موجب الإحالة: الإخلال بالواجب المهني و الإخلال بواجب الكفاءة والاجتهاد 11-06-2024
-إن تمتيع المتهم بالسراح المؤقت - متى تم في الإطار القانوني المنظم له - هو من صميم اختصاص قاضي التحقيق يمارسه بكل حرية ولا رقابة عليه في ذلك إلا لمحكمة الطعن، ولا يمكن للمجلس التأديبي أن يمارس رقابته على قاضي التحقيق بهذا الخصوص.
قضية السيد: (س)
المستشار بمحكمة الاستئناف ب***
مقرر عدد: ***
أصل المقرّر محفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 4ذو الحجة 1445 هـ الموافق ل 11 يونيو 2024
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – أمينة بوعياش – محمد انوار بنعليلو - أحمد الغزلي - محمد زاوك - محمد الناصر – خالد العرايشي – عبد الله معوني- سعاد كوكاس- الزبير بوطالع - عبد اللطيف طهار- عبد اللطيف الشنتوف - يونس الزهري- عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي- نزهة مسافر.
بمساعدة السيد منير المنتصر بالله الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
وبحضور السيد عبد الرحيم بحني كاتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وعلى مقتضيات القانون التنظيمي عدد 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛
وعلى مقتضيات القانون التنظيمي عدد 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437، الموافق 24 مارس 2016 كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017 كما تم تعديله وتغييره.
ملخص الوقائـع
1- مرحلة البحث:
تقدم السيد *** المحامي بهيئة ***، نيابة عن ذوي حقوق الهالك ***، بشكاية يعرض فيها أنه يتظلم من الإجراءات التي رافقت ملف التحقيق عدد *** الذي كان مفتوحا أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف ب*** السيد (س)، والمتعلق بجريمة القتل التي تعرض لها الهالك *** من طرف المتهم ***، بعدما تقدمت والدته بشكاية أمام السيد الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة قصد البحث في الواقعة، وإعطاء التعليمات اللازمة لتفادي أي تلاعب يمكن ان يحصل في المسطرة، خاصة وأن القاتل "حسب الجهة المشتكية"، يتوفر على علاقات نافذة يمكن أن تؤثر على مسار البحث، وأنه بعد القيام بالأبحاث والتحريات المطلوبة، اتضح أن المتهم *** احتسى الخمر ليلة 15 أكتوبر 2017 في مطعم "***" بساحة *** ب***، وفي حدود الواحدة صباحا، أوصله نديمه المسمى *** إلى حيث يركن سيارته بميناء ***، غير أنه فوجئ بالهالك *** يتقدم نحوه، وبعدما فشل في إبعاده ترجل من سيارته، ووجه له ضربات عنيفة بواسطة آلة حادة، وغادر مسرح الجريمة، وبعد اكتشاف الأمر تقدم الجاني أمام مصلحة حوادث السير بشرطة ***، مدعيا أنه صدم الضحية بواسطة سيارته، غير أنه وبعد تعميق الأبحاث معه، بعدما اتضح من معاينة الشرطة أن سيارته لا تتضمن أي آثار للحادث كما أن مكان الحادثة المفترض لا يتضمن أي آثار وبعد العثور بمنزله على سروال وقميص يحملان بقع دم الضحية تراجع عن تصريحه الأول وأكد أنه قام بضرب الهالك الذي سقط أرضا على رأسه، مؤكدا أن بقع الدم التي وجدت على ملابسه علقت به بعدما حاول تغيير معالم الجريمة بنقل الضحية إلى مكان آخر، كما أنه اعترف للضابطة القضائية، عند إعادة تمثيل الجريمة، بالطريقة التي ارتكب بها جريمة القتل، موضحا أن الضحية بعد ضربه سقط أرضا على الرصيف وأغمي عليه، وأنه قام بحمله ونقله إلى مكان آخر مخصص لوضع شباك الصيد على بعد مترين ثم لاذ بالفرار، وبعد إحالته على النيابة العامة التي التمست إجراء تحقيق إعدادي من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه، وتغيير معالم الجريمة وإهانة الضابطة القضائية بالبلاغ الكاذب، أحيل الملف على قاضي التحقيق السيد (س) الذي لا يترك فرصة إلا ويبحث فيها عن سبيل للاغتناء ومراكمة الثروة، والدليل على ذلك الطريقة الماكرة التي دبر بها هذا الملف منذ إسناده إليه سنة 2017 إذ تركه في دائرة المهملات بعد اتصالات وعلاقات مشبوهة، وبعد دفع رشوة تقدر بحوالي 100 مليون سنتيم، وأن القاضي المذكور ضرب كل الأبحاث التي قامت بها الضابطة القضائية في مسرح الجريمة وكافة الأدلة العلمية والتقنية الثابتة ثبوتا قطعيا، واعتبر أن هذه الجريمة الخطيرة مجرد حادثة سير، وأحالها على المحكمة الابتدائية للاختصاص، ثم طمس كل معالم هذا الملف بعد توصله بالمقابل، وأن والد الضحية السيد *** تم الضغط عليه وعلى زوجته *** من أجل إمضاء تنازل بتاريخ 18/11/2017 دون أن يعرفوا مضمونه، وهو الذي اعتمد عليه قاضي التحقيق في قراره، ملتمسا إعادة الأمور إلى نصابها والضرب على يد من تلاعب بدم الهالك ***.
بعد إحالة الشكاية على المفتشية العامة للشؤون القضائية، انتهت هذه الأخيرة بعد البحث الذي أجرته بموجب تقريرها عدد *** بتاريخ 08/09/2021 إلى اقتراح حفظ الشكاية، اعتبارا لكون ما انتهى إليه قاضي التحقيق والغرفة الجنحية يعبر عن تفسيرهما وتطبيقهما للقانون حسب فهمهما وقناعتهما، ولكون التحريات التي أجرتها لم تظهر وجود إخلالات مسطرية وأن قرار الغرفة الجنحية المتظلم منه موضوع طعن بالنقض، وأن النقط الواردة في الشكاية هي نقط قانونية يرجع النظر فيها للمحكمة الأعلى درجة مهما كان مآل الطعن، كما لم يثبت وجود أي عنصر من عناصر سوء النية لدى قاضي التحقيق للقول بكون قرار قاضي التحقيق قد شابه أي نوع من أنواع التحيز.
وبعد عرض تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية على المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 08/02/2022، قرر المجلس إرجاع الملف للمفتشية لإجراء الأبحاث والتحريات الضرورية فيما هو منسوب لقاضي التحقيق وأعضاء الغرفة الجنحية، وبصفة خاصة حول ظروف وملابسات قرار منح السراح المؤقت وقرار عدم المتابعة وعدم تناول القرارين لمجموعة من القرائن والعناصر المستمدة من ملف النازلة، من قبيل تصريحات المتهمين بمرحلة البحث التمهيدي، وعدم مناقشة نتائج التشريح الطبي ومحاضر معاينة بقع الدم على ملابس المتهم ومعاينة عدم وجود آثار للحادثة على سيارة المتهم وفي المكان المفترض أنها وقعت فيه، والبحث في التوجهات السابقة للقضاة المعنيين في ملفات بوقائع مشابهة، وتقدير ثروة القاضي (س) .
وبعد وضع المفتشية العامة يدها من جديد على الملف قامت بمكاتبة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** قصد إجراء بحث حول ملابسات وظروف القضية، حيث أفاد السيد الوكيل العام للملك أن مصلحة الاستعلامات العامة أكدت، بعد البحث الذي أجرته، أن القرار القضائي المتظلم منه صدر في ظروف مشبوهة تزامنت مع بيع والد المتهم الأول *** لمقهى في ملكه بحوالي مليون درهم، وخلص السيد الوكيل العام للملك أن قرار قاضي التحقيق جانب الصواب عند استناده إلى إنكار المتهمين للمنسوب إليهما خلال مرحلة التحقيق، وتنازل ذوي حقوق الضحية للقول بعدم توفر وسائل إثبات كافية لمتابعتهما من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه، وبمتابعتهما في حالة سراح من أجل التسبب في حادثة سير نتج عنها قتل عمدي نتيجة عدم الاحتياط، وإهانة الضابطة القضائية وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للمتهم الأول وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للمتهم الثاني، وإحالتهما على المحكمة الابتدائية ب***، دون أن يأخذ بعين الاعتبار اعترافات المتهمين التمهيدية ومحضر إعادة تمثيل الجريمة والمعاينات المجراة على سيارة المتهم وملابسه ومكان الحادثة، وأن ما يزكي ذلك هو أن محكمة النقض نقضت قرار الغرفة الجنحية بموجب قرارها الصادر بتاريخ 28/04/2021.
