وفي المداخلة الأولى لهذه الندوة أكدت السيدة خديجة بنجلون، المستشارة بديوان السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن تحقيق العدالة يعتبر تحديا حقيقيا يواجه مختلف دول العالم لكونه يشكل دعامة أساسية لتوطيد الديمقراطية الحقة، ومظهرا من مظاهر تقدمه أو تخلفه، وعاملا مؤثرا في تطوره الاقتصادي وتقدمه الاجتماعي.
وقالت السيدة خدجة بنجلون إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يولي أهمية بالغة للنجاعة القضائية بالمحاكم التجارية من خلال اتخاذه لمجموعة من التدابير، يتمثل أبرزها في إعداد استمارة حول تقييم المحاكم التجارية مخصصة للمسؤولين القضائيين بهذه المحاكم، والتنسيق والحوار مع الإدارات والمؤسسات التي يرتبط عملها ونشاطها بالقضاء التجاري، وإخضاع محاكم الاستئناف التجارية (3) والمحاكم الابتدائية التجارية (8) لافتحاص شامل ودقيق.
وأضافت المتحدثة أن المجلس يعمل في نفس السياق على تتبع أداء المحاكم التجارية، فضلا عن عقد اجتماعات الهيئة المشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة، والتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل من أجل توفير الوسائل الضرورية لعمل المحاكم التجارية وتأهيل الموارد البشرية وتنظيم دورات تكوينية تخصصية يشارك فيها القضاة العاملون بالمحاكم التجارية.
من جهته قال السيد عبد الإله حنين، رئيس قسم بالغرفة التجارية لمحكمة النقض، في مداخلة حول الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية، إن أهمية التحكيم تكمن في المهمة التي يقوم بها المحكمون، إذ أن الأطراف من خلاله يتفقون على سحب صلاحية البت في نزاعاتهم أمام القضاء الرسمي ومنحها للهيئة التحكيمية.
وأضاف السيد حنين أن المشرع أعطى عناية بالغة للوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية من خلال إقرار نصوص قانونية متطورة، من شأنها التحفيز على لجوء التجار والمستثمرين إليها، سواء فيما يتعلق بالتحكيم باعتباره قضاء مساعدا لقضاء الدولة الرسمي، في تولي مهمة حل المنازعات التجارية أو بالنسبة للوساطة الاتفاقية باعتبارها آلية تسهم في التخفيف من كثرة القضايا المعروضة عل القضاء.
وشكل موضوع المعالجة القضائية لصعوبات المقاولة محور مداخلة للسيد عبد الواحد صفوري، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، أبرز من خلالها أن المشرع قام بتعديل الباب الخامس من مدونة التجارة سنة 2017 للحفاظ على المقاولة، مؤكدا أن الغاية من حماية المقاولة كنسيج اقتصادي هو حفاظ المقاولة على مناصب الشغل، وعلى سداد ديونها، وهو ما دفع المشرع إلى توفير وقاية داخلية وأخرى خارجية ومسطرة المصالحة، ومسطرة الإنقاذ، ثم التسوية القضائية، وفي مرحلة أخيرة وضع التصفية القضائية كحل نهائي، وقدم السيد الصفوري تفاصيل عن هذه المراحل والمساطر الإجرائية التي تؤطرها.
وشددت السيدة خديجة بريطل، رئيسة المحكمة الابتدائية التجارية بالرباط، في حديثها عن الضمانات المنقولة والسجل الإلكتروني الوطني، أن صدور القانون 18.21 المتعلق بالضمانات المنقولة هو إصلاح أملته عدة اعتبارات، في إطار تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، ووضع إطار تحفيزي لتمويل الاقتصاد وتشجيع المقاولات ولا سيما المقاولات الصغرى التي لا تتوفر على ضمانات مهمة من أجل الحصول على القروض، كما هو الشأن بالنسبة للضمانات القديمة التي تتطلب التوفر على عقارات وأرصدة بنكية كبيرة.
وقالت السيدة بريطل إن القانون يهدف إلى تسهيل ولوج المقاولات إلى مختلف مصادر التمويل المتاحة، عبر تقديم الضمانات المنقولة المتوفرة لديها، وتحسين شروط تنافسية المقاولات، عبر تأمين عملية تمويل الاستثمار، وترسيخ مبدأ الشفافية، مع تعزيز عملية التعاقد في مجال الضمان، والحرص على تحقيق الأمن القضائي، خاصة أن الائتمان يعتبر عاملا أساسيا في نشاط المقاولة.
من جانبه قال السيد محمد أمين أبو العزيز، الأمين العام لمجلس المنافسة، إن الاسثتمار يعد قضية حيوية ومصيرية بالنسبة للمغرب، ويتوقف تعزيزه والاقلاع به على تحقيق المنافسة الشريفة والنزيهة، كآلية لتقوية ثقة المستثمرين في بلادنا كوجهة للاستثمار المنتج.
وأبرز السيد محمد أمين أبو العزيز أن الضمانات التي يمنحها الدستور للاستثمار في المغرب تعد ضمانات مهمة، حيث يقر في المادة 35 منه على مبدأ حرية الاستثمار، وحرية المنافسة كمبدأ دستوري، كما أن دسترة مجلس المنافسة تمنحه القوة المؤسساتية للفصل في النزاعات، مضيفا أن المغرب يمنح ضمانات أخرى للاستثمار تتمثل في قانون الأسعار والمنافسة وقانون مجلس المنافسة، وهي منظومة تضمن حرية المبادرة والمقاولة، وحرية المنافسة.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma