تغيير نمط العرض
مفضلاتي

موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني 11-06-2024 الطباعة

الواجب المهني احترام القانون التطبيق السليم للقانون قضاء التحقيق التطبيق العادل للقانون
عدم المؤاخذة

إن تمتيع المتهم بالسراح المؤقت أو متابعة التحقيق معه في حالة سراح - متى تم في الإطار القانوني المنظم له - هو من صميم اختصاص القاضي يمارسه بكل حرية ولا رقابة عليه في ذلك إلا لمحكمة الطعن،

-لا يمكن للمجلس التأديبي أن يمارس رقابته على القاضي بخصوص قرار تمتيع المتهم بالسراح المؤقت أو متابعة التحقيق معه في حالة سراح، إلا إذا كان ناتجا عن مؤثرات خارجية حادت به عن التطبيق السليم للقانون، أو متى ثبت في حقه وهو يصدر هذا الامر ارتكاب خطأ من الأخطاء الموجبة للمساءلة التأديبية بموجب نص القانون.


قضية السيد: (س)

المستشار بمحكمة الاستئناف ب***

مقرر عدد: ***

 

أصل المقرّر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

بتاريخ 4 ذو الحجة 1445 ه الموافق ل 11 يونيو 2024

 

إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – أمينة بوعياش – محمد انوار بنعليلو - أحمد الغزلي - محمد زوك - محمد الناصر – خالد العرايشي – عبد الله معوني- سعاد كوكاس- الزبير بوطالع - عبد اللطيف طهار- عبد اللطيف الشنتوف - يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي- نزهة مسافر.

      بمساعدة السيد منير المنتصر بالله الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

      وبحضور السيد عبد الرحيم بحني كاتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

      بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛

      وعلى مقتضيات القانون التنظيمي عدد 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛

وعلى مقتضيات القانون التنظيمي عدد 106.13 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437، الموافق 24 مارس 2016 كما تم تعديله وتغييره؛

وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر2017 كما تم تعديله وتغييره.

                                  ملخص الوقائـع

1-    مرحلة البحث:

تقدم السيد *** المحامي بهيئة ***، نيابة عن ذوي حقوق الهالك ***، بشكاية يعرض فيها أنه يتظلم من الإجراءات التي رافقت ملف التحقيق عدد *** الذي كان مفتوحا أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف ب*** السيد (س1) والمتعلق بجريمة القتل التي تعرض لها الهالك *** من طرف المتهم ***بعدما تقدمت والدته بشكاية أمام السيد الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة قصد البحث في الواقعة وإعطاء التعليمات اللازمة لتفادي أي تلاعب يمكن ان يحصل في المسطرة، خاصة وأن القاتل "حسب الجهة المشتكية "، يتوفر على علاقات نافذة يمكن أن تؤثر على مسار البحث، وأنه بعد القيام بالأبحاث والتحريات المطلوبة اتضح أن المتهم ***احتسى الخمر ليلة 15 أكتوبر 2017 في مطعم "***" بساحة ***  ب***، وفي حدود الواحدة صباحا، أوصله نديمه المسمى *** إلى حيث يركن سيارته بميناء *** غير أنه فوجئ بالهالك *** يتقدم نحوه، وبعدما فشل في إبعاده، ترجل من سيارته، ووجه له ضربات عنيفة بواسطة آلة حادة، وغادر مسرح الجريمة، وبعد اكتشاف الأمر تقدم الجاني أمام مصلحة حوادث السير بشرطة ***، مدعيا أنه صدم الضحية بواسطة سيارته، غير أنه وبعد تعميق الأبحاث معه، بعدما اتضح من معاينة الشرطة أن سيارته لا تتضمن أي آثار للحادث، كما أن مكان الحادثة المفترض لا يتضمن أي آثار وبعد العثور بمنزله على سروال وقميص يحملان بقع دم الضحية، تراجع عن تصريحه الأول وأكد أنه قام بضرب الهالك الذي سقط أرضا على رأسه، مؤكدا أن بقع الدم التي وجدت على ملابسه علقت به بعدما حاول تغيير معالم الجريمة بنقل الضحية إلى مكان آخر، كما انه اعترف للضابطة القضائية، عند إعادة تمثيل الجريمة، بالطريقة التي ارتكب بها جريمة القتل، موضحا أن الضحية بعد ضربه سقط أرضا على الرصيف وأغمي عليه، وأنه قام بحمله ونقله إلى مكان آخر مخصص لوضع شباك الصيد على بعد مترين ثم لاذ بالفرار، وبعد إحالته على النيابة العامة التي التمست اجراء تحقيق إعدادي من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه وتغيير معالم الجريمة وإهانة الضابطة القضائية بالبلاغ الكاذب، أحيل الملف على قاضي التحقيق السيد (س1) الذي لا يترك فرصة إلا ويبحث من خلالها عن سبيل للاغتناء ومراكمة الثروة، والدليل على ذلك الطريقة الماكرة التي دبر بها هذا الملف منذ إسناده إليه سنة 2017، إذ تركه في دائرة المهملات بعد اتصالات وعلاقات مشبوهة، وبعد دفع رشوة تقدر بحوالي 100 مليون سنتيم، وأن القاضي المذكور ضرب كل الأبحاث التي قامت بها الضابطة القضائية في مسرح الجريمة وكافة الأدلة العلمية والتقنية الثابتة ثبوتا قطعيا، واعتبر أن هذه الجريمة الخطيرة مجرد حادثة سير وأحالها على المحكمة الابتدائية للاختصاص، ثم طمس كل معالم هذا الملف بعد توصله بالمقابل، وأن والد الضحية السيد *** تم الضغط عليه وعلى زوجته *** من أجل إمضاء تنازل بتاريخ 18/11/2017، دون أن يعرفوا مضمونه، وهو الذي اعتمد عليه قاضي التحقيق في قراره، ملتمسا إعادة الأمور إلى نصابها والضرب على يد من تلاعب بدم الهالك ***.

-      بحث المفتشية العامة للشؤون القضائية:

بعد إحالة الشكاية على المفتشية العامة للشؤون القضائية انتهت هذه الأخيرة بعد البحث الذي أجرته بموجب تقريرها عدد *** بتاريخ 08/09/2021 الى اقتراح حفظ الشكاية، اعتبارا لكون ما انتهى إليه قاضي التحقيق والغرفة الجنحية يعبر عن تفسيرهما وتطبيقهما للقانون حسب فهمهما وقناعتهما، ولكون التحريات التي أجرتها لم تظهر وجود إخلالات مسطرية وأن قرار الغرفة الجنحية المتظلم منه موضوع طعن بالنقض، وأن النقط الواردة في الشكاية هي نقط قانونية يرجع النظر فيها للمحكمة الأعلى درجة مهما كان مآل الطعن، كما لم يثبت وجود أي عنصر من عناصر سوء النية لدى قاضي التحقيق للقول بكون قرار قاضي التحقيق قد شابه أي نوع من أنواع التحيز.

وبعد عرض تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية على المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 08/02/2022، تقرر ارجاع الملف للمفتشية العامة للشؤون القضائية لإجراء الأبحاث والتحريات الضرورية فيما هو منسوب لقاضي التحقيق وأعضاء الغرفة الجنحية، وبصفة خاصة حول ظروف وملابسات قرار منح السراح المؤقت وقرار عدم المتابعة وعدم تناول القرارين لمجموعة من القرائن والعناصر المستمدة من ملف النازلة من قبيل تصريحات المتهمين بمرحلة البحث التمهيدي، وعدم مناقشة نتائج التشريح الطبي ومحاضر معاينة بقع الدم على ملابس المتهم، ومعاينة عدم وجود آثار للحادثة على سيارة المتهم وفي المكان المفترض أنها وقعت فيه، والبحث في التوجهات السابقة للقضاة المعنيين في ملفات بوقائع مشابهة، وتقدير ثروة القاضي (س1).

وبعد وضع المفتشية العامة يدها من جديد على الملف قامت بمكاتبة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** قصد إجراء بحث حول ملابسات وظروف القضية حيث أفاد السيد الوكيل العام للملك أن مصلحة الاستعلامات العامة أكدت، بعد البحث الذي أجرته أن القرار القضائي المتظلم منه صدر في ظروف مشبوهة تزامنت مع بيع والد المتهم الأول ***لمقهى في ملكه بحوالي مليون درهم، وخلص السيد الوكيل العام للملك أن قرار قاضي التحقيق والغرفة الجنحية جانب الصواب عند استناده إلى إنكار المتهمين للمنسوب إليهما خلال مرحلة التحقيق وتنازل ذوي حقوق الضحية للقول بعدم توفر وسائل إثبات كافية لمتابعتهما من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه، وبمتابعتهما في حالة سراح من أجل التسبب في حادثة سير نتج عنها قتل نتيجة عدم الاحتياط، وإهانة الضابطة القضائية، وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للمتهم الأول، وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للمتهم الثاني، واحالتهما على المحكمة الابتدائية ب***، دون أن يأخذ بعين الاعتبار اعترافات المتهمين التمهيدية، ومحضر إعادة تمثيل الجريمة، والمعاينات المجراة على سيارة المتهم وملابسه ومكان الحادثة، وأن ما يزكي ذلك هو أن محكمة النقض نقضت قرار الغرفة الجنحية بموجب قرارها الصادر بتاريخ 28/04/2021.

واستمعت هيئة التفتيش للسيد (س) عضو الغرفة الجنحية الذي أكد أن تأييد قرار قاضي التحقيق بترك المتهم الثاني *** في حالة سراح استند إلى تنازل ذوي الحقوق، الأمر الذي ولد لديهم اقتناعا بأن الأمر لا يعدو أن يكون حادثة سير، وأن الهيئة اطلعت على وثائق الملف ولم يكن بينها محضر إعادة تمثيل الجريمة، ولا تقرير التشريح الطبي ولا يتذكر إن كان من بين وثائق الملف محضر معاينة السيارة من قبل الشرطة القضائية ومحضر معاينة بقع الدم على ملابس المتهم ***، وأنه لو كانت هذه الوثائق بالملف لكان له توجه مخالف.

لتخلص المفتشية العامة بعد ختم بحثها إلى اقتراح إحالة السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للنظر فيما هو منسوب إليه من إخلال بالواجب المهني.

وبعد عرض تقرير المفتشية العامة على لجنة التأديب اقترحت تعيين مقرر في حق القاضي المعني، ليقرر السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تعيين السيد *** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***، مقررا في قضية القاضي المعني للبحث فيما نسب إليه من إخلال مهني.

-       بحث السيد المقرر.

اطلع السيد المقرر على الأحكام والقرارات الصادرة في الموضوع، واستمع للمستشار السيد (س) الذي أكد تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية جملة وتفصيلا، مضيفا أن السراح المؤقت للمتهم الثاني *** كان بناء على تنازل ذوي الحقوق ولكون المتهم كان تلميذا، ولكون قاضي التحقيق أخضعه لنظام المراقبة القضائية، مؤكدا أن الهيئة اطلعت على وثائق الملف ولم يكن من ضمنها محضر إعادة تمثيل الجريمة وتقرير التشريح الطبي، كما لا يتذكر وجود محضر معاينة سيارة المتهم الأول ومعاينة بقع الدم بملابس هذا الأخير، مؤكدا أنه لو وجدت هذه الوثائق بالملف لكان له توجه مخالف، وفي الأخير أكد أنه ملتزم خلال مساره المهني بمبدأ الاجتهاد، رغم الإكراه المتمثل في كثرة الملفات. ليقترح السيد المقرر إحالة السيد (س)، على المجلس الاعلى للسلطة القضائية للنظر فيما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني.

وبعد عرض تقرير المقرر على لجنة التأديب اقترحت اللجنة إحالة القاضي المعني على المحاكمة التأديبية، ليقرر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إحالته على المجلس بعدما تبين جدية ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، مع استدعائه للمثول أمام أنظار المجلس خلال اجتماعه الذي سينعقد بتاريخ 11 يونيو 2024.