واستمعت هيئة التفتيش لقاضي التحقيق السيد (س) الذي أكد أنه بعد استنطاقه للمتهم أكد أن اعترافاته التمهيدية انتزعت منه تحت الضغط والإكراه، وأنه متع المتهم بالسراح المؤقت باعتبار أن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي، ولكونه يتوفر على ضمانات الحضور، وأنه قام بوضعه تحت تدابير المراقبة القضائية، وبخصوص بقع الدم التي وجدت على ملابسه فقد أكد المتهم أنها علقت به بعد تغييره معالم الحادثة، في المقابل أكد أنه لا يملك جواب بخصوص معاينة الضابطة القضائية لسيارة المتهم وهي لا تحمل أي أثر للحادثة، وبخصوص اعتراف المتهم التمهيدي فقد تراجع عنه في مرحلة التحقيق، وأن العمل جرى على عدم استبعاد الاعتراف التمهيدي للمتهم بعد تراجعه عنه إلا إذا وجدت قرائن تؤكد هذا التراجع وأن لكل ملف خصوصياته، وأن وقائع الملف تفيد أن الأمر يتعلق بحادثة سير، وأن عدم مناقشة تقرير التشريح الطبي ناتج عن سهو وإغفال، وأن المقصود بعدم المتابعة من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه ومتابعته من أجل القتل الخطأ الناتج عن حادثة السير، فقد جرى العمل على اعتماد ذلك ولكون النيابة العامة تطالب بالبت في المتابعة.
وبخصوص تقدير ثروة السيد (س) فقد اتضح من تصريح المعني بالأمر بممتلكاته برسم سنة 2017 أنه يملك بقعة أرضية تتضمن مبنى سكني ب*** تملكها سنة 2009، وأرض عارية مشاعة عبارة عن انخراط له في ودادية سكنية سنة 2006، فيما ورد في خانة الديون أن له قرض سكني بقيمة 700.000 درهم، يؤدى على شكل أقساط شهرية بقيمة 4499، درهم وقرض آخر لإتمام السكن بقيمة 310.000 درهم على شكل أقساط شهرية قيمتها 3500 درهم. في حين يتضح من كتاب السيد المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية أن القاضي المعني يملك أرضا عارية بموجب الرسم العقاري عدد *** تملكها بتاريخ 21/04/2010.
وبعد الاطلاع على الكشوفات البنكية اتضح أن للقاضي المعني حسابين بنكيين مفعلين واحد مفتوح لدى "***" والآخر لدى "***"، وقد سجل الحسابين معا عدة عمليات إيداع مبالغ مالية مختلفة.
وعند الاستماع للقاضي المتابع بخصوص موضوع الثروة، أكد أنه يملك منزل شيده على قطع أرضية كان قد اشتراها سنة 2010، وهو المنزل الذي يتألف من قبو وطابق أرضي وثلاثة طوابق أرضية، مؤكدا أن الطابق الأرضي والقبو غير مكتملي البناء، وأدلى لإثبات ذلك برخصة السكن ومجموعة من الصور الفوتوغرافية، كما أدلى بصورة لعقد شراء الأرض المذكورة يفيد أنه اشترى الأرض بثمن قدره 336.000 درهم بموجب قرض بنكي بقيمة 700.000،00 درهم من "***"، والباقي خصص لعملية البناء مدليا بشهادة الملكية التي تفيد تقييد رهن من الدرجة الأولى لضمان نفس المبلغ، مقابل أقساط شهرية محددة في 4459.52 درهم، بالإضافة إلى قرض آخر بقيمة 318.000.00 درهم من نفس المؤسسة البنكية لتمويل البناء، يؤدى على شكل أقساط شهرية بقيمة 2030.06 درهم، كما حصل على ثلاثة قروض استهلاكية، الأول بقيمة 203.000 درهم يؤدى على شكل أقساط بقيمة 2671,43 درهم، والثاني بقيمة 201.000،00 درهم مقابل أقساط شهرية بقيمة 2647,74 درهم، والثالث بقيمة 120.000،00 درهم مقابل أقساط شهرية بقيمة 1507,15 درهم، وأدلى لإثبات ذلك بشهادة بنكية وجدول استخماد القرض.
كما أضاف أنه انخرط في ودادية سكنية سنة 2017 وأدى دفعة واحدة بقيمة 13.600 درهم وتوقف بعد ذلك عن الأداء بالنظر للمشاكل التي عرفتها الودادية المذكورة، مؤكدا ان المبلغ المذكور يمثل مجموع المبالغ التي تحصل عليها بعد تسوية وضعيته بالدرجة الثالثة بعد تخرجه من المعهد العالي للقضاء دون ان يدلى بما يثبت ذلك.
وبخصوص العمليات المالية الواردة في حساباته المصرفية أكد أن إيداع مبلغ 10.000 درهم من طرف *** بتاريخ 30/06/2017 أكد أن المبلغ المذكور من مدخراته، وقد سلمه للشخص المذكور لإيداعه في حسابه قصد توفير مؤونة شيك بنفس المبلغ وفق الإشهاد الصادر عن هذا الأخير والمصحح الإمضاء، وبخصوص عمليات إيداع مبالغ 4000 درهم و4500 درهم و5000 درهم و4000 درهم و7500 درهم بتواريخ مختلفة خلال سنتي 2016 و2017 بحسابه لدى "***"، فمصدرها هو مبلغ 100.000 درهم الذي كان قد سحبه من حسابه لدى "***" بتاريخ 01/06/2016، مدليا بكشف حساب يفيد سحب المبلغ المذكور. وبخصوص استخلاص شيك بقيمة 10.170 درهم بتاريخ 05/06/2017، أكد أنه يتعلق بتعويض عن حادثة سير كان قد تعرض لها، مدليا بصورة من شيك موقع عليه من طرف شركة التأمين "***". وبخصوص استخلاص شيك بقيمة 100.000 درهم بتاريخ 11/05/2018، أكد أن المبلغ سحبه من حسابه لدى "***"، مدليا بكشف حساب يفيد سحب المبلغ المذكور بتاريخ 09/05/2018. وبخصوص إيداع مبلغ 4500 درهم بتاريخ 21/03/2018، أكد أنه جزء من مبلغ 30000 درهم كان قد سحبه من حسابه لدى "***" بتاريخ 15/03/2018 مدليا بكشف حساب يفيد عملية السحب. وبخصوص الإيداع النقدي لمبلغ 6000 درهم بتاريخ 03/11/2020 أكد انه من مدخراته الشخصية. وبخصوص استخلاص شيك بقيمة 40.000 درهم بتاريخ 15/05/2018 بحسابه لدى "***" أكد أنه موقع من طرف زميله الأستاذ *** نائب الوكيل العام للملك على سبيل القرض ولا زال بذمته، وأنه سيدلي بما يثبت ذلك دون أن ينفذ ما التزم به. وبخصوص إيداع مبالغ 6000 درهم بتاريخ 05/09/2017، و1000 درهم بتاريخ 10/09/2018، و6000 درهم بتاريخ 18/10/2018، 9600 درهم بتاريخ 31/10/2019، و21.000 درهم بتاريخ 02/09/2020 أكد أنها من مدخراته الشخصية ملتزما بالإدلاء بما يفيد مصدرها دون أن يفعل.
لتخلص المفتشية العامة بعد ختم بحثها إلى اقتراح إحالة السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للنظر فيما هو منسوب إليه من الإخلال بالواجب المهني وعدم تبرير مصادر الثروة.
وبعد عرض تقرير المقرر على لجنة التأديب، اقترحت تعيين مقرر في حق القاضي المعني، ليقرر السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تعيين السيد *** الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***، مقررا في قضية القاضي المعني للبحث فيما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني.
