موجب الإحالة: الإخلال بواجب الوقار والتحفظ 01-06-2021 الطباعة
يُعتبر استعمال القاضي لصفته القضائية خارج أيّ إطار قانوني ودون احترام للقيم القضائية إخلالاً بواجبي الوقار والتحفظ وموجبا للمعاقبة التأديبية.
تعدّ مباشرة قاضي التحقيق للإجراءات المنصوص عليها في المادة 75 من قانون المسطرة الجنائية بناء على معلومات بلغت إليه دون توفر حالة التلبس مخالفة تأديبية، والواجب يقتضي في مثل هذه الحالات إبلاغ النيابة العامة المختصة بتلك المعلومات فقط، لا مباشرة الإجراءات بشأنها.
قضية السيد (س)
قاض بالمحكمة الابتدائية ب*****
بتاريخ 01 يونيو2021،
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – آمنة بوعياش - محمد بنعليلو - محمد زوك– محمد خالد العرائشي - أحمد الغزلي - محمد أمين بنعبد الله – محمد الناصر - ماجدة الداودي - الحسن أطلس – حسن جابر - ياسين مخلي - عائشة الناصري- فيصل شوقي – حجيبة البخاري - محمد جلال الموسوي - عادل نظام -عبد الكريم الأعزاني ؛
وبحضور السيد مصطفى الابزار، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14جمادى الثانية 1437(24 مارس 2016)؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
الوقائع
يستفاد من تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية، أنه بناء على تعليمات صادرة عن السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بإجراء بحث حول ما يُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي "الواتساب" بخصوص انتقال السيد (س) قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ب*****إلى شاطئ ***** واتصاله بمركزي الدرك الملكي ***** و ***** ودعوتهما إلى أخذ الحيطة والحذر وإجراء حراسة مشددة على الشاطئين والساحل التابع لهما، وأنه يتوفر على معلومات بشأن تنظيم عملية تهريب مخدرات خلال نفس الليلة، وأنه انتقل قبالة الشاطئ على متن سيارته فاقترب منه أحد ضباط البحرية الملكية، ليسأله عن سبب تواجده بعين المكان، فأخبره بصفته "قاضي التحقيق" وأن تواجده بالمكان من أجل مهمة، وأنه أخبره بشأن العملية المتوقعة لنقل المخدرات، ثم طلب منه أن يخبره بكل جديد في الموضوع قبل أن يقفل راجعا بمعية مرافقه.
قامت المفتشية العامة للشؤون القضائية تبعا لذلك وبناء على ما ورد في كتاب السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** المرفوع إلى رئيس النيابة العامة، وكتاب السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ب***** بإجراء بحث بالاستماع للسيد (س) الذي صرح بأنه ينحدر من ***** وكان في زيارة لمسقط رأسه رفقة صديقه (ب) لفحص حالة إحدى قريباته، وقد التقى بأحد أفراد الدوار الذي أخبره بوجود عملية للهجرة السرية قيد التنفيذ مقرونة بتهريب كمية من المخدرات، فاتصل بقائد الدرك الملكي ل***** وسأله عن الأمر فأجابه بعدم وجود ما يمكن أن يثير الشكوك، ليعاود الاتصال مباشرة بقائد مركز ***** الذي أجاب بأنه على علم بالأمر، وأنه يباشر إجراءات البحث والتحري، ثم انتقل مع صديقه لإجراء جولة سريعة بشاطئ***** وحينها توجه نحوه عناصر من البحرية الملكية بعنف معتقدين أنه غريب عن المنطقة، وموجهين ضوء المصباح إلى وجهه، فأمرهم بإبعاد الضوء وصرح لهم بصفته "قاضي التحقيق"، وانصرف إلى حال سبيله. مضيفا أنه لما راجع نفسه وجد أنه أخطأ التصرف، وبأن شخصا من البحرية الملكية اتصل به وسأله بانفعال عن الصفة التي بمقتضاها يتواجد بشاطئ ***** مستعملا عبارة:" شكون انت واش من صفة أستاذ باش تمشي تما" فأقفل الخط في وجهه.