2-    مرحلة المحاكمة التأديبية:

      أدرج ملف السيد (س) خلال اجتماع المجلس المنعقد بتاريخ 11/06/2024 حيث حضر المعني بالأمر، وحضر السيد المقرر الذي قدم ملخصا لتقريره أمام أنظار المجلس، واستمع للقاضي المتابع التي أكد سابق تصريحاته أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام المقرر، فاعتبر المجلس أن القضية جاهزة وقرر إدراجها في المداولة.

وبعد المداولة طبقا للقانون

    حيث أحيــل السيد (س) المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** علـى أنظـار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني.

     وحيث إنه لئن كان كل إخلال من القاضي بالواجبات المهنية - التي تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتقه - يشكل خطأ يمكن أن يكون محلا للمساءلة التأديبية طبقا للمادة 96 من النظام الأساسي للقضاة، فإن ذلك رهين بثبوت هذا الإخلال ثبوتا كافيا.

     وحيث إن الثابت من وقائع القضية وملابساتها أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** تقدم بمطالبة بإجراء تحقيق في حق المتهمين *** و***من أجل الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الوفاة دون نية إحداثه وجنحتي إهانة الضابطة القضائية وتغيير معالم الجريمة، وأن قاضي التحقيق باشر إجراءات التحقيق الإعدادي في الملف، ثم أصدر أمرين، الأول قضى بتمتيع المتهم الأول بالسراح المؤقت والثاني بعدم إيداع المتهم الثاني بالسجن ومواصلة التحقيق معه في حالة سراح، وبعد استئناف النيابة العامة لهذا الأمر الأخير أيدته الغرفة الجنحية بهيئة كان المستشار السيد (س) عضوا فيها.

      حيث عللت الغرفة الجنحية قرارها بتأييد قرار عدم إيداع المتهم الثاني *** بالسجن ومتابعة التحقيق معه في حالة سراح بكون الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي، وأن قاضي التحقيق استبدله بالمراقبة القضائية، ولكون المتهم كان لا يزال تلميذا يتابع دراسته، ولتنازل ذوي حقوق الضحية.

      وحيث إن تمتيع المتهم بالسراح المؤقت أو متابعة التحقيق معه في حالة سراح - متى تم في الإطار القانوني المنظم له - هو من صميم اختصاص القاضي، يمارسه بكل حرية ولا رقابة عليه في ذلك إلا لمحكمة الطعن، ولا يمكن للمجلس التأديبي أن يمارس رقابته على القاضي بهذا الخصوص إلا إذا كان ناتجا عن مؤثرات خارجية حادت به عن التطبيق السليم للقانون، أو متى ثبت في حقه وهو يصدر هذا الأمر ارتكاب خطأ من الأخطاء الموجبة للمساءلة التأديبية بموجب نص القانون.

      وحيث إنه وفي غياب ما يفيد أن تأييد الغرفة الجنحية لأمر قاضي التحقيق القاضي بترك المتهم *** في حالة سراح كان نتيجة عوامل خارجية أثرت على قناعة أعضائها وعلى تطبيقهم العادل للقانون، وفي غياب ما يفيد ارتكابهم لأي خطأ عند إصدارهم لهذا القرار، فإنه يكون من غير المناسب مسائلة القاضي المتابع تأديبيا عن هذا القرار.

     وحيث بذلك يكون الفعل التأديبي المنسوبة للقاضي المذكور والمتمثل في الإخلال بالواجب المهني غير قائم في حقه ويتعين التصريح بعدم مؤاخذته من أجله.

                                      لأجله

    قرر المجلس عدم مؤاخذة القاضي السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب***، من أجل الإخلال بالواجب المهني.

 

توقيع عضو المجلس
المكلف بصياغة القرار
الرئيس المنتدب
للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
عبد اللطيف طهارمَحمد عبد النباوي
العنوان

زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط

الهاتف
  • +212 537 73 95 40/41
  • +212 537 72 13 37
البريد الالكتروني الخاص بالأمانة العامة للمجلس

sg@cspj.ma

الهاتف الخاص بالشكايات
  • +212 537 91 93 05