اطلع السيد المقرر على الأحكام والقرارات الصادرة في الموضوع، واستمع للمستشار السيد (س) الذي أكد أنه استند في تمتيع المتهم بالسراح المؤقت على تصريحه من كون اعترافاته التمهيدية انتزعت منه تحت الضغط والإكراه، ولكون الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي، وقد استبدله بالمراقبة القضائية ولتوفر المتهم على ضمانات الحضور وانعدام سوابقه، مؤكدا أن المتهم صرح عند استنطاقه ابتدائيا أن اعترافاته التمهيدية انتزعت منه تحت الضغط والاكراه، إلا أن كاتبة الضبط لم تدون ذلك بمحضر الاستنطاق، وبخصوص محضر معاينة بقع الدم على ملابس المتهم، فقد أوضح هذا الأخير أمامه أنها علقت منه بعد تغييره معالم الحادثة، وأنه اطلع على محضر الضابطة القضائية بخصوص معاينة سيارة المتهم، ولاحظ أن الصور المرفقة بالمحضر تشير إلى أن هناك آثار على الواقي الأمامي لها غير أنه لم يشر إلى ذلك في الأوامر الصادرة عنه في القضية، وأن المتهم تراجع عن تصريحاته التمهيدية أثناء التحقيق، وأن العمل جرى على أن هذا التراجع لا يؤخذ به إلا إذا وجدت وقائع تؤكده، وأن وقائع الملف تفيد أن الأمر يتعلق بحادثة سير، وأن الصور الملتقطة عند إعادة تمثيل الجريمة لا تشير إلى أن هناك اعتداء على الضحية بواسطة السلاح خاصة أن المتهم ينفي هذه الواقعة، وهي الواقعة التي صرح بها أحد المخبرين دون أن يتم ذكر هويته، وأن الشاهد المسمى *** المستمع إليه بمرحلة التحقيق لم يعاين واقعة ضرب المتهم للضحية، مؤكدا أنه خلص من خلال إجراءات التحقيق أن الأمر يتعلق بمجرد حادثة سير، مضيفا أنه ملتزم في ممارسة مهامه بمبدأ الكفاءة والاجتهاد وإعطاء القضايا الأهمية اللازمة.
ليقترح السيد المقرر إحالة السيد (س)، على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للنظر فيما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني.
وبعد عرض تقرير المقرر على لجنة التأديب اقترحت اللجنة إحالة القاضي المعني على المحاكمة التأديبية، ليقرر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إحالته على المجلس بعدما تبين جدية ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، مع استدعائه للمثول أمام أنظار المجلس خلال اجتماعه الذي انعقد بتاريخ 11 يونيو 2024.
2- مرحلة المحاكمة التأديبية:
أدرج ملف السيد (س) خلال اجتماع المجلس المنعقد بتاريخ 11/06/2024، حيث حضر المعني بالأمر، وحضر السيد المقرر الذي قدم ملخصا لتقريره أمام أنظار المجلس، واستمع للقاضي المتابع الذي أكد سابق تصريحاته أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية وأمام المقرر، فاعتبر المجلس أن القضية جاهزة وقرر إدراجها في المداولة.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيــل السيد (س) المستشار بمحكمة الاستئناف ب*** علـى أنظـار المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال بالواجب المهني.
وحيث إن الثابت من وقائع القضية وملابساتها أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** تقدم بمطالبة بإجراء تحقيق في حق المتهمين *** و*** من أجل الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤدي إلى الوفاة دون نية إحداثه وجنحتي إهانة الضابطة القضائية وتغيير معالم الجريمة، وأن القاضي المتابع بصفته قاضيا للتحقيق باشر إجراءات التحقيق الإعدادي في الملف، ثم أصدر أمرين بتمتيع المتهمين بالسراح المؤقت أيدتهما الغرفة الجنحية، لينتهي إلى إصدار قراره النهائي بتاريخ 30/04/2020 بعدم متابعة المتهمين معا من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه طبقا للمادة 216 من قانون المسطرة الجنائية لعدم كفاية الأدلة، وبمتابعتهما من أجل التسبب في حادثة سير نتج عنها قتل عمدي بسبب عدم الاحتياط وإهانة الضابطة القضائية وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للأول، وتغيير معالم الجريمة بالنسبة للثاني طبقا للفصول 264 و434 من القانون الجنائي والمادة 58/3 من قانون المسطرة الجنائية والمادتين 172 و186 من مدونة السير، وبإحالتهما في حالة سراح على المحكمة الابتدائية ب*** للاختصاص لمحاكمتهما طبقا للقانون، وهو القرار الذي أيدته أيضا الغرفة الجنحية بموجب قرارها الصادر بتاريخ 17/06/2020، قرار الغرفة الجنحية هذا نقضته محكمة النقض بموجب قرارها الصادر بتاريخ 28/04/2021 بعلة" أن المحكمة إنما استندت بشكل مجمل على إنكار المطلوبين للأفعال المنسوبة إليهما أثناء مرحلة التحقيق الإعدادي ولتنازل ذوي حقوق الهالك عن المتابعة، ورتبت على ذلك عدم توفر وسائل إثبات كافية لمتابعتهم بجناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه، دون أن تناقش وتحدد موقفها من تصريحات المطلوبين التمهيدية ومن محضر إعادة تمثيل الجريمة، مما جعل قرارها المطعون فيه لم يحط بكل الأدلة المعروضة عليها وتأثيرها على مسار البحث في هذه القضية".
حيث علل السيد قاضي التحقيق قراره بتمتيع المتهمين بالسراح المؤقت بكون الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي، ولتوفر المتهمين على ضمانات الحضور، ولكونه اخضعهما لنظام المراقبة القضائية، ولكون المتهمين تراجعا عن تصريحاتها التمهيدية بمرحلة التحقيق، ولتنازل ذوي حقوق الضحية.
وحيث إن تمتيع المتهم بالسراح المؤقت - متى تم في الإطار القانوني المنظم له - هو من صميم اختصاص قاضي التحقيق يمارسه بكل حرية ولا رقابة عليه في ذلك إلا لمحكمة الطعن، ولا يمكن للمجلس التأديبي أن يمارس رقابته على قاضي التحقيق بهذا الخصوص إلا إذا كان ناتجا عن مؤثرات خارجية حادت به عن التطبيق السليم للقانون، أو متى ثبت في حقه وهو يصدر هذا الامر ارتكاب خطأ من الأخطاء الموجبة للمساءلة التأديبية بموجب نص القانون.
وحيث إنه وفي غياب ما يفيد أن تمتيع قاضي التحقيق للمتهمين بالسراح المؤقت كان نتيجة عوامل خارجية أثرت على قناعته وعلى تطبيقه العادل للقانون، وفي غياب ما يفيد ارتكابه لأي خطأ مهني عند إصداره لهذا الأمر، يكون من غير المناسب مسائلة قاضي التحقيق المتابع تأديبيا عن هذا القرار.
حيث إنه لما كانت أحكام القضاء لا تصدر إلا على أساس التطبيق العادل للقانون، ولما كان القاضي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون طبقا للفصلين 111 و117 من دستور المملكة، فإن القاضي يكون ملزما في جميع الأحوال بمباشرة الواجبات المهنية الملقاة على عاتقه بموجب نصوص القانون بكل إخلاص وتفان ومسؤولية، ووفقا للشكل الذي يقرره هذا القانون، وهو ما تجسده صيغة اليمين التي يؤديها القاضي عند تعيينه لأول مرة في سلك القضاء، طبقا للمادة 40 من النظام الأساسي للقضاة؛ حيت يلتزم بموجبها بممارسة مهامه بحياد وتجرد وإخلاص وتفان، وبالمحافظة على صفات الوقار والكرامة وعلى سر المداولات بما يصون هيبة القضاء واستقلاله، وأن يلتزم بالتطبيق العادل للقانون، وأن يسلك في ذلك مسلك القاضي النزيه.
وحيث إن كل إخلال من القاضي بالواجبات المهنية - التي تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتقه - يشكل خطأ يمكن أن يكون محلا للمساءلة التأديبية طبقا للمادة 96 من النظام الأساسي للقضاة.
وحيث إن قاضي التحقيق يقوم طبقا للمادة 85 من قانون المسطرة الجنائية بجميع الإجراءات التي يراها صالحة للكشف عن الحقيقة، ويصدر طبقا للمادة 216 من نفس القانون أمرا بعدم المتابعة إذا تبين له أن الأفعال لا تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له، أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد المتهم أو أن الفاعل ظل مجهولا، كما يتعين عليه طبقا للمادة 221 أن يبين في الأوامر القضائية بشأن انتهاء التحقيق الصادرة عنه الوصف القانوني للفعل المنسوب للمتهم، كما يبين بدقة الأسباب التي من شأنها أن تدعم وجود أدلة كافية أو عدم وجودها، وهو ما يفيد أن دور قاضي التحقيق ينحصر في جمع أدلة الإثبات وتقييم مدى كفايتها لتبرير الأمر بالمتابعة قصد إحالة القضية على هيئة الحكم المختصة من عدمه، هذه الأخيرة التي لها صلاحية تقييم وسائل الإثبات وتقدير مدى كفايتها في إثبات الفعل من عدمه، والحكم فيها بناء على اقتناعها الصميم.