وبخصوص ما ورد بالمحضر المنجز من طرف قائد الدرك الملكي ب***** فإنه لما علم بالواقعة، وأنه قام بجولة بسيطة ولم يقم بالتمشيط رفقة عناصر الدرك الملكي، بل كل ما وقع هو أنه التقى عناصر الدرك الملكي بشاطئ ***** وتبادل معهم أطراف الحديث حول صحة المعلومة، وأشعروه بأنهم لم يعثروا على شيء. مع الإشارة أن قائد درك ***** أكد له هاتفيا أن هناك إرهاصات تدل على أن المعلومة صحيحة. وفي الأخير أكد مرة أخرى أنه تسرع عندما اتصل بعناصر الدرك الملكي، وأن ذلك كان رعونة منه. وأنه تلقى مكالمة في الساعة الثانية عشر والربع ليلا من لدن رئيس المحكمة طالبا منه العودة إلى منزله، وكان في اعتقاده أن الأمور عادية.
وبناء على المقرر الذي اتخذه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في اجتماعه المنعقد بتاريخ 16 فبراير 2021 بتعيين السيد *****الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***** مقررا في القضية، والذي أودع تقريره بأمانة المجلس؛
وبناء على المقرر الذي اتخذه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في اجتماعه المنعقد بتاريخ 04 ماي 2021 بإحالة القاضي المعني بالأمر على أنظاره طبقا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي توصل به بتاريخ 05 ماي 2021؛
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام أنظار المجلس لجلسة 01/06/2021، والذي توصل به بتاريخ 21 ماي 2021؛
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوعة رهن إشارة السيد (س)، وبجلسة 01/06/2021 حضر السيد (س) وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي وأنه مستعد لمناقشته، وقدم المقرر تقريره وتم الاستماع للقاضي المتابع، الذي أكد جميع تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام السيد المقرر؛
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بواجب الوقار والتحفظ؛
وحيث إن القاضي مطوق باليمين التي أداها باحترام القانون طبقا للمادة 40 من القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وكذا ما تفرضه المادة 96 من نفس القانون من تقيد بواجباته المهنية أو الشرف أو الوقار تحت طائلة اعتبار الإخلال بذلك من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية؛
وحيث يمكن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات؛
وحيث تبين للمجلس من خلال اطلاعه على وثائق الملف التأديبي بأن القاضي (س) اتصل بقائد الدرك الملكي ***** طالبا منه إرسال دوريتين إلى شاطئ ***** وشاطئ ***** مستعملا صفته القضائية "قاضيا للتحقيق" بناء على ما أُخبر به من معلومات حول وجود كمية من المخدرات معدة للتهريب عبر البحر. كما اتصل أيضا بقائد مركز ***** من أجل نفس الموضوع.وأفاد خلال البحث وأمام المقرر بأنه تسرع في الاتصال بعناصر الدرك الملكي، وأن اتصاله كان رعونة منه؛
وحيث إن ما قام به القاضي (س) من اتصال وانتقال شخصي إلى عين المكان للتفقد ليس له ما يبرره من الناحية القانونية. ذلك أن مقتضيات المادة 75 من قانون المسطرة الجنائية لا تنطبق على هذه الحالة، نظرا لارتباط الإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق وفقا لهذه المادة بتوفر حالة التلبس. وهو الأمر المنتفي في واقعة الحال التي انتقل فيها القاضي بناء على معلومات بلغت إليه. وأن الواجب كان يقتضي منه إبلاغ النيابة العامة المختصة بتلك المعلومات فقط، لا مباشرة الإجراءات بشأنها رغم عدم اختصاصه.
وحيث إن قيام القاضي المتابع بالانتقال شخصيا إلى المكان المذكور وطلبه من قائد الدرك الملكي بإرسال دوريتين مستعملا صفته القضائية خارج أي إطار قانوني ناتج عن عدم حرصه التام على احترام القانون والقيم القضائية، مما دفعه إلى المخاطرة بارتكاب خطإ يشكل إخلالا بواجبي الوقار والتحفظ وموجبا للمعاقبة التأديبية؛
وحيث إن المجلس ومراعاة للملاحظات الإيجابية المسجلة حول المسار المهني للقاضي، واعتمادا على مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والعقوبة التأديبيةالمنصوص عليه في المادة 99 من القانون التنظيميرقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد (س) القاضي بالمحكمة الابتدائية ب***** مع نقله إلى المحكمة الابتدائية ب*****.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma