة ب***** أفادت بمقتضى تقريرها المؤرخ في 17 نونبر 2019، أن المستشار (س) معروف في الوسط المهني بالارتشاء وبعلاقاته المشبوهة مع المحامي (س) الذي يتوسط بينه وبين المتقاضين. كما أن علاقته سيئة بزملائه القضاة والموظفين، ويشتبه فيه بكونه يبعث شكايات مجهولة ضد زملائه سواء قضاة الحكم أو قضاة النيابة العامة؛
ويشير تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية إلى قائمة الممتلكات العقارية الخاصة بالمستشار (س)، التي توصلت بها من السيد المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، والتي تفيد تملكه للعقارات التالية: حقوقا مشاعة في العقار ذي الرسم عدد***** (الكائن بمنطقة ***** مساحته 03هكتارات 86 آر 03 سنتيار، عبارة عن أرض فلاحية آلت إليه عن طريق الإرث من والده "*****" بتاريخ 12 نونبر 1998)؛ العقار ذي الرسم عدد *****(عبارة عن أرض فلاحية بمنطقة ***** مساحتها 01 هكتار01 آر 19 سنتيار يتملكها بمقتضى رسم هبة عدلي بتاريخ 05 يوليوز 2019 ).كما توصلت المفتشية العامة للشؤون القضائية بكتاب من السيد والي بنك المغرب بتاريخ 19 دجنبر 2019، يفيد أنه بعد إجراء بحث بالقواعد :المعلوماتية للمعطيات تبين أن السيد (س) يتوفر على الحسابات البنكية التالية
ويتبين من الكشوفات الحسابية ما يلي:
وعند الاستماع إلى السيد (س) من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية بتاريخ*****و *****، نفى كل ماورد بالوشايات موضوع البحث، وأضاف أن المتهم (ح) عميد الشرطة تقدم بواسطة دفاعه بطلب سراح مؤقت، أدرج بجلسة 20 ماي 2020 مع ملفات أخرى كانت مدرجة بنفس الجلسة. وأن تزامُنَ منح السراح المؤقت للمتهم (ح)مع المكالمات التي جرت بينه وبين دفاعه الأستاذ (ب) قد كان مجرد صدفة. وأنه يعرف المدعو (ز) كمتهم في ملف الاتجار الدولي في المخدرات، ولا تربطه به أي علاقة ولا اتصال. ولا علاقة له بالرقم *****، ولا يعرف المسماة"*****".كما أن المحامين *****و(س) و***** يتواصلون معه هاتفياً، وهو على علم بأن سمعتهم سيئة. وبخصوص إدراج طلب السراح المؤقت المقدم من طرف دفاع (ح) بجلسة 20ماي 2020 بدلا عن الجلسة المقررة مسبقا له وهي 27 ماي 2020 ورغم عدم وجود أي ملف مدرج بهذه الجلسة، وتمتيعه لوحده بالسراح دون باقي طالبي السراح أكد أن ذلك تم بحسن نية لتصريف القضايا خصوصاً فترة انتشار وباء كورونا وظروف العيد.
وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 08 يونيو 2021 بتعيين السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية؛
وبناء على التقرير المنجز من قبل المقرر السيد ***** الذي ضمنه مجموع الإجراءات التي قام بها وأودعه بأمانة المجلس؛
وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 19 أبريل 2022 بإحالة المعني بالأمر إلى المجلس من أجل الإخلال بالواجبات المهنية وبالشرف والوقار والكرامة والنزاهة؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوع رهن إشارة السيد (س) وفق ما يتضح من الإشهاد المؤرخ في 19 ماي2022 طي الملف.
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 31 ماي 2022 الذي توصل به بتاريخ 17 ماي2022 حسب الثابت من شهادة التوصل.
وبجلسة 31 ماي 2022 حضر السيد (س) أمام المجلس، وأكد أنه اطلع على الملف التأديبي وأنه مستعد لمناقشة قضيته، وحضر إلى جانبه الأستاذ ***** المحامي بهيئة *****.وبعد أن قدم السيد المقرر ***** تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضي المتابع وأكد نفيه للمنسوب إليه وتصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر، والتمس دفاعُه التصريحَ ببراءته، واحتياطياً العمل بتدرج العقوبة والاكتفاء بعقوبة الإنذار.
:وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد(س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجبات المهنية والشرف والوقار والكرامة والنزاهة؛
وحيث تم الاستماع للسيد(س)وصرح بما هو مفصل صدر الوقائع أعلاه؛
وحيث إنه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية للمجلس؛
وحيث إن الواجبات المهنية تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتق القاضي، والتي يشكل كل إخلال بإحداها أساساً للمساءلة التأديبية؛
وحيث إن من أهم تلك الالتزامات ما نص عليه الفصلان 110 و117 من الدستور والمادتان41 و42 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، والمتمثلة في سهر القاضي على التطبيق العادل للقانون وحماية حقوق الأشخاص وحرياتهم وأمنهم بتفان وحرص وتجرد. هذه الالتزامات التي تعد من مشمولات اليمين القانونية التي يؤديها القاضي قبل شروعه في ممارسة مهامه القضائية بمقتضى المادة 40 من نفس القانون، والتي يعتبر الإخلال بها إخلالا بالواجبات المهنية؛
وحيث إن ممارسة القاضي لمهامه بحياد وتجرد وإخلاص وتفان تفرض عليه أن يحرص على بناء قناعاته القانونية على أسس واقعية وقانونية سليمة وضوابط معقولة لا تدعو إلى التشكيك في القرار المتخذ والتعليل المعتمد؛
وحيث إن السيد (س) ارتكب إخلالات قانونية تعطي انطباعا جادّاً على أن قرارات المحكمة غير منطقية وغير منسجمة ولا تحكمها قواعد العدل والإنصاف بقدر ما تحكمها اعتبارات أخرى، مما يضر بصورة العدالة، ويمس بمصداقية الأحكام، لاسيما بالنسبة لقرار السراح المؤقت الصادر في القضية المعنية؛
وحيث يكفي للتدليل على ذلك الإشارة إلى النقط التالية:
وحيث إنه أيضاً، من صميم الواجبات المهنية الملقاة على القاضي الالتزام بالبقاء على مسافة واحدة من أطراف الدعوى، وذلك أثناء سريان الإجراءات القضائية والحرص سواء داخل المحكمة أو خارجها، على أن يُعزز سلوكَه ثقة المجتمع ومساعدي القضاء والمتقاضين في نزاهة القضاة ككل، ويمتنع عن القيام بأي فعل قد يسيء إلى شرف ووقار وسمعة القضاء.
وحيث ثبت من تحريات المفتشية العامة للشؤون القضائية وفق المفصل أعلاه، أن الوشايات والشكايات موضوع البحث، تتعلق بالقضية المتابع فيها بارون المخدرات المدعو ***** ومن معه، ونُسب فيها إلى المحامين المذكورين بها قيامهم بالتوسط لدى هيئة الحكم في المرحلة الاستئنافية لفائدة بعض المتهمين من أجل الحصول على عقوبات مخففة مقابل مبالغ مالية. كما أثبتت الأبحاث أن المحامي (ز) مؤازر المتهم (ح) تدخل لدى المستشار (س) واستفاد موكله من السراح المؤقت قبل انقضاء مدة عقوبته دون غيره من باقي المعتقلين مقابل مبالغ مالية، وأن السيدة "*****" زوجة المعتقل (ز) ربطت الاتصال بالمستشار المذكور، كما أن المتهم "*****" كان يتواصل باستمرار مع القاضي المتابع عبر خط هاتفي غير مسجل فترة رواج الملف.
وحيث إن القاضي المتابع (س) ولئن نفى عند الاستماع إليه أمام المجلس والسيد المقرر والمفتشية العامة للشؤون القضائية كل ما ورد في الوشايات والشكاية وما خلص إليه تقرير التفتيش والمقرر، إلا أن نفيه هذا تفنده أبحاث الشرطة القضائية التي أثبتت بتحرياتها التقنية بمحيط مسكن القاضي المتابع علاقته بالرقم الهاتفي مجهول الاسم ***** واستعماله للتواصل مع أطراف الملفات موضوع الأبحاث ودفاعهم باتصالات عرفت ذروتها أثناء رواج هذه الملفات. وهو ما يشكل قرينة قوية على أن علاقة القاضي (س) مع مجموعة من المحامين ينوبون في القضايا المعروضة عليه تتجاوز حدود العلاقة العادية التي يمكن أن تتوفر بين القضاة والمحامين، وتترك الانطباع على وجود شبهة تأثيرها على حياد القضاء وتجرده، بل واستقلاله ونزاهته. وهي التزامات أساسية تقيد القاضي وتحكم سلوكه، بل إنها تجسد أهم قيم ومبادئ مهنة القضاء التي لا يمكن التفريط فيها. كما أن ما ذُكر يعتبر قرائن منضبطة ومتجانسة تدلّ على إخلال القاضي المتابع بقواعد النزاهة والشرف والوقار والكرامة التي توجب عليه التعاطي بأسمى ما تمثله القيم القضائية، واستحضار صورة العدالة في جميع سلوكياته وتصرفاته، وخاصة تلك التي ترتبط بدوره الدستوري في حماية حقوق وحريات المواطنين؛
وحيث إنه تبعا لما ذكر تبين للمجلس، طبقا لمقتضيات المادة 107 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمواد 40 و96 و97 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، أن القاضي قد ارتكب مجموعة من الإخلالات الخطيرة المتابع بشأنها ويتعين مؤاخذته من أجلها؛
وحيث إنه بعد إعمال مبدأ التناسب المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ومراعاة طبيعة الأفعال المرتكبة وخطورتها وتأثيرها على سمعة القضاء وحقوق المتقاضين.
:لأجله
قرّر المجلس اتخاذ عقوبة الإحالة إلى التقاعد الحتمي في حق السيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*****.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma