ويندرج هذا اللقاء في إطار دينامية التكامل المؤسساتي الهادف للتطبيق السليم والعادل لقانون المنافسة. إذ تعتبرهذه الورشة فرصة للقضاة المتخصصين، للتفاعل مع ثلة من القضاة الأوروبيين وخبراء في قانون واقتصاد المنافسة لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "CNUCED" ومجموعة البنك الدولي، وتدارُس عدة إشكاليات ذات الصلة بالجوانب المسطرية والمراقبة القضائية وسلطة التحقيق والطعون، وكذا منظومة الدفاع الخاصة بالممارسات المخلة بقواعد المنافسة والتركيزات الاقتصادية.
وخلال الجلسة الافتتاحية لهذه الورشة، أكد السيد مَحمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المجلس يُنفذ من خلال مشاركته في تنظيم هذه الدورات رؤيته الاستراتيجية المرتبطة بمجال تكوين قضاة المملكة، التي ترسم آفاقاً واعدة في تعميم وتوحيد تطبيق قانون المنافسة، بالنظر لما للقضاء من دور في تكريس الحكامة الجيدة وتحقيق الأمن القضائي والاقتصادي، وتثبيت مبادئ دولة الحق والقانون.
وقال السيد الرئيس المنتدب إن إشاعة تطبيقات قانون المنافسة وتوسيع مفاهيمها لدى القاضي من شأنه إنتاج قضاة مؤهلين للبت في هذا النوع من القضايا، وتعزيز قدراتهم في هذا المجال. وذلك لخصوصية قضايا المنافسة ولتعلق منازعاتها بما هو اقتصادي أكثر مما هو قانوني، وهذا هو الهدف المرجو من هذه الأوراش التكوينية، التي تم إغناء برنامجها بمحاور تهتم بدور القضاء في ضبط عملية المنافسة، ومجالات اختصاص المحاكم ومجلس المنافسة، وتمييز بعض التعاريف كالتحالفات والاتفاقات والاستغلال التعسفي، وضبط الممارسات المنافية لعملية المنافسة، ووسائل الإثبات المرتبطة بكل ممارسة على حدة، والاطلاع على مسطرة البحث والتحقيق، ومسطرة البت في القضايا المعروضة أمام مجلس المنافسة، واختصاصات هذا الأخير وأداورِه التقريرية والاستشارية، وخبراتِه في تحليل السوق الاقتصادية.
ومن جانبه، اعتبر السيد مولاي الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة أن تنزيل مبادئ الدستور المكرسة للمنافسة الحرة النزيهة والمشروعة، لا يتطلب فقط إرساء إطار قانوني متطور وفعال يروم حماية النهج الاقتصادي القائم على المبادرة الحرة، وتكريس الحكامة الجيدة، وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية للمنافسة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار، وإنما يقتضي أيضا مواكبة القضاة للمقومات المرتبطة بتوفير مناخ تنافسي سليم والتمكن من الآليات اللازمة لتفعيل الإجراءات المناسبة للتصدي لكل أشكال الاتفاقات غير المشروعة المنافية للمنافسة.
وأكد مولاي الحسن الداكي أن رئاسة النيابة العامة أولت أهمية بالغة لحماية الأسواق من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة والمساهمة في ضمان الشفافية والانصاف في العلاقات الاقتصادية من خلال السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها، وهو الأمر الذي تعكسه الدوريات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في هذا الشأن لا سيما الدورية عدد 4س/ ر ن ع بتاريخ 24 يناير 2020، والتي دعت من خلالها النيابات العامة لدى المحاكم إلى تفعيل المقتضيات الزجرية المرتبطة بمناخ الأعمال، لا سيما المواد من 68 إلى المادة 90 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
من جهته ركز السيد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة على اهمية الدورات التكوينية الرامية الى تبادل وتعميق الخبرات في مجال ذو أبعاد قانونية واقتصادية. إذ ستساهم حتما في الفهم الجيد والتأويل السليم للنصوص القانونية المتعلقة بالمنافسة داخل الأسواق، وكذا تراكم الخبرات والاجتهادات القضائية والأعمال الفقهية.
كما أكد السيد احمد رحو، على أن هذه المبادرة تنسجم مع روح القانون الرامية الى تكريس مبادئ دولة الحق والقانون وضمان الشفافية في المجال الاقتصادي وحماية المستهلك، التي تمر عبر التطبيق السليم لقانون المنافسة، من خلال قرارات مجلس المنافسة، القابلة للطعن امام القضاء، والهادفة إلى تقنين وتخليق السوق، على أسس قانونية متينة وتحاليل اقتصادية معمقة ومحكمة، مع الأخذ بعين الاعتبار بالمقارنة الشمولية للحكامة الاقتصادية الجيدة التي تضمن حقوق الفاعل الاقتصادي والمستثمر داخل السوق الوطني. اضافة الى إرساء اجتهاد قضائي وطني قوي البنياني يعزز التطبيق المحكم لقانون المنافسة، ويساهم بذلك في بناء مناخ الثقة وتعزيز الأمن القانوني وتحديث الاقتصاد.
زنقة الرياض، قطاع 16 حي الرياض، ص.ب 1789 الرباط
sg@cspj.ma