موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني 27-05-2021

الواجب المهني الأخلاقيات القضائية اتخاذ الإجراءات داخل أجل معقول تحرير الأحكام نجاعة القضاء سمعة القضاء صورة العدالة ثقة المتقاضين في القضاء الإهمال والتقصير النطق بالأحكام حقوق وحريات الأشخاص

 السيد :(س)                                                                                

 القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*****

بتاريخ 27 مايو 2021،

إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي  الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – آمنة بوعياش -محمد بنعليلو - محمد زوك– محمد خالد العرائشي - أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله  – محمد الناصر - ماجدة الداودي - الحسن أطلس – حسن جابر - ياسين مخلي - عائشة الناصري- فيصل شوقي – حجيبة البخاري - محمد جلال  الموسوي - عادل نظام -عبد الكريم الأعزاني ؛

بحضور السيد مصطفى   الإبزار : الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ  14جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016(.؛

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437)24 مارس 2016(؛

وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09  نونبر 2017؛

الوقائع

بناء على التقريرين الإخباريين اللذين بعث بهما السيد رئيس المحكمة الابتدائية ب***** إلى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يخبر فيهما باستمرار غياب السيد (س) عن مقر عمله بالمحكمة بعد إدلائه بشواهد طبية، دون اعتبار لوضعية خمسة ملفات جنحية تلبسية محجوزة للتأمل لازالت بحوزته، بعدما تعذر الاتصال به رغم المحاولات المتكررة؛

وجاء في كتاب السيد رئيس المحكمة الابتدائية ب***** المؤرخ في 20 يوليوز 2020، أن القاضي المكلف بقضايا الجنحي تلبسي السيد (س) أدلى يوم 13/07/2020 بشهادة طبية تحمل مدة العجز من 13/07/2020 إلى غاية 17/07/2020، وأنه سبق له أن حـجز ملفات جنحية تلبسية معتقلين للتأمل للنطق بها بجلسة 13/07/2020 وهي ملفات ذات المراجع التالية: *****- *****- *****، مما تعذر معه النطق بأحكامها في وقتها المحدد. وأنه تم ربط الاتصال بالقاضي المعني دون جدوى لكون هاتفه المحمول ظل مغلقا طيلة الوقت. كما أنه لم يكلف نفسه عناء الاتصال بمسؤوله القضائي لتوضيح وضعه حيال الجلسة المكلف بها، ومآل الملفات المحجوزة للتأمل، ليدلي يوم 20/07/2020 بشهادة طبية ثانية تم بمقتضاها تمديد فترة التوقف عن العمل لمدة 05 أيام إضافية تبتدئ   من 20/07/2020 إلى 24/07/2020، بدون القيام بأي اتصال بمسؤوله الإداري، أو تقديم توضيح، مع الإشارة إلى أن القاضي المذكور لا يدلي بالشواهد الطبية بصفة شخصية، حيث يعمد إلى إرسالها إلى الكتابة الخاصة لرئيس المحكمة بواسطة أحد الأشخاص. ورغم قيام السيد رئيس المحكمة بمجموعة من الاتصالات الهاتفية بالقاضي المعني، فإنه لم يتمكن من التواصل معه لكون هاتفه كان مغلقا طيلة الوقت، وهو ما جعل الملفات الجنحية التلبسية المحجوزة للتأمل غير منطوق بأحكامها في وقتها المحدد المعلن عنه، ودون أن يربط القاضي الاتصال بمسؤوله القضائي لتوضيح وضعه وطريقة تدبيره للملفات المحجوزة ومآلها، مع الإشارة إلى أن القاضي المذكور سبق أن كان موضوع استفسارات سابقة، إرسال عدد: ***** و*****؛

