موجب الإحالة: الإخلال المهني - عدم اتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة. 27-02-2024
قاضي النيابة العامة، وإن كان ملزما بالامتثال لتعليمات الوكيل العام، فإنه يلزم أن تكون هذه التعليمات قانونية متوافقة مع التطبيق السليم للقانون تحت طائلة المسؤولية التأديبية.
قضية السيد: (س)
نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***
مقرر عدد:
أصل المقرّر المحفوظ بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بتاريخ 17 شعبان 1445ه الموافق ل 27 فبراير 2024
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو يبت في القضايا التأديبية برئاسة السيد: مَحمد عبد النباوي بصفته رئيسا منتدبا للمجلس و بعضوية السادة: مولاي الحسن الداكي – محمد بنعليلو – أحمد الغزلي– محمد زوك – محمد الناصر – خالد العرايشي – سعاد كوكاس - عبد اللطيف طهار – عبد اللطيف الشنتوف – يونس الزهري – عثمان الوكيلي- المصطفى رزقي- أمينة المالكي-نزهة مسافر.
بحضور السيد منير المنتصر بالله: الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
بناء على دستور المملكة ولاسيما الفصل 113 منه؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 جمادى الثانية 1437 (24 مارس 2016) كما تم تعديله وتغييره؛
وبناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 09 نونبر 2017؛
ملخص الوقائـع
بناء على تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية رقم *** المؤرخ في 14/12/2016 والمودع لدى أمانة المجلس بتاريخ 16-12-2021، والذي يستفاد منه أنه بناء على رسالة المسمى *** والمعتقل على ذمة قضية تتعلق بمسك المخدرات والاتجار فيها والمشاركة في ذلك والمتاجرة في الخمور والمقدمة منه من داخل السجن المحلي ب*** إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** والتي أوضح فيها أنه أنهى عقوبة تسعة (09) أشهر المحكوم بها وأنه لازال رهن الاعتقال والتمس فتح تحقيق حول قضيته والتي تتلخص وقائعها في كون السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ب*** تابعه من أجل ارتكابه جرائم مسك المخدرات والاتجار فيها والمشاركة في ذلك والمتاجرة في الخمور وبيعها للمغاربة المسلمين وخرق الأحكام المتعلقة بحركة وحيازة المخدرات داخل الدائرة الجمركية وهي المتابعة التي فتح لها الملف الجنحي التلبسي اعتقال صدر بشأنه حكم ابتدائي قضت بموجبه هيئة المحكمة بعدم مؤاخذة المتهم من أجل بيع الخمور للمغاربة المسلمين والتصريح ببراءته من ذلك، وبمؤاخذته من أجل باقي المنسوب إليه والحكم عليه بتسعة (09) أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها *** درهم وبأدائه لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة غرامة قدرها *** درهم مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإكراه البدني في الأدنى.
وأنه بعد الطعن بالاستئناف في الحكم المذكور من النيابة العامة والمتهم فتح للقضية الملف الجنحي التلبسي الاستئنافي اعتقال، أصدرت بشأنه غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف ب*** برئاسة *** وعضوية المستشارين *** قرارا قضت بمقتضاه ببطلان الحكم المستأنف وإرجاع الملف إلى المحكمة الابتدائية ب*** للبت فيه طبقا للقانون مع حفظ البت في الصائر، معللة ذلك بما يلي:
"حيث إن الحكم المستأنف أدان المتهم من أجل ترويج الخمور طبقا للفصل 1 من قرار 17 يوليوز1967 بعلة اعترافه التمهيدي بمحضر يستمد قوته الصدقية من مقتضيات المادة 290 من ق م ج، وبرأه من أجل بيع الخمور بعلة أن المتهم لا يستغل أية مؤسسة تتوقف على رخصة بمفهوم الفصل 28 من قرار17-07-1967 وبالتالي يكون قد تضمن تعليلات متناقضة، والحال أن الحكم المستأنف كان عليه بدل تبرئة المتهم من بيع الخمور وإدانته من أجل الاتجار فيها الاقتصار على إدانة المتهم من أجل بيع الخمور والاتجار فيها بالتنصيص على أن الفصل الواجب التطبيق على وقائع النازلة هو الفصل 1 من المرسوم المذكور، مما يجعله مخالفا لمقتضيات الفصل 370 من ق م ج الفقرة الثالثة ويتعين تبعا لذلك التصريح ببطلانه وإرجاعه للمحكمة الابتدائية ب*** للبت فيه من جديد وطبقا للقانون."
وبناء على الطعن بالنقض الذي تقدمت به النيابة العامة قضت محكمة النقض بنقض وإبطال القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف ب*** وبإحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد طبقا للقانون وهي مؤلفة من هيئة أخرى، وذلك بالعلة التالية:
"لما قضت ببطلان الحكم الابتدائي وإرجاعه للمحكمة الابتدائية ب*** للبت فيه من جديد لم تبرز الأساس القانوني الذي اعتمدته في ذلك، والحال أنه كان عليها أن تتصدى عملا بالأثر الناشر للاستئناف تطبيقا للمادة 396 من ق م ج، علما أن الحكم الابتدائي بت في جوهر القضية وفي جميع عناصرها، وهي عندما لم تفعل خرقت المواد أعلاه وعرضت قرارها للنقض والإبطال."
وخلال الفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ صدور القرار الاستئنافي وتاريخ صدور قرار محكمة النقض كان المتهم *** قد أنهى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه من طرف المحكمة الابتدائية، وتقدم من داخل السجن المحلي ب*** برسالة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** أوضح فيها أنه أنهى عقوبة تسعة (09) أشهر المحكوم بها، وأنه لازال رهن الاعتقال والتمس فتح تحقيق حول قضيته، كما تقدم دفاعه بطلب إلى الوكيل العام للملك من أجل رفع حالة الاعتقال التعسفي عنه، مستندا في ذلك على كون مدة اعتقاله تجاوزت المدة المحكوم بها.
وعلى إثر الطلبين المذكورين أعلاه، تقدمت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف ب*** بملتمس إلى غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف ب*** بتاريخ 23-06-2021 وموقع من نائب الوكيل العام المتابع، التمست بموجبه من الغرفة البت في الوضعية الجنائية للمتهم من حيث استمرار الاعتقال من عدمه، وأصدرت الغرفة قرارا بتاريخ 23 يونيو2021 في الملف عدد *** قضت فيه بعدم اختصاصها للبت في الطلب وإحالة الملف على من له حق النظر.
وتقدم دفاع المتهم بطلب يرمي إلى تمتيع موكله بالسراح المؤقت في إطار المادة 180 من ق م ج وبعد عرضه على غرفة الجنح الاستئنافية بتاريخ 25-06-2021 أكده نائب الوكيل العام المتابع بصفته ممثلا للنيابة العامة بالجلسة، وأن الغرفة المذكورة أصدرت بخصوصه في نفس التاريخ قرارا في الملف عدد *** قضت بموجبه برفض طلب السراح المؤقت.
وبعد أن قضت محكمة النقض بموجب قرارها عدد *** بتاريخ 30-06-2021 في الملف عدد *** بإبطال ونقض القرار الاستئنافي، وبعد إحالة الملف على محكمة الاستئناف ب*** فتح للقضية الملف الجنحي التلبسي الاستئنافي اعتقال عدد *** وبعد مناقشة القضية من جديد أصدرت غرفة الجنح الاستئنافية بتاريخ 05-07-2021 قرارها القاضي بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا فيما قضى به من إدانة المتهم من أجل جنحتي المشاركة في مسك المخدرات والمشاركة في الاتجار فيها وتصديا الحكم ببراءته منهما، وبتأييده في باقي ما قضى به.
وفي مستهل البحث اطلعت المفتشية العامة على الوضعية الجنائية للسجين ***، فتبين لها أنه كان من المقرر أن يفرج عنه بعد تنفيذ عقوبة (09) أشهر حبسا نافذا المحكوم بها ابتدائيا يوم 31-05-2021، وبعد صدور قرار غرفة الجنح الاستئنافية الأول بتاريخ 07 دجنبر2020 القاضي ببطلان الحكم المستأنف وإرجاع ملف القضية للمحكمة الابتدائية للبت فيه من جديد، ظل رهن الاعتقال الاحتياطي إلى أن تم الافراج عنه بتاريخ 5 يوليوز2021 على إثر إصدار غرفة الجنح الاستئنافية بعد النقض والإحالة قرارا ثانيا قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف حيث أن السجين المعني بالأمر تجاوز المدة المحكوم بها عليه ابتدائيا بشهر واحد و05 أيام.