وحيث علل قاضي التحقيق المتابع قراره بعدم متابعة المتهمين *** و*** من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه وتكييف الواقعة على أنها حادثة سير نتج عنها وفاة، على إنكارهما المتواتر لهذا الفعل وعلى خلو الملف مما يفند هذا الإنكار، ولانعدام أي دلائل أو قرائن ضدهما، في حين أن البحث الذي أجرته المفتشية العامة للشؤون القضائية والسيد المقرر أفرز أن السيد قاضي التحقيق لم يحرص على مناقشة تصريحات المتهمين التمهيدية التي يعترفان فيها بالاعتداء على الضحية، حيث صرح المتهم الأول أنه وعلى إثر خلاف مع الضحية ترجل من سيارته ووجه لكمات عنيفة للضحية أسقطته أرضا على الرصيف مما تسبب له في جرح غائر ودام على مستوى مؤخرة رأسه، وهي التصريحات التي أكدها المتهم الثاني مضيفا أنه ساهم في الاعتداء على الهالك، كما لم يناقش معاينة الشرطة القضائية لقميص المتهم الذي يحمل بقعا لدم الضحية، ومعاينة عناصر الشرطة للضحية وهو يحمل جرحا غائرا على مستوى مؤخرة رأسه، وتقرير التشريح الطبي، ومحضر المعاينة المنجز على سيارة المتهم الأول الذي يفيد غياب أي آثار للحادثة عليها، وكذا محضر إعادة تمثيل الجريمة، كما لم يتعرض لشهادة الشاهد *** بمرحلة التحقيق التي جاء فيها أنه عاين الهالك ساقطا أرضا، وعاين المتهم الأول الذي كان راجلا يهم بالرجوع إلى سيارته، والحال أن هذا الأخير حين الاستماع إليه أول مرة بمرحلة البحث التمهيدي حينما تقدم تلقائيا للتبليغ عن حادثة السير المفترضة، صرح أنه صدم الضحية ولاذ بالفرار مباشرة.
وحيث إن السيد قاضي التحقيق عند مواجهته بهذه الدلائل والقرائن أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية ادعى من جهة أولى أن اعتراف المتهم الأول أمام الضابطة القضائية انتزع منه تحت الضغط والإكراه، والحال أن الثابت من تقرير السيد المقرر أن المتهم لم يصرح إطلاقا أمام السيد قاضي التحقيق بكون اعترافاته التمهيدية انتزعت منه تحت الضغط والإكراه، في الوقت الذي صرح فيه السيد قاضي التحقيق نفسه أن العمل جرى على أن مجرد تراجع المتهم عن تصريحاته التمهيدية لا يؤدي إلى استبعادها، إلا إذا وجدت وقائع تؤكد هذا التراجع؛ وأكد من جهة ثانية أن بقع الدم العالقة بقميص المتهم علقت به عند تغيير معالم الحادثة؛ في حين التزم من جهة ثالثة الصمت عند مواجهته بمحضر المعاينة الذي يفيد أن سيارة المتهم لا تحمل أي آثار للحادثة المفترضة؛ فيما برر من جهة رابعة عدم مناقشة تقرير التشريح الطبي بكونه مجرد إغفال وسهو.
وحيث إن الثابت مما سبق بيانه أعلاه أن طريقة معالجة السيد قاضي التحقيق المتابع للقضية موضوع الشكاية قد شابتها العديد من الاختلالات التي مست صميم التزاماته المهنية، باعتبار أن الثابت من هذه الوقائع أن السيد قاضي التحقيق المذكور لم يول القضية المذكورة العناية اللازمة خلافا لما يفرضه عليه التزامه الدستوري والقانوني بالتطبيق العادل للقانون، وبحماية حريات الأفراد وأمنهم القضائي، مخالفا بذلك مبدأ الكفاءة والاجتهاد الذي يعتبر تجسيدا لالتزام القاضي بالتطبيق العادل للقانون، والذي يفرض عليه حسب المادة 15 من مدونة الأخلاقيات القضائية مواكبة المستجدات القانونية والاجتهاد القضائي والمواضيع العامة والممارسات الفضلى ذات الصلة بالعمل القضائي، والحرص على ضمان جودة الأحكام والقرارات القضائية، وإعطاء القضايا التي ينظر فيها كامل العناية من خلال الدراسة القبلية لها وإعطائها الوقت الكافي من البحث والتمحيص وبمنتهى العناية، والبت فيها داخل آجال معقولة، وكل ذلك قصد تحقيق الهدف الأسمى وهو ضمان ثقة المتقاضين في العدالة.