وجاء في الكتاب الثاني للسيد رئيس المحكمة المؤرخ في 21/07/2020 أنه بذل عدة محاولات مساء يوم 20/07/2020 لربط الاتصال بالقاضي (س) لحثه على تسليم ملفات الجنحي التلبسي اعتقال المحجوزة للتأمل، وذلك عن طريق الاتصال الهاتفي، بقيت بدون جدوى لوجود هاتفه النقال مغلقا باستثناء محاولة واحدة رَنّ فيها دون رد، غير أن زميله الأستاذ (أ) تمكن من التواصل معه والذي أخبره بضرورة الاتصال بالمحكمة وتسليم  الملفات التي بحوزته المشار إلى مراجعها أعلاه، وأجابه بأنه في رخصة مرضية ولديه شواهد طبية، ولا يتواجد بمدينة *****، ويعاني من التهاب في اليدين، وانه سيصدر أمرا بتمديد التأمل في الملفات التي بحوزته. وأضاف السيد رئيس المحكمة أنه مساء يوم 20/07/2020 وجه رسالة نصية للأستاذ (س) عبر هاتفه النقال الحامل رقم: ******** أخبره بمقتضاها بضرورة تسليم الملفات المحجوزة للتأمل، مخبرا إياه بكونه أرسل تقريرا في الموضوع إلى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. وهي الرسالة التي رد عليها القاضي برسالة نصية في الساعة الرابعة صباحا وعشرة دقائق من يوم 21/07/2020 بأن الرسالة غير مقروءة لديه وأن الملفات الخمس المحجوزة تمدد لجلسة 27/07/2020 بسبب حالته المرضية لإصابته بالتهابات حادة على مستوى أصابع اليدين وأنه غير متواجد بمدينة *****، وعلى إثر ذلك كلف السيد رئيس المحكمة رئيس مصلحة كتابة الضبط بالانتقال إلى مقر سكناه بمدينة ***** لتسلم الملفات المشار إليها أعلاه، بدون جدوى، فحرر محضر انتقال وتحري في الموضوع؛

وعند الاستماع إلى السيد (س) من قبل المفتش العام للشؤون القضائية بتاريخ 14 شتنبر 2020، صرح أنه كان يعاني من التهابات على مستوى أصابع اليدين خاصة اليد اليمنى ، وأنه كقاض مبتدئ  يعاني من ضغط العمل خاصة بالنسبة لقضايا الجنح التلبسية، وقد سبق أن طلب من السيد رئيس المحكمة منذ تنصيبه على رأس المحكمة إيجاد حل، وذلك بتوزيع جلسات الجنحي التلبسي، فطلب منه الانتظار إلى حين انعقاد الجمعية العمومية، وبعد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية أخبره أنه من الصعب مواصلة العمل على هذا النحو فطلب منه الرئيس مزيدا من الصبر، وأنه بجلسة 06 يوليوز 2020 حـجز خمس ملفات للتأمل للنطق بها يوم 13 يوليوز 2020 على أساس أن ينطق بها محررة، ونظرا لإصابة أصابع يديه بالتهاب اتصل بكتابة الضبط للإخبار بتمديد الملفات بعدما حصل على شهادة طبية تتضمن عجزا لمدة 05 أيام، وصبيحة يوم 20 يوليوز 2020 توجه إلى عيادة الطبيب قبل الالتحاق بالمحكمة فأخبره الطبيب بأن أصابعه لازالت تعاني من نفس الالتهاب، ففكر في بداية الأمر الاتصال بالسيد رئيس المحكمة للتنسيق حول النطق بالأحكام إلا أنه خشي أن يطالبه بحضور الجلسة و حـجز ملفات أخرى رغم حالة أصابعه التي لازالت تؤلمه، فسلم الشهادة الطبية الثانية لابن عمه المسمى (ج) ليسلمها للكتابة الخاصة بالمحكمة، وعاد إلى منزله، مضيفا أن الملفات التي كانت محجوزة للتأمل لم تكن كلها محررة للنطق بها يوم 13/07/2020، وكان من بينها ملف أحد المتهمين (د)، حيث أدى تمديد التأمل إلى استمرار اعتقاله لمدة 15 يوما وبعدها تم النطق ببراءته، لعدم النطق بالحكم في حينه بسبب التهابات أصابعه، وخوفا من عدم مراعاة السيد رئيس المحكمة لذلك، وإلزامه بدخول الجلسة، وأنه فعلا يتحمل جزءا من المسؤولية، إلا أن ذلك مبرر في نظره بحالته المرضية التي عجز بسببها عن تحرير الأحكام خصوصا أن القانون يلزمه بالنطق بها وهي محررة لذلك قرَّرَ تمديد التأمل.

وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ24 شتنبر 2020 بتعيين السيد ***** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية؛

وبناء على التقرير المنجز من قبل المقرر السيد ***** الذي ضمنه مجموع الإجراءات التي قام بها وأودعه بأمانة المجلس بتاريخ 25/01/2021؛

وبناء على مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 16 فبراير 2021 بإحالة المعني بالأمر إلى المجلسمن أجل الإخلال بالواجب المهني، طبقا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي رقم 100.13؛

وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي للسيد (س) والتي تم وضعها رهن إشارته؛

وبناء على الاستدعاء الموجه للمعني بالأمر للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 25 ماي2021 الذي توصل به بتاريخ 05 ماي2021 حسب الثابت من شهادة التوصل؛

وبناء على تأجيل القضية إلى اجتماع 27 ماي 2021 أخبر بها المعني بالأمر؛

وبجلسة 27 ماي 2021، حضر السيد (س) بمؤازرة الأستاذ ***** المحامي بهيئة *****، وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي وأنه مستعد لمناقشته، وقدم المقرر السيد ***** تقريره بحضور القاضي المتابع؛

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث أحيل السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني؛

حيث إن القاضي ملزم أن يسهر، خلال مزاولته لمهامه القضائية، على حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون؛

وحيث إن تحرير الأحكام المحجوزة للتأمل والنطق بها يدخل في صلب الواجبات المهنية الأساسية التي تقع على عاتق القاضي، لما للأمر من علاقة بضمان حق المتقاضين في استصدار حكم داخل أجل معقول والحصول على نسخة منه، وبالحق في الولوج إلى العدالة كما هو منصوص عليهما دستوريا، ولارتباطه الوثيق بنجاعة القضاء وبثقة الناس فيه؛

وحيث ثبت للمجلس من خلال الأبحاث المنجزة واطلاعه على وثائق الملف التأديبي والمناقشة الرائجة أمامه أن القاضي المتابع تصرف في العديد من المواقف تصرفات سلبية حالت دون النطق بالأحكام في وقتها المحدد بتاريخ 13/07/2020 وأدى إلى تمديدها مرتين، الأول بتاريخ 20/07/2020 والثاني إلى تاريخ 27/07/2020، منها: إغلاقه لهاتفه النقال بتاريخ 13/07/2020 وهو التاريخ المحدد للنطق بالأحكام، وأنه لم يكلف نفسه عناء الاتصال بالمسؤول القضائي لإخباره بسبب عدم حضوره للجلسة، ولا بعدها، وذلك لإيجاد حل لملفاته المحجوزة للتأمل والممددة مرتين رغم وجود متهمين في حالة اعتقال. وتفادي الاتصال برئيس المحكمة للتنسيق معه بشأن تلك الملفات بدعوى خشية مطالبته إياه بحضور الجلسة وحجز ملفات أخرى.  بالإضافة إلى إحجامه عن الرد على مكالمة رئيس المحكمة بتاريخ 20/07/2020 رغم أن هاتفه بقي يرن وبعد ذلك قام بإغلاقه، في حين أجاب على مكالمة زميله الأستاذ (أ). كما ثبت للمجلس من خلال اطلاعه على وثائق الملف، والأبحاث التي انتهت إليها هيئة التفتيش أن الملفات التي كانت محجوزة للتأمل ليوم 13/07/2020، كان من بينها ملف أحد المتهمين وهو المسمى (د) الذي صدر الحكم في النهاية ببراءته، وبذلك فإن عدم النطق بالحكم في حينه أدى إلى تمديد اعتقاله لمدة 15 يوما رغم استحقاق البراءة من التهم المنسوبة إليه في الملف عدد: *****، وبالتالي حرمانه من حريته طيلة 15 يوما؛

وحيث اعترف السيد (س) أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وكذا أمام المقرر بأنه يتحمل جزءا من المسؤولية؛

وحيث إن ما أقدم عليه القاضي (س) يشكل إهمالا بطريقة غير مستساغة بواجباته المهنية أضرت بصفة مباشرة وكبيرة بحقوق المتقاضين، وهي تشكل إخلالا بالواجب المهني يقتضي مؤاخذته تأديبيا من أجل ذلك؛

وحيث إنه اعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبية المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛

لأجله

قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة شهر واحد مع الحرمان من أي أجر باستثناء التعويضات العائلية في حق السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب*****، مع نقله إلى المحكمة الابتدائية ب*****بصفته قاضيا بها.