واستمعت هيئة التفتيش لأعضاء الهيئة التي أصدرت القرار الذي قضى ببطلان الحكم الابتدائي وإرجاع ملف القضية للمحكمة الابتدائية ب*** للبت فيه من جديد، حيث أجمعوا أنهم استندوا في قرارهم هذا على ما جرى به العمل بمحكمة الاستئناف ب*** ولكون الحكم عندما يُعدم قانونا بالبطلان لا تملك معه المحكمة حق التصدي، وبعد الاطلاع على قرار محكمة النقض الذي اعتبر أن المحكمة لم تبرز السند القانوني، وفي غياب نص صريح في قانون المسطرة الجنائية يخول للمحكمة بطلان هذه الأحكام لمخالفتها لمقتضيات 370 من ق م ج التي هي آمرة ولها علاقة بالنظام العام، فإن المحكمة لا يمكن لها أن تصحح شيئا معدوما من الوجهة القانونية، وبخصوص القرار الثاني الذي قضى بعدم الاختصاص للبت في ملتمس النيابة العامة بشأن استمرار اعتقال السجين من عدمه، فإن أعضاء الهيئة أجمعوا أنهم خلال المداولة ظهر لهم أن المحكمة ليست هي الجهة التي أمرت باعتقال المتهم للقول بما إذا كان الاعتقال تعسفيا أم غير ذلك، بل النيابة العامة هي التي أصدرت الأمر باعتقال المتهم، كما أن التأطير الذي أطرت به النيابة العامة ملتمسها الكتابي يتعارض مع الطلب الذي تقدم به الدفاع الرامي إلى رفع الاعتقال التعسفي عن المتهم، وبالتالي يرجع النظر للبت في الطلب إلى الجهة المصدرة للأمر بالاعتقال، مما تبقى معه المحكمة غير مختصة.
وعند الاستماع للسيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب***، أوضح أنه بادر إلى إشعار رئاسة النيابة العامة بوضعية متهم كان في حالة اعتقال تحكمى بناء على تعليمات السيد الوكيل العام للملك، وأن الطلبين الذين تقدم بهما المتهم ودفاعه أمام النيابة العامة، دار بخصوصهما نقاش مع السيد الوكيل العام للملك ونواب الوكيل العام للملك، فاستقر الأمر على تقديم ملتمس إلى المحكمة للبت في وضعية المتهم، وأن النيابة العامة استندت في طلبها على مقتضيات المادتين 599 و 600 من ق م ج على اعتبار أن هناك منازعة في استمرار الاعتقال من عدمه، وما دام أن المتهم معتقل بناء على مقرر قضائي، وأن النقاش انتهى إلى أن المقرر القضائي أعدم بعد إبطاله، وأصبح سند الاعتقال هو أمر السيد وكيل الملك، وهو الذي كان موضوع المنازعة لأن المحكمة أبطلت الحكم برمته دون أن تنص على استمرار الاعتقال من عدمه، كما أشار إلى أنه لم يمثل النيابة العامة بالجلسة، وأنه لم تكن هناك منازعة في مقرر قضائي، وأن عدم تطبيق مقتضيات المادة 532 من ق م ج يرجع إلى عدم إشارتها لحالة البطلان، لذلك فإن النيابة العامة لم تصدر أمرا بالإفراج عن السجين، وحول ما ورد في توضيحه بالجلسة باعتباره ممثل النيابة العامة من اعتبار ملتمس النيابة العامة بمثابة طلب ضمني بالسراح المؤقت أفاد أن الملف كان لا زال معروضا أمام محكمة النقض، وأن العقوبة المحكوم بها من طرف المحكمة قد انقضت والمتهم لازال معتقلا، وأنه أصبح تبعا لذلك معتقلا احتياطيا حتى لا يظل المتهم في حالة اعتقال، وأنه لما طلب تطبيق القانون بعد ذلك بخصوص المادتين 599 و600 من ق م ج وهو البت في وضعية المتهم الجنائية، وأنه لما صدر قرار بعدم الاختصاص اعتبرت النيابة العامة أن المحكمة صرحت بأن الأمر لا يتعلق بمنازعة في التنفيذ، فتقرر تقديم طلب بالسراح المؤقت بناء على طلب دفاع المتهم، في إطار المادة 180 من ق م ج، على اعتبار أن المتهم معتقل احتياطيا والملف لازال معروضا على محكمة النقض، ولم يتم رفع الاعتقال عن المتهم لأن موجبات المادة 532 أعلاه لا تنص على حالة البطلان، وهو الأمر الذي أدى إلى تطبيق مقتضيات المادة 180 ق م ج، وأكد في الأخير على أن كل ما تقرر اتخاذه كان بناء على تعليمات السيد الوكيل العام للملك وتحت إشرافه وبعد المناقشة مع جميع أعضاء النيابة العامة.
وبناء على كتاب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عدد*** وتاريخ *** القاضي بتعيين السيد ***، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** مقررا للقضية، طبقا للمادة 88 من القانون المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وبناء على التقرير الأول للمقرر الذي أودعه بأمانة المجلس والذي استمع فيه إلى السيد (س)، وكذا التقرير التكميلي الذي أنجزه المقرر أيضا استنادا لقرار المجلس في اجتماعه المؤرخ في 11 أكتوبر 2022.
وبناء على قرار الرئيس المنتدب المؤرخ في17-11-2023 والرامي لإحالة السيد (س) على المجلس طبقا للمادة 90 من القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل الإخلال المهني، وذلك بعد اطلاعه على التقريرين المنجزين من طرف السيد المقرر وكذا على اقتراح لجنة التأديب (لجنة الأخلاقيات) في اجتماعها المؤرخ في 23-10-2023 الرامي إلى الإحالة.
وبناء على الاستدعاء الموجه للسيد (س) للمثول أمام المجلس بتاريخ 27 فبراير 2024، والذي توصل به بتاريخ 20/02/2024 حسب الشهادة طي الملف.
وبناء على جميع وثائق الملف التأديبي والموضوعة رهن إشارة المتابع السيد (س).
وبجلسة27/02/2024 حضر السيد (س)، وأكد أنه اطلع على ملفه التأديبي، وأنه مستعد لمناقشة قضيته، وبعد أن قدم المقرر تقريره أمام المجلس، وتم الاستماع إلى المتابع مدليا بأوجه دفاعه، ومؤكدا تصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة وأمام المقرر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث أحيل السيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** على أنظار المجلس للنظر فيما نسب إليه من إخلال مهني.
وحيث تمّ الاستماع للسيد (س) وصرح بما هو مفصّل في الوقائع أعلاه؛
وحيث إن الملتمس الذي تقدم به نائب الوكيل العام للملك المتابع إلى غرفة المشورة، باعتبارها هي المختصة للبت في المنازعات في التنفيذ لم يكن مؤسسا لكون غرفة المشورة بموجب المادة 597 ق م ج تختص بالنظر في إشكالات تنفيذ المقررات الغير القابلة لأي طريق من طرق الطعن العادية، أو الطعن بالنقض لمصلحة الأطراف، والحال أن النازلة تتعلق بقرار استئنافي مطعون فيه بالنقض ولازالت محكمة النقض لم تصدر بعد أي قرار بخصوصه، كما أن ملتمس تمتيع المعتقل بالسراح المؤقت يبقى بدوره غير مؤسس، مادام السجين أنهى مدة الحبس المحكوم بها عليه ابتدائيا، وعملا بمقتضيات المادة 404 من ق م ج التي توجب أنه بالرغم من الاستئناف فإنه يتعين الإفراج على المتهم المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بمجرد ما يقضي المدة المحكوم بها، كما أن المادة 532 من ق م ج تنص على أنه يبقى المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية رهن الاعتقال الاحتياطي إذا كان معتقلا احتياطيا وذلك أثناء أجل الطعن بالنقض أو في حالة تقديم هذا الطعن، غير أنه يفرج عنه بمجرد ما يقضي العقوبة المحكوم بها.
وحيث إن القاضي (سواء في الرئاسة أو النيابة العامة) عليه واجب دستوري بموجب الفصل 117 من دستور المملكة يتجلى في توليه حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، وهو ما تم التأكيد عنه أيضا بموجب المادة 41 من القانون التنظيمي رقم:13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، والحال أن ما قام به المتابع من تصرف سلبي يتمثل في عدم اتخاد الإجراءات القانونية الصحيحة المنصوص عليها في المادتين 404 و532 من ق م ج والمتطلبة للإفراج على السجين، وبالرغم من توصله برسالة منه وأيضا بطلب دفاعه الرامي إلى رفع حالة الاعتقال عنه لإنهائه مدة العقوبة المحكوم بها، فإنه بذلك يكون قد أخل صراحة بالواجب الدستوري والقانوني المذكور ومنه تطبيق القانون، والذي يدخل في نطاق الإخلال بالواجب المهني المنسوب إليه.
وحيث إن ما تمسك به المتابع من كون الإجراءات التي قام بها كانت بناء على تعليمات الوكيل العام للملك وبعد إجماع زملائه باستئنافية *** بخصوص المساطر التي يتعين ممارستها بخصوص النازلة، وهو ما عمل على القيام به، فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية بالنظر لعدم إعماله النصين القانونيين الصريحين والواجب تطبيقهما على النازلة، والمتمثلين في المادتين 404 و532 من ق م ج، وان تنفيذه لتعليمات الوكيل العام للملك بخصوص النازلة فإنه وبصفته قاض بالنيابة العامة ولئن كان ملزما بالامتثال للأوامر والملاحظات الصادرة عن رئيسه أي الوكيل العام للملك، وأيضا الالتزام بالتعليمات الكتابية الصادرة عن السلطة التي يتبع لها أي رئاسة النيابة العامة، وفق المنصوص عليه في المادة 43 من القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، فإنه في الحالتين معا يتعين أن تكون التعليمات الكتابية أو الأوامر والملاحظات قانونية وفق المبين بالمادة المذكورة، وعلى فرض صحة ما تمسك به بخصوص الاستشارة مع رئيسه المباشر، فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية المترتبة عن عدم تطبيقه السليم للقانون على النازلة محل التشكي وفق مفهومه الصحيح والواضح والمحدد بالمادتين 404 و532 ق م ج وفق المبين أعلاه.
وحيث إنه وانطـلاقا من كـــل ما ذكـر اقتــنع المجــلس يقينا أن نائب الوكيل العـــام للملــك المتابع قد أتى فعلا ما نسب إليه من إخلال بالواجب المهني، والذي تعتبره المادة 96 من القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة خطأ موجبا للمساءلة التأديبية، غير أنه وبالنظر لظروف النازلة وتبعا لما تمت مناقشته أمام المجلس وما ورد بوثائق الملف من كون الاتجاه الذي سلكه نائب الوكيل العام المتابع كان هو رأي زملائه بنفس النيابة العامة، وأن ممارسته لتلك المساطر، والتي تبين أنها غير صحيحة كانت نيته وغايته من ممارستها هو إيجاد حل قانوني للإشكالية المطروحة وبحسن نية، وهو ما اقتنع المجلس بصحته من خلال ما راج أمامه.
وحيث إن المجلس وفي إطــــار صلاحيته في المــوازنة بين ما هو ثابت بحق المتابع والعقوبة الواجبة بخـــصوص ذلك وفق المقرر بالمادة 99 من القانون التنظيمي رقم13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وبالنظر للملاحظات الإيجابية المسجلة بشأن المسار المهني للمتابع وإن الإخلال القائم بحقه لم يكن فيه أي أثر لسوء نيته، ارتأى المجلس توقيع عقوبة الإنذار بحقه.
لأجلـه
قرر المجلس علنيا وحضوريا اتخاذ عــقـوبة الإنــذار بحق السيد (س) نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب*** من أجل ما نسب إليه من إخلال مهني.
توقيع عضو المجلس المكلف بصياغة القرار | الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية |
سعاد كوكاس | مَحمد عبد النباوي |