وحيث إن هذه الاختلالات تتمثل في خلو تعليلات قرار انتهاء التحقيق الصادر عن السيد قاضي التحقيق في هذه القضية، مما يفيد إحاطته بجميع المعطيات الواردة بالملف، ومناقشته لجميع العناصر والوقائع التي يمكن أن تشكل وسائل إثبات للجريمة موضوع المطالبة بإجراء التحقيق، بالإضافة إلى تحويره للوقائع حينما اعتبر أن اعترافات المتهم الأول التمهيدية انتزعت منه تحت الضغط والإكراه والحال أن المتهم نفسه لم يصرح بهذا التصريح لا عند مثوله أمام السيد الوكيل العام للملك، ولا عند استنطاقه ابتدائيا وتفصيليا أمامه حسب الثابت من البحث الذي أجراه السيد المقرر حول هذه النقطة، بالإضافة إلى تناقضه حينما أكد أن العمل القضائي جرى على أن مجرد تراجع المتهم عن تصريحاته التمهيدية لا يؤدي إلى استبعادها إلا إذا وجدت وقائع تؤكد هذا التراجع، والحال أنه أخذ بتراجع المتهم عن اعترافاته التمهيدية باعتدائه على الضحية رغم أن ملف النازلة يتضمن مجموعة من الأدلة والقرائن التي تؤكد هذا الاعتراف وتعززه مقابل غياب العناصر أو الوقائع التي تؤكد خلافه، بالإضافة إلى اعترافه الصريح أمام المفتشية العامة وأمام السيد المقرر من كون عدم مناقشة تقرير التشريح الطبي كان نتيجة إغفال وسهو، والتزامه الصمت أمام المفتش العام عندما عرضت عليه المعاينة المنجزة على سيارة المتهم، مؤكدا أن لا جواب لديه بهذا الخصوص، بالإضافة إلى عدم مناقشة تصريحات الشاهد *** بمرحلة التحقيق، ومحضر معاينة سيارة الهالك، وكونها لا تحمل أي آثار للحادثة المفترضة، ومحضر معاينة جثة الهالك وكونه يحمل جرحا غائرا على مستوى مؤخرة رأسه، ومحضر معاينة قميص المتهم الأول الذي حجز من داخل غرفة نومه وهو يحمل آثارا لبقع دم الضحية، وعدم مناقشة ما ورد في محضر إعادة تمثيل الجريمة والصور الملتقطة خلال هذه العملية. هذا فضلا عن التناقض الذي حصل فيه السيد قاضي التحقيق المتابع حينما صرح بمتابعة المتهم الأول من أجل جنحة إهانة الضابطة القضائية بالبلاغ الكاذب لكون ذلك يتناقض تماما مع النتيجة التي توصل إليها من كون الواقعة المنسوبة للمتهم تشكل حادثة سير، باعتبار أن النيابة العامة، حينما طالبت بإجراء تحقيق ضد المتهم الأول من أجل هذا الفعل، إنما اعتمدت على تصريحاته أمام شرطة السير حينما حاول إيهام عناصر الشرطة أن الأمر يتعلق بحادثة سير واعتبرتها - بعد أن تراجع عنها بعد تعميق الأبحاث معه – تشكل العناصر المكونة لجنحة البلاغ الكاذب.
وحيث بذلك يكون الفعل التأديبي المنسوبة للقاضي السيد (س) والمتمثل في الإخلال بالواجب المهني ثابت في حقه ويتعين مؤاخذته من أجله.
واعتبارا لمبدأ التناسب بين الفعل التأديبي الثابت في حق القاضي المتابع وفق ما هو مفصل أعلاه والعقوبات الوارد النص عليها في المادة 99 من النظام الأساسي للقضاة، وبالنظر لخطورة هذا الفعل ولخطورة الآثار الناتجة عنه لمسها بالأمن القضائي وبثقة المتقاضين في رسالة القضاء؛
لأجله
قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة (06) ستة أشهر، مع الحرمان من أي أجر باستثناء التعويضات العائلية، في حق السيد (س)، المستشار بمحكمة الاستئناف ب***، من أجل ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، مع نقله إلى محكمة الاستئناف ب*** بصفته مستشارا بها.
توقيع عضو المجلس المكلف بصياغة القرار | الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية |
عبد اللطيف طهار | مَحمد عبد النباوي |